رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مقال روبرت بيب أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو في مجلة الشؤون الخارجية بعنوان «حماس تنتصر» يمكن أن يفتح مجالاعلميا جديدا لدراسة قوة الدول، وبناء مقاييس جديدة تتجاوز التركيز على القوة المادية، وتجعل المخططين الإستراتيجيين يدركون أهمية الفكر والتأثير على الشعوب والرأي العام.
ولأهمية ذلك المقال سأركز على أهم ما تضمنه من أفكار يمكن أن تسهم في تغيير الواقع واستشراف المستقبل؛ حيث يرى بيب: أنه بعد 9 أشهر لم تتمكن إسرائيل من هزيمة حماس بالرغم من استخدام القوة المادية؛ حيث ألقت على غزة 70 ألف طن من القنابل، ودمرت أكثر من نصف المباني في غزة، وقتلت 37 ألفا، ومنعت المواطنين من الحصول على الماء والطعام والكهرباء، وتركت كل سكانها على حافة المجاعة. ويؤكد المراقبون أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بالأخلاق، فلم يهتم بحياة السكان في غزة، واعتبر أن قتلهم مقبولا بهدف تدمير قوة حماس.. لكن بفضل العدوان الإسرائيلي أصبحت حماس أكثر قوة، تماما مثلما أصبحت حركة المقاومة الفيتنامية أكثر قوة بسبب عمليات التدمير التي قامت بها القوات الأمريكية في جنوب فيتنام عام 1966.
يقدم بيب الكثير من الأدلة على صحة النتيجة التي توصل لها، فبالرغم من عنف الضربات التي تلقتها ظلت حماس متماسكة، وتمكنت من تطوير أساليب حرب العصابات، وعاد مقاتلوها إلى شمال القطاع الذي ادعت إسرائيل أنها تمكنت من القضاء عليهم فيه.
لذلك يقول بيب: كان من الواضح أن إستراتيجية إسرائيل فاشلة تماما كما فشلت الإستراتيجية الأمريكية في حرب فيتنام؛ وهذا الفشل يعود إلى إساءة فهم مصادر قوة حماس؛ فإسرائيل فشلت في إدراك أن استخدام القوة التدميرية جعلت عدوها أقوى.
يضيف بيب أن المحللين ركزوا طوال الشهور الماضية على أعداد مقاتلي حماس الذين قتلتهم إسرائيل؛ حيث ادعت إسرائيل أنها قتلت 14 ألف مقاتل، لكن التركيز على الأعداد جعل من الصعب تقييم قوة حماس؛ فبالرغم من فقدانها لهذا العدد ظلت حماس تسيطر على غزة، وهذا يعني أنها تتمتع بتأييد هائل من المواطنين، يسمح لها بالحركة، والعودة بسهولة إلى المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
حتى لو أخذنا بالتقديرات الإسرائيلية لعدد مقاتلي حماس الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي؛ فإن حماس تملك المزيد من المقاتلين لاستعادة المناطق التي خسر الجيش الإسرائيلي الكثير من جنوده للسيطرة عليها، وتستطيع الاستمرار في شن حرب عصابات، وتطوير أسلحتها باستخدام القنابل التي لم تنفجر وإعادة تصنيعها، كما أنها تستطيع ضم الكثير من المقاتلين الجدد، والاعتماد على المواطنين في الحصول على المعلومات الاستخباراتية.
وهنا يجب أن نبحث عن مصادر قوة حماس التي يعتبر بيب أن أهمها هو قدرتها على الحصول على مؤيدين متطوعين من المجتمع المحلي في المستقبل.
وبذلك يصل بيب إلى أهم النتائج؛ وهي أن قوة حماس لا تقتصر على ما تملكه من عوامل مادية؛ يستخدمها المحللون لإصدار الأحكام على الدول؛ مثل حجم الاقتصاد، وقوة الجيوش وتفوقها التقني؛ فأهم مصادر قوة حماس هو قدرتها على جذب أجيال جديدة، وهؤلاء المقاتلون مستعدون للموت لتحقيق أهدافها.
وقدرة حماس على تجنيد مقاتلين جدد متجذرة، وهي تستمد التأييد من مجتمعها المحلي مما يسمح لها بتطوير مواردها المادية والبشرية، وهناك الكثير من المتطوعين الذين فقدوا أسرهم وأصدقاءهم مستعدون للانضمام لحماس التي يشعر المجتمع بأنها تقوم بحمايته ضد العدوان الإسرائيلي.
والمجتمع المحلي يعتبر أن هؤلاء المقاتلين الذين يتطوعون في مهام شديدة الخطورة شهداء، وهو يقدرهم ويحترمهم ويكرمهم، ويوفر لهم الشرعية ويفخر بهم.
وفي الوقت نفسه تقوم حركات المقاومة بخدمة مجتمعاتها المحلية، والعمل في المؤسسات الاجتماعية مثل المدارس والجامعات والجمعيات الخيرية، وهكذا أصبحت هذه الحركات مندمجة في مجتمعاتها المحلية.
إن القوة الحقيقية لحماس – كما يرى بيب - هو تأييد الشعب الفلسطيني، الذي يرى أن كل العمليات التي تقوم بها مشروعة، وهذا العامل أكثر تأثيرا من القوة المادية، وأدى العدوان الإسرائيلي إلى تزايد مؤيدي حماس وأنصارها، مما أدى إلى زيادة قدرتها على جذب الكثير من المقاتلين المتطوعين الجدد، وأصبحت قوة سياسية واجتماعية وعسكرية لا يمكن القضاء عليها.
لكن إسرائيل لا تدرك هذه الحقيقة، وليس هناك نهاية للصراع في غزة، والحرب سوف تستمر، والكثير من الفلسطينيين سوف يموتون، لكن المخاطر التي تتعرض لها إسرائيل سوف تتزايد.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
945
| 16 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
717
| 22 ديسمبر 2025