رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حظي الخطاب الأول لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، باهتمام كبير من جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية التي تنافست على قراءة مضمون الخطاب وتحليله وتفسيره وتأويله، وقد تقاطعت تلك القراءات في بعض الأحيان وتباينت أحيانا. غير أن أهمية الخطاب تكمن في عنصرين مهمين، أولهما أنه كان بمثابة إيذان بشروق شمس القيادة الشابة من دوحة العرب لتسطع أنوارها على العالمين العربي والإسلامي، وثانيهما أنه يبلور ملامح المرحلة المقبلة لنهج الحكم الذي اختاره أمير الشباب. صحيح أن جوهر الخطاب أكد أن الثابت والراسخ في سياسة سمو الأمير المفدى أنها ستكون امتدادا لنهج سمو الأمير الوالد، خصوصا في المبادىء والثوابت والمسلمات. لكن مع التمايز في الأسلوب والتكتيك والأدوات التي تحاكي تطلعات الشباب وروح العصر.وتتجلى هذه الروح في مضمون الخطاب الذي يستخلص منه اثنتا عشرة نقطة تغطي جميع القضايا التي تهم الداخل والخارج.
لقد اختار سمو الأمير تميم أن يبدأ خطابه بالوفاء لأمير العز مشيدا بما صنعه سموه من إنجازات رائدة بلغت حد المعجزة الحقيقية في جميع المجالات، ملخصا سمات حكم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بأنها علامة فارقة في تاريخ قطر، شهدت ثورة متدرجة وشاملة انتهت بإنجازات عملاقة، واصفا سموه بأنه شخصية فريدة تجمع الحكمة والعاطفة وحسن التخطيط والتدبير ويحظى بمحبة شعبه وله مكانة خاصة في قلوب الجميع.
هذه المكانة اكتسبها سمو الأمير الوالد لأنه ـ كما يقول سمو الأمير تميم ـ تولى القيادة في قطر حين كانت دولة عالقة في الماضي غير قادرة على النهوض والتطور، فوضع مشروعا إصلاحيا ونموذجيا تحولت معه قطر من دولة بالكاد تعرف على الخريطة إلى دولة راسخة البنيان وفاعل رئيسي في السياسة والاقتصاد والإعلام والثقافة على مستوى العالم. ولذلك فإن باني دولة قطر الحديثة ورائد قطر ونهضتها غادر منصبه في خطوة غير مسبوقة وهو منتصب القامة وفي قمة عطائه.
نجاح سمو الأمير الوالد بتحقيق معجزة النهضة التي أبهرت العالم، أثارت حسد الحاسدين الذين أساؤوا لقطر وأهلها. وعلى هذا الأساس جاءت النقطة الأولى في الخطاب وهي الأولوية التي حددها سمو الأمير تميم بالحفاظ على موقع قطر الذي ارتقى من دولة تصارع على بقائها ونموها إلى دولة راسخة المكانة والبنيان. وقد أوضح سموه أن الحفاظ على مكانة قطر يقوم على مبدأ تحقيق الفائدة لأهل قطر وإفادة الآخرين مع شرط بالغ الأهمية وهو تجنب الغرور لأنه يقود إلى الأخطاء بينما التواضع الذي عرف به القطرييون هو سمة الأقوياء الواثقين من أنفسهم.
وجاءت النقطة الثانية لتكون العنوان الأبرز لعهد سموه وهو العدل والإنصاف، حيث قال سموه: إن ما يصنع الولاية الرشيدة عند الأمة هو العدل والصدق والقدوة الحسنة، مستلهما من القرآن الكريم الآية الكريمة: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".
أما النقطة الثالثة فكانت إعلان سمو الأمير المفدى استجابته لنداء الواجب وعزمه على حمل الراية التي سلمه إياها سمو الأمير الوالد بكل فخر واعتزاز على رفعها عاليا تماما مثل فعل الأسلاف العظام. وهو بذلك يؤكد عزيمة على إدارة شؤون البلاد بكل مسؤولية واقتدار. وجاء برنامج عمل سمو الأمير في المرحلة المقبلة في مضمون النقطة الرابعة التي تضمنها خطاب سموه وهي رؤية قطر 2030 واستراتيجياتها الوطنية وخططها التنفيذية. وهذه الرؤية تضع مصلحة قطر وشعبها على رأس سلم الأولويات التي تشمل الإنسان والمجتمع والاقتصاد والسياسة والهوية والثقافة. قد باتت الرؤية واستراتيجياتها معلومة من الجميع خصوصا وأن العمل جار على تنفيذها وفق خطط خمسية تضمن الارتقاء بجميع مقومات الدولة إلى أعلى المستويات العالمية، وتحقيق أرفع معدلات الرفاهية والنماء والازدهار للشعب القطري.
النقطة الخامسة تناولت موضوعا التبس على البعض، ولذلك كان لابد من توضيحه، وهو أن تغير شخص الأمير في دولة قطر لايعني أن التحديات والمهام قد تغيرت لأن قطر أصبحت دولة مؤسسات، وهذا معناه أن مسؤولية كل وزارة ومؤسسة وهيئة أن تقوم بواجباتها وفقا للقانون بغض النظر عن المسؤول أو الشخص الذي يديرها. وبالتالي فإن استمرار العمل وفقا للأطر القانونية، يتطلب عملا دوؤبا لمواجهة التحديات التي تشمل الاستثمار في صناعة النفط والغاز والبنى التحتية وتنويع مصادر الدخل والاستثمار الواثق لصالح الأجيال. وقد شدّد سموه على أن التحدي الأبرز يبقى تنمية الإنسان بوصفه أغلى ثروات الوطن.
وتناولت النقطة السادسة في خطاب سموه أولوية النهوض بالاقتصاد الوطني، وبناء المرافق العامة وتطوير الخدمات، وقطاع الشباب والرياضة، وإعادة هيكلة الوزارات لتقليل الازدواجية، بحيث تكون جميع المجالات العامة تحت مسؤولية وزارات واضحة ومحددة.
وفي النقطة السابعة سلّط سمو الأمير المفدى الضوء على قضية بالغة الأهمية وهي الشفافية والجودة، حيث قال سموه: "عندما يتعلق الأمر بالتنمية البشرية لايقتصر الموضوع على مفهوم النمو كزيادة في معدل دخل الفرد بل يصبح الموضوع تحسن أدائه ونبل قيِّمه وجديته وإنتاجيته في العمل وإخلاصه لوطنه". وهكذا يرسم سموه الحد الفاصل بين النمو وبين التنمية الشاملة المستندة إلى جودة العمل والإنتاج وليس تخمة الثروة. ولذلك يوضح سموه أن الثروة دون معايير للتنمية تؤدي إلى إفساد الفرد ونشوء الشخصية الاتكالية وغير المنتجة. ويحدد سموه السبيل للوصول إلى الغاية المنشودة بتطوير الاستثمار في مجالات الصحة والتعليم والثقافة والرياضة،
مشددا على النجاح ليس بحجم الاستثمار بل بالنتائج والمخرجات. وهذا الأمر يستدعي الشفافية والتوقف باهتمام كبير عند النتائج داعيا إلى عدم التهاون إذا لم تؤت الاستثمارات النتائج المطلوبة، وذلك حتى لاتتحول الفائدة المرجوة إلى ضرر.
وحتى لايبقى هذا الموضوع البالغ الأهمية موضع تأويلات ملتبسة، فقد تحدث سمو الأمير بصراحة متناهية عن سبب عدم الحصول على النتائج المرجوة وقال: لاتتحقق النتائج المرجوة إذا حصل سوء تخطيط أو سوء إدارة أي باختصار سوء أداء ورعت تقارير غير صحيحة والتستر على أمور لايجوز التستر عليها وتحتاج إلى المعالجة الفورية.
هذا الوضوح الذي يبشرنا بعصر الشفافية والجودة أضاف عليه سمو الأمير المفدى نقطة أخرى لاتقل أهمية وهي عدم المجاملة في التعيينات، حيث قال: "لايجوز أن يعتبر أحد أن له حق أن يتعيّن في منصب أو وظيفة عمومية دون أن يقوم بواجباته تجاه المجتمع والدولة".
تقوم سياسة قطر الخارجية، على احترام قطر لالتزاماتها الإقليمية والدولية بما فيها الوعود الشفوية والعقود والمعاهدات، وقد حرص سمو الأمير على تحديد ماهو أعمق من ذلك حيث قال: نحن قوم نلتزم بمبادئنا وقيمنا، لانعيش على هامش الحياة، ولانمضي تائهين بلا وجهة ولاتابعين لأحد ننتظر منه توجيها لأنه أصبح السلوك المستقل من المسلمات في قطر التي تملك رؤية واضحة.
فقد كانت بشرى لكل المظلومين والمضطهدين في العالمين العربي والإسلامي، حيث أعلن سمو الأمير المفدى أن أبواب قطر مشرعة أمام كل مظلوم وأمام كل طالب حق، مؤكدا أنها ستبقى كعبة المضيوم، مثلما قالها مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد ورددها بعده سمو الوالد، وستبقى قطر على هذا العهد في نصرة المظلومين. وعلى هذا الأساس يأتي انحياز قطر إلى قضايا الشعوب العربية والوقوف مع تطلعاتها للعيش بحرية وكرامة بعيدا عن الفساد والاستبداد.
وفي موازاة ذلك النقطة الثامنة تكرس الانفتاح والتوازن في العلاقات الدولية والإقليمية، وذلك استنادا إلى مبدأ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في الانفتاح على دول الشرق والغرب في أمريكا وأوروبا وآسيا وإفريقيا. مع الحرص على الحفاظ على أفضل العلاقات مع جميع الحكومات والدول.
إن ما تضمنه خطاب سمو الأمير يعتبر برنامج عمل متكامل للعهد الجديد في قطر، والذي سيكون عهدا ذهبيا ساطعا بفضل روح العصر وحيوية الشباب التي أضافها سموه على النهج العريق المستمد من رؤية سمو الأمير الوالد. وسيبقى هذا الخطاب مرجعا لكل الإعلاميين والدبلوماسيين والمهتمين بالشأن القطري.
العدالة في بيئة العمل مبدأ قطري
جاءت مشاركة دولة قطر في جلسة التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية التي أقيمت على هامش مجلس إدارة منظمة العمل... اقرأ المزيد
81
| 20 نوفمبر 2025
واحدة من صفات عباد الرحمن، هي الحلم والإحسان وعدم مقابلة السيئ بمثله. لماذا ؟ لأنهم في طاعة الله... اقرأ المزيد
144
| 20 نوفمبر 2025
لا تبخلوا بكلمة حلوة..
• الإنسان كيفما كان، وأينما كان على هذا الكوكب، يحتاج الزاد والقوة والدافع ليتحرّك وينجز ويُبدع. يحتاج من... اقرأ المزيد
105
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025