رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التصريحات الأخيرة الخطيرة التي صرّح بها مؤخراً على قناة الجزيرة السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس كانت بمثابة وقفة أخرى لنا للتأمل عند الحديث عن الظلمة والمجرمين من أمثال بشار الأسد "قاتله الله" والذي كنت قد بدأت الحديث عنه وسأواصل ذلك حتى يسقط هذا الصنم المعبود من دون الله من قبل أنصار هذا الطاغوت في سوريا أو لبنان أو إيران والعراق أو حتى عندنا في دول الخليج العربي وفي قطر حيث يتعاطف زمرة وشرذمة قليلون مع هذا الطاغية الذين يؤيدونه في عقيدته وما يقوم به من قتل وسفك لدماء المسلمين، وللأسف فإن هؤلاء يضمرون الحقد الدفين على الإسلام وأهله، ويحقدون على أهل السنة والجماعة في شتى العصور والدهور، وليس بعد تعرضهم لعرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أدنى شك على كفرهم رغم تسترهم بالإسلام شكلاً ومظهرا، وما قولهم في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ذلك البهتان العظيم الذي افتراه أجدادهم من المنافقين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا إلا دليل على كفرهم الذي أخفوه في بواطنهم حقداً وكرهاً على الإسلام وأهله.
نعود لنتحدث عن تلك التصريحات التي قالها السيد خالد مشعل بأنه يُكنّ كل التقدير للنظام السوري لوقوفه مع حركة حماس واحتضانه لرموز وقادة الحركة وهو في الوقت نفسه يُكنّ كل التقدير للشعب السوري كذلك في إشارة إلى "مسك العصا من النص" وحينما تم سؤاله عن الرئيس السوري تحديداً لتضييق الإجابة حول رأيه عنه، قال إنه كذلك مع الشعب في مطالبته بالحرية والعدالة وهو ليس مع قمع الشعب السوري مختتماً حديثه بأن هذا شأن داخلي واستدعى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" وكأنه يختتم الحديث عن هذا الظالم بأنه راعٍ ومسؤول عن سوريا وعن الشعب السوري بالشكل الذي يراه.
إنني أدرك تعقيد الموقف لدى السيد خالد مشعل وعدم قدرته في قدح ووصف النظام السوري بأوصافه الحقيقية التي يستحقها خاصة أن سوريا استضافت قادة حركة حماس في الوقت الذي لفظتهم فيه كل الأنظمة العربية تقريباً خوفاً على مشاعر إسرائيل باستثناء قطر التي دعمت حماس بشكل متواصل، ولكني أدرك أيضاً بأننا يجب أن نتخذ مواقف بطولية رجولية في الشهادة بالحق وقول الحق حتى أمام سلطان جائر كهذا المجرم القاتل بشار الذي لا يستحق أن يكون راعياً لشعب مسلم أصيل كالشعب السوري ولهذا البلد العظيم الذي خرج منه العلماء والفقهاء والأدباء على امتداد التاريخ، وأدرك بأن خالد مشعل رجلٌ مجاهد يستحق كل المدح والتقدير باستثناء بعض مواقفه المفرطة في مدح الخميني مثلاً أو هذا الموقف عندما أسكته "صنع المعروف" عن قول الحق المطلق في شأن هذا القاتل المجرم.
ما من شك في أن السياسة تدار وفق مصالح مشتركة لا وفق مبادئ وأسس شرعية في الغالب، ولكن تبقى هنا النقطة الحاسمة التي يجب أن يتفوق فيها الجانب الشرعي على كل الجوانب الأخرى حتى وإن كانت سياسة بحتة ويترتب عليها عواقب قد تكون وخيمة، لأن الإسلام علّمنا بأن النصر ليس من عند هؤلاء الذين نتعلّق بهم كأسباب دنيوية متدنيّة، وإنما يتعلق النصر بأسباب دينية مرتبطة بقوة الإيمان والثقة بنصر الله حتى وفي أحلك الظروف وعندما يتخلى الآخرون عنك ويبقى الكل يتساءل "متى نصر الله" لتكون الإجابة بشكل قرآني فوري "ألا إن نصر الله قريب".
إنني أعتقد بأن خالد مشعل أخطأ في تلك التصريحات وبغض النظر عن المبررات التي قد يبررها وجود قادة حماس في كنف هذا الطاغية، وكان ينبغي عليه على أقل تقدير أن يبتعد عن مثل هذه التصريحات التي قد تجلب له القيل والقال، وكلنا يعلم بأن تصريحات خالد مشعل لا تمثل إلا نفسه وأقواله، فحركة حماس بتاريخها البطولي في جهاد العدو الصهيوني وبما خلّده تاريخها من رموز وشهداء قضوا نحبهم وآخرون ينتظرون، من أمثال الشيخ المجاهد أحمد ياسين والمجاهد عبدالعزيز الرنتيسي عليهم رحمة الله، فتلك الحركة ستبقى نجماً ساطعاً في سماء الجهاد في سبيل الله مع غيرها من حركات الجهاد الإسلامي لا حركات الذل والتواطؤ أو غيرها من حركات الإدعاء بمقاومة العدو الإسرائيلي كحزب الله وغيرها.. وللحديث بقية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8844
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5148
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4986
| 13 أكتوبر 2025