رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عبدالله العمادي

د. عـبــدالله العـمـادي

 

مساحة إعلانية

مقالات

519

د. عبدالله العمادي

ولكنكم تستعجلون

28 نوفمبر 2024 , 02:00ص

كانوا يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، أو يلقونه على النار، ثم كانوا يسحبونه عليها، فما كانت تنطفئ الجمرات المشتعلة إلا بسبب شحم ظهره.. هكذا كان نوع العذاب على خباب بن الأرت - رضي الله عنه - وهو ابن عشرين عاماً، حيث كان مولى عند إحدى سيدات بني خزاعة، وقد مارست أشد صنوف العذاب عليه بعد أن علمت بإسلامه، ضمن حملة تعذيب تفنن المشركون بمكة فيها ضد ضعاف المسلمين في بدايات الدعوة. وقد صبر خباب على التعذيب حيناً من الدهر، لكن اشتد كثيراً عليه حتى نفذ صبره، إن جاز لنا التعبير.

لم يجد حلاً لتخفيف بعض ما يعانيه، وخاصة أنه لم يكن هناك نصير ولا من يدافع عنه، إلا أن يشتكي وينقل الحال إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذهب إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو متوسدُ بردة له في ظل الكعبة. فقال له:

ألا تستنصر لنا؟

ألا تدعو الله لنا؟

رد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم وقال: «كان الرجل فيمن قبلكم، يُحفر له في الأرض فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيُوضع على رأسه، فيُشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه. والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون».

التوجيه النبوي كان واضحاً لا يحتاج لكثير شروحات وتفصيلات. طالبهم بالصبر والتصابر، وعدم استعجال النتائج أو النهايات، أو النصر على العدو. كان يعلم عليه الصلاة والسلام شدة العذاب الذي يلاقيه أتباعه المستضعفون، لكنه يعلم قوة وبأس العدو، وهو بعدُ لم يتمكن، وبالتالي ليس له ولأصحابه سوى الصبر حتى يأتي الله بأمر من عنده.

صناعة الرجال

كيف يصنع النبي الكريم رجالاً سيكونون هم الأساس في دعوته، إن لم يُصقَل أحدهم ويُمتحَن بصنوف العذاب البدني والنفسي؟ وكيف يريد بناء دولة ونشر دينها وقيمها دون أن يصنع رجالاً، يكون أحدهم أمة لوحده، يعتمد عليهم ليس في التبليغ فحسب، بل في الدفاع عن الدين والدولة والمعتقد والرسالة. هكذا كانت الدعوة المحمدية تسير.

غالبية من أسلموا من الصحابة في بدايات الدعوة، وعلى رغم أنه كانت رؤيتهم واضحة، وأن تغيير المعتقد والدين في بيئة وثنية جاهلة أمية، ليس بالأمر الذي يمكن أن يمر مرور الكرام، وأن الأمر سيتطلب منهم تضحيات كثيرة وكبيرة، منها خسارة الروح، إلا أن البعض القليل لم يتمكن من تحمل الأذى، فارتد عدد منهم والنبي بينهم،

بل انهار أحدهم من شدة التعذيب وهو عمار بن ياسر - رضي الله عنه – وأعلن كفره بالدين الجديد، لولا أن الرسول الكريم ثبته بآيات نزلت من القرآن، وأنه غير مؤاخذ على ما بدر منه، لأنه تعرض لضغوط وإكراهات على رغم إيمانه. ومنهم أيضاً من شدة التعذيب، مَن بادر واشتكى الحال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في حالة خباب بن الأرت، رضي الله عنه.

ما أشبه اليوم بالبارحة

الحالة التي عاشها المسلمون في مكة، هي التي يعيشها أهل غزة الآن. سنة كاملة تحت ألوان من العذاب البدني والنفسي. قتلٌ وتهجيرٌ وتجويعٌ وخوفٌ ورعبٌ وفقدانٌ للأمن والأمان. إضافة إلى كل تلك العذابات، يأتي الخذلان العربي والمسلم ليزيدهم ألماً إلى آلامهم، حتى يجد المرء أحياناً مجبراً على أن يتعاطف أو يجد العذر للبعض ممن بدأ يشتكي الحال ويتأفف، أو يجزع ويستسلم للأمر الواقع بصورة وأخرى، وإن كانوا على كل حال ليسوا بالعدد الذي يلفت الأنظار.

الشاهد من الحديث، أن أصواتاً في غزة بدأت تشكو الحال مثلما أدى الحال بالصحابي خباب بن الأرت ليشكو إلى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم – الذي قام بدوره وثبّتهم وطالبهم بالصبر وعدم الاستعجال. وهذا هو الأمر المطلوب أن يتكرر الآن ممن يثق بهم أهل غزة من العلماء، ورثة الأنبياء، ومن القادة الإيمانيين، وأهل الصدق والثبات.

مطلوب من كل أولئك القيام بدور تثبيت الأهالي وكذلك المجاهدين، وحثهم على عدم استعجال النصر الذي وإن تأخر فلحكمة يريدها الله سبحانه، ومطالبتهم بالكف عن استجداء هذا الزعيم أو ذاك، وتلك الدولة أو أخرى. إنما الله فقط لا غيره، فهو حسبهم ونعم الوكيل.

كما أن دورنا من الخارج، كلٌ في موقعه وبحسب قدراته والأدوات التي بيده، تعزيز وتثبيت أهل غزة بكل وسيلة ممكنة، ورد الشبهات والافتراءات والأكاذيب عنهم، وعدم تمكين أو فتح المساحات والمجالات لأدوات ووسائل العدو ومن عاونهم من خلخلة المجتمعات العربية المسلمة.

إننا نعيش أحلك فترات الليل، التي لابد أن تنقضي وتنقشع ببدايات فجر يوم، لا شك أن شمسه ستشرق في سماء صافية بلا غيوم الخذلان والخيانات والعداوات، لتبدد ظلام الكفر والعربدة الصهيونية.. نعم، التضحيات كبيرة وكثيرة، والآلام شديدة مستمرة. لكن النصر على قوة جالوتية غاشمة وكبيرة مدعومة، تحتاج طاقة طالوتية إيمانية صابرة من تلك التي كانت قد سرت في أرواح فئة قليلة كتب الله لها الغلبة نهاية الأمر، وبها قتل داود جالوت. وسيأتي بإذن الله، داود غزة ليقتل وينسف جالوت اليهود، المتمثل اليوم في المشروع الصهيوني المدعوم.

وما ذلك على الله بعزيز.. وإنما النصر مع الصبر كما في الحديث الصحيح.

اقرأ المزيد

alsharq النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي... اقرأ المزيد

231

| 12 ديسمبر 2025

alsharq عام على رحيل الأسد وانتصار الشعب

كان منتدى الدوحة المنعقد يومي 6 و7 ديسمبر الجاري فرصة متاحة للرئيس أحمد الشرع حتى يستخلص العبر من... اقرأ المزيد

81

| 12 ديسمبر 2025

alsharq نسيج الإنسان في مدارس قطر

اسمي موناليزا… نعم، أعرف ماذا تفكّرون الآن! مثل اللوحة الإيطالية الشهيرة تمامًا، لكن بيننا فرق بسيط: هي تجلس... اقرأ المزيد

123

| 12 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية