رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
دخل العام الانتخابي الأمريكي مراحله الصعبة والمريرة والمريبة أيضا، حيث تشهد هذه الفترة في أغلب الانتخابات الأمريكية تبادل الاتهامات بين المرشحين الرئاسيين من كلا الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي. وتحاول إسرائيل في هذه الفترة بالتحديد استمالة كلا المرشحين عبر التهديد والوعيد وكيل الاتهامات لهما معا أو كلاهما من أجل هدف واحد هو تحقيق مصلحتها العليا وليس مصلحة المواطن والشعب الأمريكي، ناهيك عن الابتزاز الذي تلعبه أي حكومة إسرائيلية في تلك المرحلة للخروج بأكبر قدر ممكن من المكاسب العسكرية والمساعدات الاقتصادية لتل أبيب بما يخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي على الجلوس في منصبه. ولم لا، فقد غرف من النعم الأمريكية لمصلحة إسرائيل.
هذه المرحلة الصعبة يصورها حاييم صابان مدير مركز صابان للأبحاث السياسية أو مركز ( سابان) باللغة الإنجليزية ومقره الولايات المتحدة، بقوله :" إنه كيهودي -أمريكي - إسرائيلي سيرشح باراك أوباما في انتخابات الرئاسة المقبلة".. وهنا يدافع صابان عن الرئيس الأمريكي الذي يتعرض لحملة شعواء من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو حاليا. ويركز صابان دفاعه على أن أوباما أقام علاقات صداقة ممتازة مع إسرائيل وحافظ على أمنها وأكد أنه سيحميها من أي تهديدات أجنبية لتكون صخرة صعب الاقتراب منها. ويستنكر صابان وبالمناسبة هو من جذور مصرية، ما يقوله المرشح الجمهوري ميت رومني بأن أوباما رمى إسرائيل تحت الحافلة. ولكن الرئيس الأمريكي في نظر صابان على عكس ما اتهمه به منافسه، اتخذ إجراءات صلبة من أجل الحفاظ على إسرائيل قوية اقتصاديا وأمنيا وعسكريا، وهو ما سبق وصرح الرئيس الأمريكي بأنه " التزام غير قابل للنقاش أو التفاوض".
ويشير صابان إلى أن أوباما عندما زار إسرائيل قبل انتخابه في السباق الماضي رأى كيف يتعرض القرويون الإسرائيليون للقصف من قبل سكان غزة، فقرر أنه في حال انتخابه كرئيس تقديم الدعم الأمني واللوجستي لنظام الدفاعي الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم " القبة الحديدية" لحماية سكانها، وهو ما نفذه بالفعل عندما جلس في البيت الأبيض. كما قرر زيادة حجم المساعدات لهذا المشروع في يوليو الماضي بمبلغ 70 مليون دولار بالإضافة إلى مبلغ الثلاث مليارات دولار التي تقدمها الولايات المتحدة سنويا لإسرائيل. كما أن أوباما لم يسبق أن يهدد بقطع المساعدات الأمريكية عن إسرائيل كما فعل جورج بوش الأب الذي قرر وقف المساعدات ما لم تلتزم إسرائيل بقرار وقف الاستيطان. ويوجه صابان سؤالا مهما إلى كل من يهتم بمستقبل العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويرد بنفسه الإجابة بأن أي مواطن إسرائيلي لم يكن يتخيل أن تكون العلاقات الإستراتيجية أفضل مما هي عليه الآن. ويقتبس عن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قوله في هذا الصدد :" تشهد العلاقات بين البلدين أفضل أوقاتها".. فالتعاون يشمل علاقات أوثق في المجال المعلومات المخابراتية بما فيها التعاون العسكري لإحباط أي مخططات إيرانية.
ويستنكر صابان ما يردده المرشح الجمهوري ميت رومني الآن من توجيه الاتهامات والانتقادات إلى نظام أوباما المتعلق بالتعاون مع إسرائيل، ويحاول الباحث اليهودي الأمريكي تذكير رومني بأن جورج بوش الابن فشل في تحجيم النظام الإيراني من مد عضلاته في المنطقة، وأنه هو الذي سمح للإيرانيين باللعب في العراق. في حين نجح أوباما في إقناع روسيا والصين في المشاركة في الحصار الاقتصادي على إيران، وتحديدا في إقناع روسيا في منع توريد نظامها الصاروخي إلى إيران. وفي المقابل، لم يحدد رومني كيف سيمنح إيران من تطوير مفاعلاتها النووية، على العكس تماما من موقف أوباما الذي أعلن مباشرة خططه لإحباط المشروع النووي الإيراني وكذلك تحديد خطط بديلة لاحتواء الملف النووي الإيراني، مثل قراره بنشر قوات إضافية في منطقة الخليج وتعليماته لعسكرييه بوضع كافة التصورات العسكرية لمواجهة إيران في حال قررت توجيه أسلحتها نحو إسرائيل. خاصة وأن الرئيس الأمريكي الحالي وليس المرشح رومني يعلم علم اليقين بأن إيران لم يسبق لها تهديد الولايات المتحدة أبدا وإنما دائما توجه تهديداتها إلى إسرائيل، وكذلك يعلن أوباما دائما أنه سيظل داعما لإسرائيل. والأمر المؤكد الذي يريد صابان توجيهه للأمريكيين الديمقراطيين والجمهوريين في الوقت الراهن، إن عليهم أن يأخذوا مواقف أوباما مأخذ الجد وإلا يتخلوا عنها مستقبلا، وبالتالي التصويت له في الانتخابات المقبلة.
ومن دلائل دعم أوباما لإسرائيل كما يحددها صابان أن العالم تخلى عن إسرائيل في المحافل الدولية بعكس الرئيس الأمريكي الذي أحبط خطط الفلسطينيين في إعلان الدولة من خلال مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. ناهيك عن التصويت ضد قرار دولي يندد بالمستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ثم بعد كل هذا يأتي السيد بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ليخاطب أوباما بلهجة آمرة ويطلب منه تحديد خطوط حمراء أمام النظام الإيراني بما يخدم دولة إسرائيل في شن هجوم عسكري شامل على المنشآت الإيرانية النووية لوقف الطموحات الإيرانية إلى الأبد. فنيتانياهو يستغل فترة الانتخابات ومدى حاجة كل مرشح إلى أصوات اليهود والدعم المالي لهذا اللوبي الخطير، ويطالب الرئيس الأمريكي بضرورة عدم التخلي عن إسرائيل في الوقت الراهن.. كما يستغل مزايدات رومني لأوباما بأنه لم يفعل بعد ما يفيد إسرائيل ويعمل على تأمينها!!
ورغم ما سبق من تصريحات وموقف حاييم صابان الباحث اليهودي الإسرائيلي الأمريكي الذي شدد على أن أوباما فاق كل أسلافه في خدمة إسرائيل ومستقبل إسرائيل، وأن ما فعله أوباما يعادل كل ما فعله الرؤساء الأمريكيون السابقون له.. يصعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو، من تهديداته بمهاجمة إيران، قائلا إنه إذا رفضت القوى العالمية تحديد خط أحمر لبرنامج طهران النووي فلا يمكنها أن تطالب إسرائيل بعدم شن هجوم. وبادر مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بتصعيد جديد في الخلاف مع الإدارة الأمريكية، وهذه المرة من خلال مهاجمة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، لأنها أعلنت عن رفض واشنطن طلب إسرائيل تحديد خطوط حمراء أمام إيران. واتهموها بأنها تسهل على الإيرانيين التقدم في عملية صنع قنبلة نووية.
ويشترك نيتانياهو وبعض مسئوليه في هذا الزعم حيث يؤكدون أن إيران لن توقف مشروعها النووي إلا إذا وضع العالم أمامها خطوطا حمراء واضحة تقول إنه في حال امتناعهم عن كذا في موعد محدد ما فسوف يدفعون ثمنا باهظا.
فنيتانياهو يقول :" إنه حتى الآن، نستطيع أن نقول بوضوح إن الدبلوماسية والعقوبات على إيران لم تكن فعالة.. إنها أصابت الاقتصاد الإيراني، ولكنها لم توقف البرنامج النووي الإيراني. هذه حقيقة، وحقيقة أخرى هي أن كل يوم يمر تقترب إيران من القنبلة النووية. وإذا علمت إيران أنه لا يوجد خط أحمر أو موعد أخير (ديدلاين)، ماذا ستفعل؟ ما تعمل اليوم بالضبط - أنها تواصل العمل دون هوادة من أجل امتلاك القدرة على تصنيع أسلحة نووية ومن ثم امتلاك الأسلحة النووية". ثم يتساءل نيتانياهو :" يقول العالم لإسرائيل إنه يجب عليها أن تنتظر لأنه يوجد وقت كاف، وأنا أتساءل: لم الانتظار؟! إلى متى؟! وليس لأولئك في المجتمع الدولي الذين يرفضون وضع خطوط حمراء أمام إيران الحق الأخلاقي بوضع ضوء أحمر أمام إسرائيل".
ربما كان ما سبق رغم أنه يتعلق بالعلاقات بين إسرائيل وأمريكا، لدلالة واضحة على مكانة العرب في السياسة الخارجية الأمريكية.. وهذا نزر قليل من بئر عميق.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8574
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5469
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4803
| 05 أكتوبر 2025