رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ملاك أحمد

ملاك أحمد

مساحة إعلانية

مقالات

514

ملاك أحمد

تحري أعظم الليالي

28 يوليو 2013 , 12:00ص

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} سورة كاملة أنزلها الله تعالى في ليلة القدر لما في تلك الليلة من الأجر العظيم والكبير، ولها من القدر الكبير والمقام الرفيع والشرف العظيم، فهي خير من ألف شهر، والعبادة فيها عظيمة وجليلة، بلغنا الله تلك الليلة.

ها هي العشر الأواخر ستبدأ، والعد التنازلي لوداع رمضان بدأ، فمن قصر في بداية الشهر الفضيل عليه أن يجتهد في هذه العشر، ويتحرى ليلة القدر لقوله عليه السلام (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)، ففيها تتنزل الملائكة، يرفرف السلام على الأرض من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، البعض يقول إن من تحرى هذه الليلة ودعا الله بقلب حاضر وبإخلاص قد تتغير أقداره، فإن كُتبت له مصيبة أو بلاء أو موت عزيز، فبدعواته تتغير أقداره وبعض السلف وضح بقوله (ما يقدره الله سبحانه وتعالى في رمضان قد يغير، ولكن ما في اللوح المحفوظ لا يغير، وفي رمضان تكون الكتابة السنوية في ليلة القدر التي يكتب الله سبحانه وتعالى فيها ما يكون إلى مثلها من السنة القادمة، وأيضاً يغير ما يكتبه الملك عند نفخ الروح فيه؛ حين يأمره الله تعالى أن يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فيغير ذلك، ولكن لا يغير ما في اللوح المحفوظ، هذا هو القول الأرجح) والله أعلم.

النبي عليه الصلاة والسلام حذر من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال أحيائها، فالذي يغفل عنها يحرم نفسه من ثوابها وخيرها، قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم)، والأرجح وقوعها في الليالي الفردية أي (الحادي والعشرون – الثالث والعشرون – الخامس والعشرون – السابع والعشرون وأخيراً التاسع والعشرون)، ولكن لا مانع أن نجتهد في العشر كلها لما في ذلك الفضل الكبير، وعلينا أن نكثر الدعاء أن يبلغنا الله تعالى تلك الليلة العظيمة، ويجعلنا ممن فاز في رمضان، ولا نعلم هل سنبلغ رمضان السنة القادمة أم نكون ممن ينتظر من يرفع يداه ويدعو لنا، اللهم بلغنا رمضان أعواما عديدة.

نافس أخي القارئ أن تكون ممن يبذل جهده في إحياء ليلة القدر، ليُكتب اسمك من السعداء، ويحرم جسدك من النار، ويوفقك الله تعالى، جاهد وابذل ما بوسعك واطلبها من رب العالمين ليكتبها لك، فالفوز بتلك الليلة هو فوز كبير، وليكن هدفك في تلك الليلة هو تحقيق جذري لتغير فيه من نفسك وتحاسبها قبل أن تُحاسب، سجل ذنوبك في صفحات، ثم ساوم نفسك وتحدى الشيطان بألا تعود لتلك الذنوب مهما كان، عاهد الله أن تتوب إليه وألا تعصيه بالكبائر، اجعل الله يفرح بتوبتك ويتقرب إليك باعا، اعقد العزيمة على تجاوز كل ذلك بالندم، الجأ إلى الله تعالى فبابه مازال مفتوحاً أمامك، لا تستهن بروحك وتجعلها تحترق في النار، اكتب لتلك الروح الغاليه الجنه وهذا كله بين يديك، إن أردت الجنان فاشترها بالتوبة، اسأل الله بقلبٍ منكسر أن يغفر لنا ما قد كان، إنه غفور رحيم.

أعجبتني سطور في أحد المراجع الدينية إذ يقول كاتبها: (السلام كلمة مضيئة تغمر الفؤاد نوراً وبهجة، لأنها تتسع لما تصبو إليه النفس، وتتطلع نحوه الروح، ويبتغيه العقل، فلا يكون الإنسان في سلام عندما يشكو من نقص في أعضاء بدنه، أو شروط معيشته، أو تطلعات روحه. فهل للمريض سلام، أم للمسكين عافية، أم للحسود أمن؟ كلا؛ إنما السلام يتحقق بتوافر الكثير والكثير من نعم الله التي لو افتقرنا إلى واحدة منها فقدنا السلام، أولم تعلم كم مليون نعمة تتزاحم على بدنك حتى يكون في عافية، وكم مليون نعمة تحيط بمجمل حياتك وتشكل معا سلامتها. وليلة القدر ليلة السلام، حيث يقول ربنا سبحانه: "سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ".

سبحان الله كم نحن بحاجة لإحياء تلك الليلة الثمينة، والله حرام أن تضيع من بين أيدينا، لو علمنا وتعمقنا في فضلها لتنافسنا في إحيائها، دعوة من قلب محبة لكم (تنافسوا في تحري ليلة القدر، وادعوا أن يعفو الله عنا وعنكم، وأن يبارك في أرزاقنا، يرحم موتانا، يغفر ذنوبنا، يكتبنا من الشهداء والصالحين، يبعدنا عن الذنوب والمعاصي، نرجو الله ألا يأخذنا أخذ عزيز مقتدر، يشفي مرضانا، وغيرها من الدعوات ولا ننسى آباءنا وأمهاتنا من حسن الدعاء، فبالدعاء لهما يبارك الله لنا).

مساحة إعلانية