رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كانت قريش تتولى منذ قديمٍ أمر سقاية الحجيج الذين كانوا يفدون على مكة المكرمة، في المواسم، لزيارة الكعبة، البيت العتيق، أول بيت وضعه الله للناس، بأيدي إبراهيم وولده إسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، اللذين رفعا قواعد البيت، وأسسا بنيانه. وكان الذين يباشرون شرف وفخر مهمة السقاية من قريش هم بنو هاشم، خير وأشرف العرب نسبا، وأكرم أهل الأرض حسبا، وكيف لا وهم رَهْط النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم، وكانت مكرمة السقاية انتهت حين ظهر الإسلام إلى العباس بن عبد المطلب، عم رسول الله. كان العباس من أجود فتيان قريش، وخيرهم عملا، وأحكمهم عقلا، تلوح على وجهه مخايل الفطانة والنجابة، ولم يكن يكبر ابن أخيه، رسول الله، إلا بسنوات قليلة، نحو ثلاث سنين، لم تباعد بينهما في العمر، بل جعلتهما متقاربين في السن، بحيث كانا كأنهما من جملة اللِّدات والأتراب، الذين لا فرق بينهم في الأعمار، فنشأ من ثم العباس، ورسول الله، في زمن واحد يكنُّ كل منهما للآخر مشاعر القرابة، وعواطف الصداقة، مما جعل الأواصر بينهما تتوثق وتتأكد بالمودة والمحبة والتقدير، وإنه ليحسن هنا ذكر ما قاله العباس حين سئل ذات يوم بعد أن ابتعث الله محمدا بالرسالة: أيكما أكبر، أنت أم رسول الله؟ فأوحى إليه ظَرفه وفطنته، أن يجيب بهذا الجواب الذي ينمُّ عن أدبه وخلقه: (هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله).
من كان مثل العباس في قربه وصلته برسول الله، ومحبته له، لا شك أنه سيصدقه فيما يقوله ويدعو إليه، مما أرسله الله به لتبليغه الناسَ، ولا شك أنه سيكون من الذين يتبعونه وينصرونه ويحمونه، من أعداء الدين المكذبين به، والمحاربين له، وهذا ما كان من العباس، فقد أسلم وتبع محمدا رسول الله، بيد أنه كتم إسلامه، وأخفاه عن قريش، وكان في ذلك فائدة ومصلحة ترجع على الإسلام بالخير والنفع، ليظل من موقعه الخفي يخدم الإسلام من غير أن يشعر به أحد، كالجندي المجهول، الذي يعمل بصمت في موقعه، لذلك بقي العباس في مكة ولم يهاجر مع النبي إلى المدينة مع من هاجروا معه. في السنة الثانية للهجرة حدث للعباس ما لم يكن في حسبانه، ولم يخطر له ببال، إذ عزم مشركو قريش على الخروج لمواجهة المسلمين في موقعة بدر، وجمعوا لذلك جمعهم وعدتهم وأخذوا يحثون من في مكة على القتال، وتولى ذلك زعماؤهم الكبار، كأبي جهل، وأمية بن خلف، واتخذوا ذلك فرصة ليعلموا ويميزوا من لا زال على دينهم ودين آبائهم ممن صبأ واتبع الدين الجديد، وبينما هم كذلك، نظروا إلى العباس، فأحدقوا به وأكرهوه على الخروج معهم، ودفعوه على ذلك دفعا، حتى ما استطاع الخلاص منهم.
علم النبي بما حدث مع عمه العباس فقال لأصحابه قبل أن يلتقي الجمعان في المعركة، يوم بدر: (إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم، قد أُخرجوا كرها، لا حاجة لهم بقتالنا... فمن لقي العباس بن عبد المطلب، فلا يقتله، فإنه إنما أُخرج مستكرَها). ثم دارت رحى المعركة، وكتب الله للمسلمين نصرا عظيما، إذ ألحقوا بعدوهم هزيمة شنيعة، سقطوا فيها ما بين قتلى وأسرى، مما هو معلوم، وشاءت الأقدار أن يقع العباس أسيرا، ويوثق في الوَثاق، مشدود اليدين، كسائر الأُسارى، فبات ليلة لم يبت مثلها من قبل.
تُرى كيف كان شعور رسول الله، وما وجده في نفسه الشريفة، وما ألم بها، وقد علم أن عمه العباس، شقيق أبيه، وصديق الصبا، ورفيق الشباب، أسير مكبل، لا يطيق حراكا، ولا يملك من أمره شيئا، قد آذاه القيد، وشق عليه وأتعبه، والعباس مع كل ذلك مسلم، يدين لله ولرسوله، لم يؤذِ أحداً من المسلمين، ولا يحمل في صدره لهم إلا خيرا ومعروفا، ولكن لا يعلم بذلك أحد من الناس، لا يعلم بذلك إلا الله ورسوله، وكفى بالله وليا ونصيرا وشهيدا. لقد أَرِق الرسول واشتد أرقه، وبات الليل ساهرا، وطال فكره في عمه الأسير، منذ أول ليلة باتها في الأسر، ولم يهنأ له نوم، ولم يهدأ به حال، حتى لم يستطع أن يخفي ذلك بل بدا ظاهرا عليه، وحين سئل عما به، ولا سيما وقد فتح الله للمسلمين، وأيدهم بنصره، قال عليه الصلاة والسلام: (سمعت أنين العباس في وَثاقه). آه، ومن يطيق ويحتمل سماع أنين عزيز عليه، حبيب لديه، إن ذلك لمن أشد البلايا، وأقسى الرزايا، وخاصة على من أنعم الله عليهم برقة الإحساس، ولين الفؤاد، ممن يحيون الحياة بقلوب سليمة، ونفوس صحيحة، فتتجسد فيهم بحق وصدق، حقيقة الإنسان، في صورته الأصيلة الأولى، التي شاء الله خلق الإنسان عليها، ليكون مخلوقا ممتازاً بفطرته، عن سائر المخلوقات، مكرما في عالمه الذي يعيش فيه، بعواطفَ ومشاعرَ تمثل الوجدان الذي يشهد له بأنه إنسان.
علم بعض الصحابة بحال رسول الله تلك، وما يعانيه من أجل العباس، فبادر إلى حيث حُبس فأرخى وثاقه المشدود حتى كاد يحلّه، ثم انطلق ليخبر الرسول بذلك فقال: يا رسول الله، إني أرخيت من وثاق العباس شيئا. أراح هذا الخبر النبي، ولكنه قال: (اذهب فافعل ذلك بالأسرى جميعا). أجل، هذه هي أخلاق النبي الكريم، التي علمها الناس، وبثها فيهم، ودعا إلى العمل بها، بحيث تكون مبادئَ وقيما تحكم سلوك المسلم، وتمثل دعوة الإسلام التي يقوم أصلها على أساس مكارم الأخلاق، الظاهرة في المعاملة، قال:(اذهب فافعل ذلك بالأسرى جميعا)، فما كان رسول الله ليعاملَ الناس إلا على السواء، بالقِسطاس المستقيم، الذي يزن للناس كلِّهم أجمعين، بميزان واحد، هو ميزان العدل والإنصاف، بلا محاباة ولا اصطناع.
لما استقر الأمر عند المسلمين في شأن الأسرى بأخذ الفداء منهم، مقابل إطلاقهم، قال رسول الله، لعمه العباس: (يا عباس، افتدِ نفسك، وابن أخيك، عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمرو، فإنك ذو مال). فقال العباس: (يا رسول الله، إني كنت مسلما، ولكن القوم استكرهوني)، لكن النبي لم يقبل منه إلا بدفع الفدية، كما لم يَمنّ عليه بإطلاقه بغير عوض، ما دام العباسُ ذا مال، لئلا يمتاز عن غيره من الأسارى في المعاملة، فما كان من العباس إلا أن فدى نفسه، ومن معه، فخرجوا من قيد الأسر، وأنزل الله تعالى من ثم قوله:(يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى، إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم). قال العباس فيما بعد: ما أُحِب أن هذه الآية لم تنزل فينا، وإن لي الدنيا، لقد قال الله:(يؤتكم خيرا مما أخذ منكم)، فقد أعطاني خيرا مما أخذ مني مائة ضعف، وقال:(ويغفر لكم)، وأرجو أن يكون قد غفر لي. وكذلك الله لا يخلف الميعاد. ظل العباس بعد وفاة النبي، معروف الفضل، محفوظ المنزلة، عند المسلمين، وكيف لا يكون له ذلك الفضل، وتلك المنزلة، وقد قال فيه رسول الله:(إنما العباس صِنْوُ أبي، فمن آذى العباس فقد آذاني)، والشاهد على معرفة المسلمين بقدره، ما حدث في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يوم أصيب المسلمون بقحط شديد في المدينة، فدعا عمر الناس للخروج لصلاة الاستسقاء، فخرجوا وهم يتلفتون بحثا عن العباس بن عبد المطلب، الذي كان وهو في مكة يتولى سقاية من في الحرم، كما أسلفا في أول الحديث، فقدموه مع عمر، فلما صلوا أخذ عمر بيد العباس، مستقبلا القبلة وقال: (اللهم إنا كنا نستسقي بنبيك وهو بيننا، اللهم وإنا اليوم نستسقي بعم نبيك، فاسقنا)، فما قَفَل الناس إلى منازلهم حتى أمطرت السماء بغيث طيب مبارك مدرار، فارتوَوْا منه، وسقَوْا أنعامهم، ثم قصدوا العباس يصافحونه ويقبلونه، شاكرين لله على أن جعل فيهم بركة العباس، واستجاب لهم شفاعتهم به، وقد أطلقوا على العباس يومئذٍ لقب (ساقي الحرمين)، واستنطق هذا الحادث شاعر رسول الله، حسان بن ثابت، رضي الله عنه، فقال:
سألَ الإمامُ وقد تتابعَ جدبُنا فَسَقَى الغمامُ بغرَّةِ العباسِ
عمُّ النبي وصِنو والده الذي وَرِثَ النبيَّ بذاك دون الناسِ
أحيا الإلهُ به البلادَ فأصبحتْ مخضرَّةَ الأجناب بعد الياسِ
المصاب العظيم
في خلافة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، سنة اثنتين وثلاثين، فقد المسلمون العباس بن عبد المطلب، فجزعوا وحزنوا على قدر هذا المصاب العظيم، إذ ودّعوا البقية الباقية من آباء رسول الله، ليلحقَ رضي الله عنه بمن سبقه من الصالحين الأبرار، عليهم جميعاً سلام الله.
المشهور الذي لم يعد مشهوراً
(ترويج «مشاهير التواصل» للسلع الرديئة يفقدهم المصداقية) جذبني هذا العنوان لدى تصفُّحي اليومي لموقع صحيفة الشرق القطرية وهو... اقرأ المزيد
162
| 25 نوفمبر 2025
معايير الجمال
منذ صغرنا ونحن نشاهد الأفلام والدعايات التي رسخت في عقولنا الشكل والجسم الذي يجب أن نظهر عليه. أتحدث... اقرأ المزيد
174
| 25 نوفمبر 2025
ارتفاع الإيجارات.. أزمة متنامية تستدعي حلولًا واقعية
يشهد سوق العقارات في دولة قطر ارتفاعاً متواصلاً في الإيجارات السكنية والتجارية على حد سواء، حتى أصبحت الإيجارات... اقرأ المزيد
312
| 25 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13584
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1791
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من المواطنين والمقيمين من أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في مدارس أجنبية بريطانية رائدة في الدولة بعضا من التجاوب من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لا سيما وأن سعادة السيدة لولوة الخاطر وزيرة التربية والتعليم إنسانة تطّلع بمزيد من الاهتمام على ما يُنشر ويتم النقاش فيه فيما يخص الخطة التعليمية على مستوى المراحل الدراسية في قطر وتقوم بكل ما في وسعها لتحسين الأمور التي تحتاج للاهتمام ومعالجة كثير من المشاكل التي نوهنا عنها سابقا في سنوات سابقة ظلت معلقة لتأتي السيدة لولوة وتضع نقاطا على الحروف وهو امتياز حظت به الوزارة منذ أن تبوأت السيدة لولوة سدة الوزارة فيها باقتدار وحكمة ودراية دون قصور بمن سبقها لهذا المنصب التي رأت فيه تكليفا لا تشريفا وأبدت سعادتها به بمعالجة كثير من الأمور العالقة فيه فيما يخص المدارس والجامعات، ولذا نكتب اليوم وكلنا أمل في أن يحظى ما كتبناه سابقا شيئا من اهتمام سعادة وزيرة التربية التي لم نعهد فيها سوى ما يجعلها في مراتب عالية من الاحترام لشخصها والتقدير لعملها الدؤوب الذي أثبتت من خلاله إنها الشخص المناسب في المكان المناسب، بالنظر الى عقليتها والتزامها وتواضعها وقدرتها على تيسير الأمور في الوقت الذي يراها كثيرون أنه من العسر التعامل معها ولذا نجدد المناشدة في النظر لما أشرت له وكثير من المغردين على منصة X في الرسوم المالية العالية التي أقرتها إحدى المدارس الأجنبية البريطانية على بداية الفصل الدراسي الثاني بواقع زيادة عشرة آلاف ريال على كل طالب في حين كان يدفع أولياء الأمور من المقيمين ما يقارب 35 ألف ريال لتصبح بعد الزيادة هذه 45 ألف ريال، بينما كانت الكوبونات التعليمية الخاصة بالمواطنين تخفف من عاتق أولياء الأمور بواقع 28 ألف ريال فكانوا يدفعون إلى جانب الكوبون التعليمي سبعة آلاف ريال فقط ليصبح ما يجب أن يدفعه القطريون 17 ألف ريال بعد الزيادة المفاجئة من هذه المدارس التي باغتت كل أولياء الأمور سواء من المواطنين أو حتى المقيمين بالزيادة المالية للرسوم المدرسية بحيث يتعذر على معظم أولياء الأمور البحث عن مدارس أخرى في بداية الفصل الثاني من العام الدراسي لنقل أبنائهم لها، حيث لن يكون بإمكانهم دفع الرسوم الجديدة التي قالت إن الوزارة قد اعتمدت هذه الزيادات التي تأتي في وقت حرج بالنسبة لأولياء الأمور حتى بالنسبة للطلاب الذين قد تتغير عليهم الأجواء الدراسية إذا ما نجح آباؤهم في الحصول على مدارس أخرى مناسبة من حيث الرسوم الدراسية وهي شكوى يعاني منها أولياء الأمور سواء من المقيمين أو حتى المواطنين الذين يلتحق لهم أكثر من طالب في هذه المدارس التي يتركز موادهم الدراسية على إتقان اللغة الإنجليزية للطالب منذ التحاقه فيها أكثر من المدارس المستقلة التي لا شك تقوم موادها الدراسية على التوازن ولا يجب أن ننسى في هذا الشأن القرار الوزاري لسعادة السيدة لولوة الخاطر بتشكيل لجنة تأسيسية لتطوير وتعزيز تعليم القرآن الكريم واللغة العربية في مدارس الدولة برئاسة الدكتور سلطان إبراهيم الهاشمي وهذا يدل على حرص سعادتها بما بتنا نفتقر له في زحمة العولمة الثقافية والإلكترونية وعالم الذكاء الصناعي والتكنولوجيا المخيفة التي بدأت تطغى على مفاهيم وأركان وعادات وتقاليد وتعاليم دينية ومجتمعية كبرت عليها الأجيال المتتالية ولذا فإن الأمل لازال مركونا بالوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر في الالتفات لما تتضمنه شكاوى أولياء أمور، يأملون في تغيير مسار حل مشكلتهم الموصوفة أعلاه إلى مسار يطمئنهم معنويا وماديا أيضا ولا زلنا نأمل في جهود وزارة التربية والتعليم على سد فراغات تظهر مع القرارات المباغتة التي لا تخدم الطلاب وتؤثر بشكل عكسي على آبائهم بطريقة أو بأخرى، «اللهم إنَا بلغنا اللهم فاشهد».
1419
| 18 نوفمبر 2025