رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد دلكي

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1026

محمد دلكي

عن رواية د. محمد العنزي الجديدة.. «صخور حية»: حين تستحيل الصلابة مهداً للنجاة

27 مايو 2025 , 02:00ص

صدرت مؤخرًا عن دار بوكلاند للنشر والتوزيع – الكويت رواية «صخور حية» للكاتب القطري د. محمد حسين العنزي، (أستاذ علم النفس، وصاحب كتاب علم النفس والأدب)، في تجربة سردية تسعى إلى تفكيك العلاقة بين الخرافة والعقل؛ الجمود والتحول؛ الظلام والنور. وقد دشّنت الرواية مؤخرا في معرض الدوحة الدولي للكتاب – مايو 2025، وجاءت في 199 صفحة من القطع المتوسط، موزعةً على خمسة وعشرين فصلاً تتصدر كلا منها عنوانات تأملية مقتبسة شكلت عتباتٍ نصيةً تفتتح بها الفصول وتكون بؤرة لها؛ منها -مثلا: «كان لا بد من شرخ ما، هكذا يتسلل النور»، في إشارة موحية إلى قدرة التشققات على ولادة المعنى والنور معًا.

تنطلق الرواية من بنية حكائية بسيطة في ظاهرها: قرية غامضة، شجرة حمراء تنزف دمًا، أطفال يهربون، رجال دين «مزيفون»، ومدينة صخرية مغلقة تحت الأرض. لكن هذا السرد يتكشف سريعًا عن بنية مركبة، تتجاوز الوقائع لتلامس مفاهيم وجودية عميقة، تدور في مركزها الصخور، لا رمزًا للجمود، بل محضنًا للحياة وملاذا للنجاة.

ليست «الصخور» في هذه الرواية عنوانًا اعتباطيًا، بل هي القلب الرمزي للعمل. فالصخر هنا ليس مادة صماء وحسب، بل إنه ليتحول إلى فضاء قابل للسكنى، ملجأ من وباء غامض، ورمز نفسي وفلسفي في آن. وعلى امتداد الرواية، تأخذنا الحكاية إلى عالم صخري تحت الأرض، محكوم بنظام علمي دقيق، تهيمن عليه المعرفة لا الخرافة، وتحميه منظومة أخلاقية وعقلانية أنتجها رجال ونساء فروا من الانقياد للأوهام، وأخلصوا للعلم.

وفي تقاطع لافت مع تخصص المؤلف في علم النفس، تظهر شخصيات مثل «محزوم» الذي يرضخ لسلطة الأسطورة ويستغلها، و»رجوان» الذي يرمز للمقاومة المعرفية، لتجسد الرواية صراعًا نفسيًا عميقًا بين الخوف من المجهول، والتحرر عبر التفكير العلمي. ويتجلى هذا الصراع أيضًا في الحافلة التي حملت الناس من المألوف إلى المجهول ثم أعادتهم من المجهول للحقيقة، والنافورة التي تنبع في مدينة مدمرة وتخفي عالما كاملا، والشجرة التي تنزف، ليبدو كل رمز مشحونًا بتأويلات متعددة، تشي بأن الحياة لا تخرج فقط من رحم الطبيعة، بل من رحم الصلابة حين يعاد تأويلها.

اللافت في «صخور حية» هو هذا التزاوج الفلسفي بين علم النفس والبناء الأدبي الرمزي. فالعنزي لا يكتفي بإنتاج عالم تخييلي مشوق، بل يحشو تفاصيله بإحالات ضمنية إلى العقل الجمعي، وآليات الدفاع، والتحول المعرفي من الخرافة إلى المنهج. وهكذا يتحول العمل إلى مرافعة سردية عن المعرفة كوسيلة للخلاص، وعن الرمز كآلية لفهم الإنسان في هشاشته وقوته معًا.

تمتاز الرواية أيضًا بلغتها المتوازنة، التي لا تقع في فخ التنظير، ولا تغرق في الانطباعية، بل تمضي بسرد مشهدي، ينبني على تتابع الفصول ذات الإيقاع القصير، والتي تخلق حالة من الترقب والتأويل المستمر، وتبقي القارئ في فضاء التداخل بين ما هو واقعي، وما هو رمز، وقد جاءت لغتها معبرة عن تخصص صاحبها الذي أراد أن يضمن لغته الأدبية رسالة معنوية للقارئ؛ أن الأمل يولد من رحم الصخر.

لذا، لم يتكئ الكاتب على الإيغال الرمزي، ولا الجفاف الفلسفي. بل نسج روايته «صخور حية» بلغتها القريبة لتؤكد أن الرواية ما زالت قادرة على أن تكون أداة فكرية ومجهرًا تأويليًا لمجتمعاتنا ومآزقها، وأن والصخور والتحديات التي تواجهنا في الحياة – كما يقول العنوان ضمنًا – ليست نقيض الحياة، بل ربما تكون رحمها الأعمق، حين يعاد اكتشافها بوعي.

اقرأ المزيد

alsharq الدجاجة التي أسعدت أطفال غزة

دخل على أولاده بدجاجة فهللوا وسجدوا لله شاكرين! هذا كان حال عائلة غزاوية من قطاع غزة حينما أقدم... اقرأ المزيد

213

| 28 أكتوبر 2025

alsharq كم تبلغ ثروتك؟

أصبحنا نعيش في عالم تملأه الماديات، نظرة بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي تجعلنا نرى أثر الحياة السريعة المادية... اقرأ المزيد

189

| 28 أكتوبر 2025

alsharq التواصل الذي يفرقنا

جلست بالسيارةِ وحتى البحر عبرتُ وخلال مجلسي في الاستراحةِ نظرتُ لكل من يجلس حولي حتى ذلك الطفل الصغير... اقرأ المزيد

150

| 28 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية