رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حمد عبدالرحمن المانع

حمد عبدالرحمن المانع

مساحة إعلانية

مقالات

1200

حمد عبدالرحمن المانع

التحسس من الوقوع في الخطأ يعوق النمو المعرفي

25 مايو 2012 , 12:00ص

لا شك أن التحسس غريزة فطرية في الإنسان للحماية والتحرز وتحقيق المستوى الطبيعي من الأمان والطمأنينة بيد أن مستوى التفكير بهذا الخصوص يجب ألا يتجاوز الحد الذي يلحق الضرر أو بالأحرى الحرمان من المزايا والمنافع نتيجة للإسراف في ذلك، في حين أن الإنسان يحرص بطبيعة الحال على الصواب، وتحرِّي تحقيقه في القول والعمل، لذا تجده يجتهد في الحصول على العلم والمعرفة وفي الوقت نفسه يتحسّس من الخطأ وينزعج أشدّ الانزعاج متى ما وقع فيه ولا أقصد هنا الخطأ المقصود فهذا شأن آخر، بل الأخطاء غير المقصودة وهي مزعجة على أيّة حال، غير أنّ هناك حلقة وصل بين الصواب والخطأ فلولا وجود الأخطاء لما عرف للصواب طريقا، فالتجارب العلمية في المعامل والمختبرات تخضع لعدّة عمليات لبلوغ الأمر الصائب، وقد تخطئ مرة أو اثنتين أو ثلاث بل أكثر من ذلك غير أنّ المحصلة هو بلوغ الهدف مع الأخذ بالاعتبار تجنُّب وقوع الضرر في مرحلة التجارب، إذ كيف يرسخ المعلم على سبيل المثال المعلومة الصحيحة في ذهن الطالب لاسيَّما وأنّ احتمال وقوع الأخطاء وارد،الشعور بالذنب في حالة وقوع الخطأ ناتج طبيعي للفعل وردّ الفعل لاسيَّما وأنه مرتبط بالمشاعر والأحاسيس، وقد يحجم الطالب أو المتدرّب أو الموظف عن خوض التجربة والدخول في هذه المسألة التي لا يعرفها خشية الوقوع في الخطأ ليستقر المفهوم الخاطئ في ذهنه نتيجة لهذا الأمر ويبقى على الخطأ في ظل غياب التصحيح الذي لم يسع إليه، كخوف من التأنيب أو استحياءً من عدم معرفته لهذه المعلومة أو تلك، وهذه في تقديري من أقسى معوقات العلم والمعرفة، ولا أعتقد بأنّ أحداً لم يواجه هذا الأمر، وأجزم كذلك بأنّ آلاف المعلومات الصائبة لم تعانق الأذهان وغابت اختيارياً بسبب هذه المشكلة سواء على صعيد الدراسة أو العمل تجنباً لسيطرة هذا الشعور وهذا ما يدعو بشدة إلى غرس مفهوم اللياقة الفكرية، الحساسية موجودة عند كل شخص وفي كل المجتمعات غير أنّ الحد الأدنى منها سيفتح المعابر لبلوغ التصحيح وبالتالي فإنّ كماً كبيراً من العلوم الصائبة ستجد طريقها إلى العقول التي هي في أمسّ الحاجة إليها، ولم يقف حائلاً دون ضخّها سوى الإفراط في التحسّس، من هنا فإنّ من أولويات النهوض في المسيرة التعليمية وسبل التطوير المعرفي هو السعي لإزالة هذه الحواجز المعنوية المقلقة وإبقاء مؤشر التحسّس في وضعه الطبيعي عبر تكثيف الوعي المعرفي بهذا الخصوص، وتسليط الضوء على هذا الجانب الذي ما برح يقصي المعلومة الصحيحة تلو المعلومة وحتمية تحجيم دور الخجل في المبادرة أو السؤال، إنّ إزاحة هذا العائق يتطلّب مزيداً من الجهد الفكري والانسيابي في اتكاء على المرونة في التعامل، ولا ريب أن حائط الصد الأول والتصدي لهذه المعضلة هم المعلمون والمعلمات، وكذلك المديرون والمديرات وكل مسؤول ناهيك عن دور وسائل الإعلام بهذا الصدد، أنّ السبيل للمعالجة المؤرقة يكمن في الأريحية ورحابة الصدر، وحثّ الطلبة والطالبات والعاملين والعاملات بألا يتحرّجوا من السؤال والعمل على إزالة الشعور بالخوف أو الخجل من الوقوع في الخطأ، بل يبادروا في الإجابة وطرح الأسئلة فمن دون الخطأ لا يمكن استنتاج الصح وطالما كان المرء مخلص النية فلا حرج من عدم المعرفة، فالذي سيعلِّمك ويعرِّفك لم يكن نفسه يعرف حتى عرف ممن يعرف وسأل وجاوب وأخطأ وفي النهاية بلغ الصواب، إن إزالة الرهبة من إمكانية حدوث الأخطاء حلقة الوصل والخيط الدقيق المؤدي إلى تصحيح المعلومات ونقلها بأريحية تنمّ عن خلق رفيع ورحابة صدر تعكس الإخلاص، كثرة الأخطاء التي تقع سواء من الطلبة أو المتدربين أو الموظفين ليست مؤشراً للضعف بقدر ما يعكس تضاؤلها حرفية ومهارة المعلم أو المدرب أو الرئيس الذي ينتشل التصحيح من رحم الأخطاء ويمرره بصيغة خلاقة، وبالتالي يحقق هدفه المنشود بل إن درجة الارتياح ستشمل الجميع قياساً عن استقاء المعلومة الصحيحة وترسيخها بالأذهان ما يعود بالنفع والفائدة للجميع، الاستيعاب يؤدي إلى الفهم والفهم يقود إلى التطلع للمرحلة التي تليها وهكذا في سلسلة مترابطة حينما يعزز التراكم المعرفي المتكئ على حسن الاستيعاب من تدفق المعلومات، وتشكل القناعة محوراً رئيسياً في سياق التقبل ومن ثم تطويع الذهن وفقاً للقناعة من جدوى ذلك، مما يسهل في عبور المعلومات، بحرفية المعلم وما يمتلك من مهارات مكتسبة وخبرة في هذا المجال، إن استشعار الرسالة النبيلة تجاه تعليم الآخرين وتطوير مهاراتهم وتدريبهم يعد من مآثر الشهامة والمروءة وفق أريحية المعلم ورحابة صدره التي تتسع لتستلهم الصبر ونيل الأجر، فقد يكون الطالب يمتلك القدرة في تنمية تفكيره، غير أن العوامل لاسيَّما النفسية تقف حائلاً دون تحقيق تطلعه في حين أن قدراته الذهنية ستتحرر من القيود متى ما ساهمت اللياقة الفكرية في إزالة الرهبة والخوف، ولاشك أن الصبر يعتبر العامل المشترك بين الطالب والمعلم، فإذا كان صبر الطالب مضاعفاً لحاجته للعلم والمعرفة فإن صبر المعلم يترجم بعد النظر وجسر العبور لتطور الأمة وتنمية أفكار أجيالها، وتمريرها بتواضع مفعم بالرفق والسماحة.

 

مساحة إعلانية