رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي محمد اليافعي

علي محمد اليافعي

مساحة إعلانية

مقالات

1001

علي محمد اليافعي

ظِلُّ الصدقة (2)

24 يونيو 2015 , 01:14ص

الشياطين يريدون منع المسلم من فعل الخيرات، ولا سيّما الصدقة، فيحاولون أن يحرموه من نيل الفضل العظيم بها، ويجدوا لهم من النفس نصيراً وظهيراً على المسلم، وخاصة أنّ المال حبيب الروح، وعشيق الفؤاد، فإنْ أخرج الصدقة فكأنما فكّها من فكّيّ سبعين شيطاناً، رغماً عنهم، وانظر وتأمل في بلاغة التصوير النبوي، وذِكْره العدد سبعين، للتكثير لا للتحديد، وهذه هي عادة العرب الفصحاء، في استعمال هذا اللفظ للدلالة على الكثرة لا العدد بعينه، ومن هنا جاء في القرآن الكريم:(إن تستغفر لهم سبعين مرة) فليس المقصود عدد الاستغفار، ولكن يراد الدلالة على كثرته.

ألا إنّ من أخصّ صفات المؤمنين المتقين، الإنفاق في سبيل الله، تتجسد فيه أهم وأسمى مظاهر المسارعة إلى مغفرة الله، وإلى جنة عرضها السموات والأرض، إذ ذكره الله بادئ ذي بَدءٍ من صفاتهم فقال تعالى:(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء...) وفي الآية أمر بالمبادرة بفعل الطاعات، وترك التسويف، فشأن المؤمن في العمل للأمور الأخروية كما وصفته الحكمة الصادقة التي يظنها

الكثير حديثاً وما هي بحديث: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدّا)، وكما وصفه القرآن في أنه ما بين المسارعة

والمسابقة والمنافسة في فعل الخيرات والحسنات.

ومعنى الإنفاق في السراء والضراء، أي في حالة اليسر والرخاء، وفي حالة العسرة والشدة، في الحال والمال كذلك، بل إن أجر الصدقة في الحالة الثانية أعظم عند الله، سئل النبي عليه الصلاة والسلام، أي الصدقة أعظم أجراً قال: (أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى)، يبين لنا هذا الحديث، أنّ الصدقة ليست فقط على الغني الذي عنده الكثير، ولكنها أيضاً على المقل الذي لا يملك إلا القليل، ولو تصدق بتمرة أو بشقها، فإن الله يجازيه عليها وينميها

له، قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يُرْبيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه – المهر المفطوم – حتى تكون مثل حُد)، وما أجمل حكمة الشعر في ذلك التي ُ الجبل) وفي رواية: (مثل أ قالها الشاعر بشار بن بُرْد: الجودُ هرِ لم يَظْ دِر على سِعَةٍ إذا تَكرّهتَ أن تُعطي القليلَ ولم تَقَْ بُثّ النوالَ ولا تمنعْك قِلّتُهُ فكلُّ ما سدَّ فقراً فهو محمودُ والقليل الذي يقصده الشاعر، هو القليل الذي تملكه ولا لديك سواه، وليس قليل العطاء.

الصدقة هي أول عمل يتمنى المرء أن يعمله حين حلول أجله ونزوله، وعند بلوغ روحه الحلقوم، لو أخّر الله موته وأمهله إلى أجل قريب، قال تعالى:(وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكمُ الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين)،

وما ذاك إلا لما لها من أجر عظيم، وثواب جليل، تفوق به سواها من العبادات، وهل هناك أدل على هذا من قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:(إن الأعمال تتباهى، فتقول الصدقة:أنا أفضلكم).

مساحة إعلانية