رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي بهزاد

علي بهزاد

مساحة إعلانية

مقالات

4032

علي بهزاد

المشروعات الناشئة محور اهتمام غرف التجارة الدولية

24 أبريل 2013 , 12:00ص

أخذت الشراكة المنهجية بين القطاعين الحكومي والخاص حيزاً كبيراً من اهتمام خبراء الاقتصاد الدولي، باعتبارها وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة من مشاريع إنشاء وتطوير بنية تحتية، تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي، ولكونها كياناً اقتصادياً قائماً نجح بقوة في تجنب الوقوع في مخاطر الديون، وتذبذب السوق الدولية، وتوتر الشرق الأوسط، فقد احتل مفهوم الشراكة بين القطاعين، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مساحة كبيرة من جلسات النقاش بالمؤتمر الدولي لاتحاد غرف التجارة العالمية المنعقد بالدوحة حالياً، والذي وضع على أجندة أعماله قضايا اقتصادية ملحة، أبرزها التعليم والعمل، ومدى مواكبة المخرجات لسوق العمل، وريادة الأعمال للشباب.

وأستشهد برؤية الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" حول التوازن في القطاع الخاص، التي بينت أنّ إسهام الشركات والأسواق العالمية يعمل على تشكيل حلقة إنمائية إيجابية، يتسنى فيها النمو المحلي والتكامل الخارجي، بحيث يعزز كل منهما الآخر، وهذا يتوقف على القدرات الإنتاجية والقدرات المؤسسية الأولية المتاحة.

فإذا أردنا الوصول إلى رؤية واضحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تغير المستقبل، لا بد وأن نبدأ بالنظرة التي تحملها الشراكات الحالية عن ذاتها، ومدى توافقها مع واقع التجارة الخارجية الراهن.

فالشركات الناشئة تبحث عن اكتساب الامتياز والثقة والتفوق والتشغيل وتحويل الأفكار إلى منتجات قابلة للتطبيق والتصنيع، ومن هنا تسعى الشركات الاقتصادية الأكبر حجماً للاستثمار في الناشئة، بهدف الاستفادة من ابتكاراتها، والتوسع في قواعدها الإنتاجية.

على الصعيد الخليجي ومن خلال اجتياز القطاع الخاص لتداعيات الأزمة المالية، أثبت أنه أكثر قدرة على التعامل مع التطورات، لأنه يتبع منهج التكيف مع مجريات الأمور، ثم ينظر إلى دوره كقطاع خاص يؤثر في أداء المؤسسات الحكومية.

ولو اقتربنا من التفسير الدقيق للقطاع الخاص فإنه ينقسم إلى شركات محلية، وشركات عائلية تديرها أسرة واحدة والتي يقدر عددها بـ"45" شركة عائلية تقريباً في منطقة الخليج، تدير أصولاً بقيمة تريليوني دولار.

ينحو التوجه الخليجي اليوم إلى إنماء دور الشراكات الصغيرة والمتوسطة في المشروعات الكبرى، لتنويع مصادر الدخل أولاً، ولإيجاد رديف للقطاع النفطي ثانياً، ولفتح أسواق جديدة توفر فرص عمل للخليجيين ثالثاً.

والمتتبع لنمو مشروعات القطاع الخاص يجد أنها تتعثر في أغلبها، على الرغم من الدعم اللوجستي الذي تقدمه الحكومات، والتشريعات الممهدة لإنمائها وإعفائها من الرسوم الجمركية والضرائب، علاوة على الحراك المجتمعي وما تشهده الدول من طفرة عمرانية وزيادة سكانية فرضت إيلاء الاهتمام للقطاع الخاص.

السؤال الذي يطرح نفسه .. لماذا يتأرجح القطاع الخاص بين التقدم والتراجع ؟.. فإذا كانت الدول تنفق بسخاء على المشروعات الوطنية، وتولي شركاتها المحلية أولوية خاصة، وما نراه أنّ شركات تتقدم في مشروعات ناجحة، وأخرى تحجم بعد سنوات عن الاستمرارية.. ويكمن الخلل في كيفية إدارة الشركات لتشق طريقها إلى النمو، وعدم الاستسلام للإخفاقات، إلا أنّ الكثير منها يتعرض لتراجع أدائه، بسبب سوء الإدارة أو عدم دراسة السوق برؤية واقعية والدخول في صفقات غير مدروسة.

وأستشهد هنا بالتجربة الحية التي عايشتها عن قرب في المملكة المتحدة كباحثين، نقوم بإعداد دراسات ميدانية عن أداء الشركات الصناعية، وتحديداً شركات السيارات، إذ إنّ أغلب المصانع في المدن بدأت من الصفر وبجهود فردية وبإمكانيات محدودة، ومع مرور السنوات نجحت وغدت من كبريات الدول في صناعة المركبات.

وعلى الرغم من أنّ الشركات الصغيرة كانت تواجه عقبات منها الاصطدام بتعقيدات التراخيص والضرائب التي تفرض عليها بين وقت وآخر ومطالب العمال من أجور وتأمينات معيشية، إلا أنها غدت مدناً صناعية متقدمة، ولعل العامل الرئيسي الذي أدى إلى نمو الشركات الإنجليزية هو الاهتمام بالأفكار البحثية الخلاقة والتجارب وتشجيع الطموحات الوليدة، وإعطاء التجربة مساحة من التطبيق العملي، بل والكثير منها يجد الدعم المالي من شركات أكبر.

والعامل الثاني هو العقلية الإدارية التي كانت ترى في صغر حجم الشركة نموذجاً صناعياً لا يمكن تكراره ومتفرداً، وأنّ النظرة الإيجابية التي حققت الاستمرارية مكنتها من دخول السوق بقوة، إضافة إلى قدرتها على دراسة الوضع الراهن للاقتصاد ومحاولتها الجادة لابتكار أفكار جديدة في التصنيع.

وفي الشرق الأوسط هناك أكثر من "10" ملايين شركة صغيرة ومتوسطة، تسهم في دفع عجلة الناتج الإجمالي، وقد تتضاعف قيمتها من "6" مليارات دولار إلى "15" مليار دولار في 2015.

وأدلل من خلال البيانات الإحصائية على أهمية القطاع الخاص في دفع عجلة النمو القطري، حيث تمثل الصناعات الصغيرة "90%" من المشروعات الصناعية، وتسهم بما يعادل "70%" من الناتج القومي.

وقد هيأت الدولة التشريعات المناسبة لدعم المشاريع الخاصة، ووفرت لها بيئات مشجعة مثل إعطاء التراخيص وبناء مخازن ومنشآت ومصانع، كما أنشأت جهاز قطر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الداعم لكل المشروعات الوليدة، إضافة إلى بنك التنمية الذي يدعمها بقوة.

كما خصصت أيضاً موازنات ضخمة للمشروعات الكبيرة، وفتحت الباب على مصراعيه للشركات الوطنية، لأن تقتنص فرص الفوز بتعاقدات مع شركات خليجية أو أجنبية، بهدف تهيئة الأجواء أمامها لنقل الخبرة، وهي تسعى في الوقت ذاته إلى بناء طبقة واعدة من رجال الأعمال لإدارة مشروعاتهم بأنفسهم.

في الشرق الأوسط هناك محاولات جادة لإعطاء الشركات الصغيرة والمتوسطة مكاناً مهماً في الإنتاج، إلا أنّ الخطوات الأولى لا تزال في بداياتها، وتتطلب التمكين في مجالات معينة لإنجاح أيّ نشاط الإدارة الفاعلة والتفاوض ودراسة السوق وتأهيل العمالة ورأس المال المناسب وتوقع المخاطر قبل المكاسب وتوطيد علاقة الشركة مع الزبون.

ونأمل من خبراء غرف التجارة الدولية تدشين علاقة جديدة بين القطاعين والحكومات، لأن بيئات الأعمال تفرض الاندماج في العولمة والتجارة العالمية والاستثمارات والكيانات الاقتصادية المتنوعة.

مساحة إعلانية