رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي الرشيد

علي الرشيد

مساحة إعلانية

مقالات

444

علي الرشيد

"التربية الإنسانية" للناشئة والشباب ..حاجة باتت أكثر إلحاحا

24 فبراير 2016 , 01:57ص

لم يكتف يافع موهوب في مجال الرسم من قطاع غزة المحاصر بالسعي لتحقيق أحلامه الخاصة، وتطوير عمله في مجال الرسم (اللوحات الزيتية والبورتريه والكاريكاتير)، رغم كل التحديات التي تواجهه، بل بدأ منذ فترة بمساعدة الأطفال المحتاجين من حوله وإدخال الفرح على قلوبهم، مستثمرا شهرته الفنية، وحضوره المميّز على شبكات التواصل الاجتماعي، وقد أطلق مبادرته التي أسماها: "حلم بسيط" لتحقيق ذلك.

وقرأتُ عن طلاب مدرسة من مدارس اللاجئين السوريين في تركيا قامت بالتبرع للنازحين الجدد العالقين منذ أكثر من شهر على الحدود التركية السورية، رغم محدودية إمكاناتهم، وقلة ذات يدهم، في إشارة تحمل في طياتها التعبير عن التكافل وإغاثة الملهوفين بقدر المستطاع.

خلال خمس سنوات تحول نصف الشعب السوري إلى نازح ولاجئ، وربما لم يدر في خلد كثير منهم أنهم سيتعرضون لما يتعرضون له الآن من معاناة ومكابدة لقسوة الحياة، وغياب لأبسط حقوقهم، كفقدان الأمان والمأوى، والاضطرار لمغادرة الديار، والعيش في المخيمات أو الكهوف، واضطرار الأطفال لترك التعليم والعمل في سن غضّة، وانخراط بعضهم في أعمال عسكرية. والشيء نفسه يمكن أن يقال عن مناطق أخرى تعاني من اضطرابات وأزمات كالعراق واليمن.

مثل هذه الظروف والأحوال التي تعيشها الأمة تزيد من ضرورة العمل على غرس القيم الإنسانية، ونشر ثقافة العمل التطوعي ببعديها التراثي والمعاصر، وتحويلها إلى سلوكيات عملية في حياة الناشئة واليافعين والشباب خصوصا، وفي حياة المجتمعات بكافة شرائحها عموما.

ولعل ما سبق يحفزنا للدعوة إلى تخصيص مقرر أو مقررات أو مساقات أو "كورسات " يمكن أن يطلق عليها " التربية التطوعية" أو " التربية الإنسانية أو الإغاثية" تتضمن في شقّها النظري أهم القيم التي حضّت عليها الأديان كالتراحم والتعاضد وتفريج كرب المكروبين والمشي في حاجة أصحاب الحاجة ومساعدتهم وكفالة الأيتام وعلاج المصابين وغيرها، وبعض مبادئ العمل الإنساني الحديث خصوصا ما يتعلق بالتأهب والاستجابة للكوارث، وتقديم العون والمساعدة في وقت الأزمات، وكيفية المشاركة العملية في عمليات الإسعاف والإخلاء، والتكيف مع الظروف الصعبة والتعاطي معها في حال مواجهتها، والتمييز بين العمل الإغاثي والرعاية الاجتماعية والتنمية والمجالات الرئيسية للعمل الإنساني، والإعلام الاجتماعي والترويج للعمل الخيري وطرق دعمه ومناصرته، وكيفية المساهمة في تصميم برامج ومشاريع وحملات يمكن أن تشرك المجتمع في الاهتمام بشؤون الأمة خصوصا عند تعرضها للمصائب والنكبات والحروب والكوارث على المستوى الوجداني والفعلي، والإفادة من أصحاب المواهب المختلفة في هذه الجوانب، تجسيدا للهديّ النبويّ: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وقد سرّني قيام جمعية خيرية كويتية نظمت رحلات لشباب في المراحل الإعدادية والثانوية لتقديم المساعدات في مخيمات اللاجئين السوريين في أوقات الشتاء وهطول الثلوج، كما تابعت برنامجا قيميا لجمعية خيرية قطرية اسمه "سنافي وهبة ريح" نفذته مع طالبات مدارس، حيث قمن في إطاره بترميم مدرسة بالسودان، وشاركن بتدشين هذه المدرسة، وزيارة الأيتام وإدخال الفرحة على قلوبهم.

مثل هذه الزيارات تستقر في الوجدان وتنطبع في الذاكرة وتترك أثرا تربويا في النفس، وترسخ القيم وتحوّلها إلى ممارسات سلوكية فعلية وجزء من تركيبة الناشئين واليافعين والشباب منذ بواكير حياتهم، وتعزّز حبّ الخير في نفوسهم، والتطوّع في خدمة مجتمعاتهم وأمتهم بالوقت والجهد والخبرات والقدرات والمال.

" التربية التطوعية" أو " التربية الإنسانية أو الإغاثية"..التي ندعو أن تتعاون جهات عديدة على تحويلها إلى واقع ملموس في حياة الناشئين والشباب كالجهات التربوية والشبابية والمنظمات الإنسانية والإعلامية، تأليفا وإقرارا وتعليما وتدريبا وتوعية.. ينتظر أن تسهم في تربية الشرائح المستهدفة والمجتمعات على تقدير النعم وشكر الله عليها، وتوعيتهم بأهمية المحافظة عليها وعدم الإسراف فيها، وكيفية التصرف في حال غيابها الكامل أو الجزئي سواء كان لفترات محدودة أو طويلة كالكوارث الطبيعية، أو الحروب والأزمات ـ لا قدر الله ـ، والتكافل مع من حرم منها من أبناء الأمة والعالم، لأنّ هذا واجب أخلاقي وديني وإنساني، كما أنه دعم للجهود الكبيرة للدول والحكومات التي تقوم بها على صعيدي الإغاثة والتنمية، وعالمنا العربي والإسلامي سيكون أكبر المستفيدين منها.

مساحة إعلانية