رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى عام 1916، أي بالضبط قبل 100 عام من الآن، تغيرت خريطة الشرق الأوسط كلها، وذلك من خلال تعاون سري دخل التاريخ باسم اتفاقية سايكس – بيكو. مثل بريطانيا في تلك الاتفاقية التي حولت العالم الإسلامي إلى أشلاء، وإلى كيانات متنافرة، الدبلوماسي "مارك سايكس"، فيما مثل فرنسا الدبلوماسي "فرانسوا جورج بيكو"، لذا حملت الاتفاقية المذكورة لقبيهما.
بعد قرن على الاتفاقية.. الراغبون بإعادة تغيير الخريطة مرّة أخرى
بعد مضي قرنٍ كاملٍ على الاتفاقية، عادت البلدان الراغبة في تغيير خريطة الشرق الأوسط إلى العمل مجددًا. تمكنت قبل قرن من الآن، بريطانيا وفرنسا وروسيا، من رسم خارطة للمنطقة، أما الآن، فنجد أن روسيا والولايات المتحدة وإيران تقف على رأس الدول الراغبة في تقسيم المقسَّم.
إيران، بلد حالم بوضع رسم جديد لخريطة المنطقة، أقحمت إيران نفسها في حروب طاحنة ضمن المنطقة، تحت ذريعة الحرب في سوريا، وليس من الواضح فيما إذا كانت إيران هي التي تستغل روسيا في المنطقة لتحقيق أهدافها، أم العكس، لكن البلدين على حد سواء، يرغبان بلعب دور فعال في إعادة صياغة خريطة المنطقة، الممتدة من اليمن، إلى العراق، وسوريا، ولبنان.
روسيا باتت تشكل "تهديدًا رئيسيا"
باتت تشكل روسيا، مصدر تهديدٍ رئيسي بالنسبة للشرق الأوسط، أما إيران، فهي ستدرك بعد حين، حجم المصيبة التي جلبتها إلى المنطقة، لكن متأخرًا. ذلك أن سوريا، لن تعد ذلك البلد الذي يدور في فلك إيران، بل ستصبح بلدًا يدور في الفلك الروسي.
رغبت روسيا بتقسيم سوريا، وإقامة دويلة نصيرية للأسد في المنطقة الساحلية من البلاد، ودولة كردية لمنظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي" التابعة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، أما الآن فقد غيَّرت رؤيتها، حيث تعمل على خلق دولة لمنظمة "بي كا كا" في شمالي سوريا، وترك بقية الجغرافيا السورية لتكون دولة نصيرية يتربع الأسد على رأسها. في الواقع، إن الروس جاهزون لبيع الأكراد فورًا، فيما لو وافقت كل من تركيا والمملكة العربية السعودية، على الاعتراف بالأسد. خاصة مع تغيير التوازنات الميدانية في المنطقة، نتيجة القصف الروسي.
البلدان التي تخطط لتغيير خريطتها
لا تقف التغييرات عند هذا الحد، بل يعمل المحور الروسي الإيراني على قلب نظام حكم مسعود بارزاني في شمال العراق، واستبداله إما بجلب حركة "غوران" التابعة لمحور طهران/ بغداد إلى السلطة، أو الإطاحة بوجود الإقليم وإلحاقه بالحكومة المركزية في بغداد.
كما يعمل هذا المحور على رسم خريطة ثالثة في اليمن، سيما وأن إيران موجودة بشكل فعلي وتحارب من أجل تمزيق اليمن. إن تمزيق اليمن سيفتح المجال أمام تحقيق مخططات تجزئة جديدة في المنطقة، وهنا تكمن أهمية هذا البلد بالنسبة للمحور الروسي – الإيراني.
يعمل المحور المذكور على الاستفادة من تغيير خريطة اليمن، للدخول إلى عمق المملكة العربية السعودية، لذا تواصل إيران العمل على التحريض المذهبي داخل المملكة، ورغم علمها بأن مثل هذا التحريض يؤثر بشكل سلبي على العالم الإسلامي كله، إلا أنها تصر على مواصلة سياساتها بهذا الصدد، والسعي لتغيير خريطة المنطقة.
إن القوى الراغبة بتغيير خارطة العربية السعودية من البوابة اليمنية، هي ذاتها القوى التي ترغب بتغيير خريطة تركيا، عبر إقامة دويلة كردية في سوريا. ورغم معرفة إيران بالهدف التقليدي لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، والمتمثل في تفتيت تركيا والعراق وسوريا وإيران، وإقامة دولة "كردستان" على أجزاء من تلك الدول، وإدراكها لحقيقة تأثير تلك المنظمة على المواطنين الإيرانيين من أصل كردي، إلا أنها لا تتورع عن تقديم كافة أنواع الدعم لمنظمة "بي كا كا"، وإقامة دولة كردية شمالي سوريا.
الولايات المتحدة تقدم دعمًا غير مباشر لعملية تغيير الخرائط
إن محور طهران – موسكو، يدرك أن تغيير خريطة سوريا، والعراق، واليمن، وتركيا، والسعودية، سيكون له تأثير الدومينة على المنطقة برمتها، وأن المنطقة ستنجرف على أثره نحو حالة من الفوضى.
لكن، ما الذي تفعله الولايات المتحدة التي امتلكت وجودًا نشطًا لسنوات في هذه المنطقة؟ لقد انتهجت الولايات المتحدة سياسة فاشلة في الشرق الأوسط، وهي الآن تكتفي بمراقبة ما يحدث، بل إنها شجعت الخرائط المنشورة من قبل صحيفة "نيويورك تايمز"، والتي أظهرت وجود تقسيم لخارطة المملكة العربية السعودية.
لقد وجهت الولايات المتحدة ضربة لتركيا، عندما أعلنت منظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي" (ذراع منظمة بي كا كا الإرهابية في سوريا) كحليف لها في المنطقة، كما أغضبت السعودية عندما وقعت مجموعة من الاتفاقيات مع إيران، وهذا يعني، وجود أكيد لاتفاق غير مباشرة بينها وبين روسيا، التي تسعى لتغيير خريطة المنطقة بشكل فعلي.
في هذه الحالة، ينبغي على دول الشرق الأوسط، وضع استراتيجيات وعقد اتفاقيات وتحالفات وصياغة مفاهيم جديدة، لرسم صورة مصيرهم، ومستقبل بلادهم، خاصة أن المنطقة تشهد في هذه الآونة، "صراعًا حامي الوطيس"، بين القوى الراغبة في تغيير خريطة المنطقة، والقوى الساعية لحمايتها.
في منتدى الدوحة 2025 وسط حضور كبير تجاوز ستة آلاف شخص وفي التنوع في الجلسات الحوارية التي ناقشت... اقرأ المزيد
183
| 17 ديسمبر 2025
تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم
وصلت صباحا وكلي همة وتفكير من أين سوف أبدأ، فإذا بي أدخل المكتب وأجد مكتب زميلتي ليس على... اقرأ المزيد
192
| 17 ديسمبر 2025
قطر.. قصة وطن يتألّق في يومه الوطني
في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تكون دولة قطر على موعدٍ مع ذاكرتها الوطنية، وتفتح صفحات... اقرأ المزيد
126
| 17 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2334
| 10 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
831
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025