رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جابر محمد المري

مساحة إعلانية

مقالات

7961

جابر محمد المري

توشك القرى أن تخرب وهي عامرة !

23 نوفمبر 2021 , 03:00ص

"قصص عتيقة" هي عنوان مقالة في مجلة الرائد التي صدرت عن نادي المعلمين الكويتية في الفترة من 1952 حتى 1954، عنونت إحدى مقالاتها بـ "كيف اختير وزير مالية سرنديب؟" والتي تروي أن ملك سرنديب جمع وزراءه وكبار رجال مملكته وأخذ يتداول معهم الأمر، فيمن يحل محلّ وزير المالية المستقيل، فركب كل فناً وقال قولاً وجاء برأي دون الوصول إلى حل مُرضٍ.

وأخيراً تكلم حكيم المملكة ومستشار الملك الخاص، فالتمس من الملك أن يأمر بإقامة حفلة رقص ويختار أرشق الراقصين حركة لمنصب وزير المالية، فاستغرب المجتمعون هذا الرأي العجيب، ولكنهم سلموا به ثقة منهم بأن حكيم المملكة ومستشار الملك الخاص لا يقول إلا بالحق والصواب.

وهكذا أُقيمت الحفلة وحضرها حشد حاشد من مهرة الراقصين، وكل منهم يأمل أن يفوز بالمسابقة ويصبح وزيراً لمالية سرنديب التي تُضرب بثروتها الأمثال، وكان على الراقصين أن يمرّوا أثناء رقصهم فُرادى ببهو ضيّق قد رُصفت جوانبه بالأحجار الكريمة التي تخطف الأبصار ببريقها اللامع.

وجلس الملك وحكيم المملكة والوزراء في زاوية خاصة يستعرضون ألوان الرقص وفنونه، وكان كلما انسلّ أحد الراقصين إلى البهو المظلم وشاهد الجواهر واللآلئ مدّ يده بخفة إلى شيء منها ودسّه في جيبه وخرج وكأنه لم يفعل شيئاً ! وكان الملك والحكيم والوزراء يطالعون كل ما يحدث بانتباه شديد، وأخيراً جاءت نوبة أحد الراقصين فانسلّ إلى البهو وخرج منه دون أن يمد يده إلى شيء منها، فمال الحكيم على الملك وهو يشير إلى الراقص النزيه قائلاً: يا مولاي، هو ذا أحق الراقصين بمنصب وزير المالية. وهكذا اختير وزير مالية سرنديب!!

هذه القصة تُشخص أحوال الأمة العربية وما آلت إليه من تحميل الأمانة لغير أهلها ومن لا يفقهون في شؤون الناس وقضاء حوائجهم، ولا يبرعون إلا في الحرص على مجالسة الحكام وعِليَة القوم والسمع والطاعة لهم وفق ما تقتضيه مصالحهم لا مصالح الرعية، دأبوا على النفاق والتملق والتسلق لإتمام غاياتهم وشؤونهم، يمتازون بحلو وعذب الكلام لإقناع الناس بصدقهم وهم كاذبون أفّاكون، ضالون مضلون وزالّون مزلون، قلوبهم دويّة وصحافهم نقيّة !

انظروا إلى دولنا فلن تروا جلّ وزرائها وكبار شخصياتها إلا منهم على هذه الشاكلة، وعلامتهم بارزة، فهم كالحنظلة الخضرة أوراقها المرّ مذاقها، يقولون الكثير ولا يعملون إلا القليل، يدّعون الإصلاح وهم فاسدون مُضلون، متأرجحون يتمايلون على حسب ما تقتضيه مصالحهم الشخصية !

فاصلة أخيرة

قال الفاروق عمر: توشك القرى أن تخرب وهي عامرة

قيل: وكيف تخرب وهي عامرة؟

قال: إذا علا فجّارها أبرارها، وساد القبيلة منافقوها !

[email protected]

مساحة إعلانية