رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. سلوى حامد الملا

[email protected]

@salwaalmulla

مساحة إعلانية

مقالات

612

د. سلوى حامد الملا

كي لا تزول النعم

23 أكتوبر 2025 , 02:00ص

• كان لي شرف حضور افتتاح دور الانعقاد الرابع والخمسين لمجلس الشورى والاستماع عن قرب إلى الخطاب الشامل الذي ألقاه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى. خطاب اتسم بالحكمة وبالاتزان والعمق، وجمع بين الإنجاز الاقتصادي، والعدالة المؤسسية، والتعليم، والتماسك الأسري، في رؤية شاملة تؤكد أن النعم لا تدوم إلا بالعمل، وأن التنمية لا تُصان إلا بالقيم والوعي.

• استهل سموه خطابه بالتطرق إلى الاقتصاد الوطني الذي واصل أداءه الإيجابي رغم التقلبات العالمية، بفضل السياسات العقلانية المتوازنة التي حافظت على استقرار الاقتصاد الكلي وثقة المستثمرين في اختيار قطر لاستثمارات خارجية أو داخلية. وأشار سموه في خطابه الشامل إلى نجاح الدولة في تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة بما تتضمنه من قطاعات وتجمعات اقتصادية جديدة، وتحقيق نمو مستدام يقوده القطاع غير الهيدروكربوني. 

• أكد سموه أن الحفاظ على النعم يتطلب إدارة رشيدة للموارد وانضباطا ماليا يضمن الاستقرار للأجيال القادمة.

• ثم وجّه سموه الأنظار إلى أهمية التعليم بوصفها أساس النهضة وتقدم الدولة، مؤكدًا أن رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية لأي دولة. فالتعليم، كما أوضح سموه، هو الوسيلة التي يصنع بها المستقبل، وهو ما تسعى اليه الدولة بشكل جاد ومهم في تطوير منظومته وتأهيل كوادرها الوطنية وفق معايير الكفاءة والإنجاز، مع الانفتاح على الكفاءات العربية والعالمية. بهذا الطرح العميق لأهمية التعليم والتنمية البشرية، يعيد الخطاب صياغة مفهوم التنمية ليكون استثمارا في الإنسان أولا، وإعدادا لأجيال واعده تدرك قيمة ما يقدمه الوطن وأهمية العمل له ليكون جيلا واعيا بقيمه ومنفتحا على المعرفة والابتكار.

• وفي هذا السياق، شدد سمو الأمير على أن النعم مسؤولية جماعية، قائلا: «علينا أن نحمد الله على نعمه وأن نتذكر أن هذه النعم لا تدوم إلا من خلال الجهد الدؤوب في الحفاظ عليها وتطويرها والاستثمار فيها لخير المجتمع والأجيال القادمة». بهذه العبارة وضع سموه فلسفة الشكر العملي أساسا لاستدامة التنمية، مؤكدا أن العمل والإخلاص هما طريق شكر الله على فضله، وأن التنمية الحقيقية هي التي توازن بين المادة والقيم.

• كما تناول سموه محور العدالة وسيادة القانون باعتبارها ركيزة استقرار المجتمع، مشيرا إلى الجهود المبذولة لتسريع الفصل في الدعاوى وتحسين كفاءة المحاكم، وجاء في خطاب سموه «أن العدالة البطيئة نوع من الظلم» تأكيدا على محور العدالة والدور المنوط للمحاكم. هذه الرسالة تعكس إيمان القيادة بأن الأمن القانوني شرط لاستمرار النعم الاقتصادية والاجتماعية، وأن سيادة القانون هي الضمان الحقيقي لاستدامة الثقة بين الدولة والمجتمع.

• وفي الجانب الاجتماعي، أولى سمو الأمير الأسرة القطرية مكانتها وأهميتها المحورية في البناء للنسيج الوطني وقوته وتماسكه، مشددا على أهمية التربية الأسرية وضرورة اضطلاع الوالدين بدورهما المباشر في تنشئة الأبناء. فالتماسك الأسري هو الحصن الأول للقيم، والركيزة التي تبنى عليها المواطنة الصالحة والانتماء الأصيل.

• لم يغفل سموه الاستدامة البيئية، مشيدا بافتتاح محطات الطاقة الشمسية في راس لفان ومسيعيد، تأكيدا على التزام الدولة بمسار الطاقة النظيفة وحماية البيئة للأجيال المقبلة، وإيجاد بدائل لنضوب النفط..

• واختتم سموه الخطاب بتأكيد ثوابت السياسة الخارجية لقطر، القائمة على دعم الحق والعدل والسلام، وتجديد الموقف الثابت تجاه القضية الفلسطينية، في تعبير صادق عن التزام قطر بمبادئها الإنسانية والدولية بدبلوماسية ثابته ورصينة ومدركة لما يدور حولها. 

آخر جرة قلم: 

لقد رسم خطاب سمو الأمير رؤية متكاملة لوطن مدرك وواع بنعمه، راسخ بعدله، قوي ومتماسك بأسرته، متقدم بتعليمه، ومنفتح على العالم بثقة ومسؤولية. وهو تذكير لنا جميعا بأن حفظ النعم واجب وطني وأخلاقي، وأن التنمية بلا قيم تفقد معناها، كما أن القيم بلا عمل تفقد أثرها.. ويبقى الوطن شامخا وحاضرا بحكمة قيادته صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد ونبقى اللبنة الأساسية للوطن لتقدمه ورفعته والحفاظ على مقدراته. 

مساحة إعلانية