رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تداولَ متعاملون مع أدوات التواصل، خلال الأسبوعين الماضيين، شريطَ فيديو مُصوّراً من هاتفٍ نقَّال، لطالبٍ يعتدي بالضرب على طالبٍ آخر أمام مدرسة من مدارسنا، وبدا الشابُّ المُعتدي شَرساً، وهو يُكيلُ اللكماتِ إلى وجهِ ورأسِ الشابِ الآخر، الذي يبدو أنه أصغر منه سنّاً حسب شكله، وأرجعَ البعضُ الحادثةَ إلى تلاسُنٍ بين الطالبين حصل قبل الحادثة!
وبغضّ النظر عن تخطئةِ أو تبرئةِ أيٍّ من الطرفين، فإن الحادثة، بحدِّ ذاتها، مرفوضة.
ذلك أن الاعتداء الفيزيائي من شخص على آخر، لا يُمكن قبوله في هذا العصر، مهما كانت المُبررات، لأنه توجد جهاتٌ تحكمُ في أيِّ تلاسُنٍ أو شِجارٍ لفظي يحدث.
بعضُ المغردين والكُتّاب نادوا بأن تتم مُعالجةُ المُعتدي، قبل إيقاع العقاب عليه، وكان هنالك رأيٌ بأن يتمَّ عقابه، لأنه تصرّفَ تصرّفاً غير لائق مع إنسان آخر، خصوصاً وأن كليهما على مقاعد الدراسة، وضمن نطاق حَرَم المدرسة، كما أن دستور دولة قطر، في المادة رقم 18 من الباب الثاني، ينصُّ على الآتي:
«يقوم المجتمع القطري على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق».
وهذا نصّ صريح بأن الحادثة قد خالفت نصَّ الدستور، كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد كفلَ كرامة الإنسان، في مادته الأولى، التي تنصّ على:
«يولد جميعُ الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وُهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يُعامل بعضُهم بعضاً بروحِ الإخاء».
وأيّدَت المادةُ رقم 3 من الإعلان تلك المادةَ، ونصَّت على: «لكل فردٍ الحقُّ في الحياة والحرية وسلامة شخصه».
وأيضاً الحادثة ناقضت هاتين المادتين، ومن الناحية الدينية نجد أن القرآن الكريم وهو دستور الأمة، قد طالبَ بالمعاملة الطيبة بين البشر، مهما كانت اختلافاتهم، وبحُسن السلوك، وعدم الغيبة أو التنابز بالألقاب.. وغيرها من السلوكيات المرفوضة.
ولقد وُضعت قضية الاعتداء تلك، في مكانها الملائم، وقامت الأجهزة المختصة بإجراءاتها الكاملة التي تطلَّبها الموقف.
ولاحظتُ، ضمن المقابلات التي أُجريت مع بعض المسؤولين في هيئات التعليم، أن البعضَ قد ألقى باللائمة، في القضية، على وسائل الإعلام، ومشاهدةِ أفلام العنف! وحسب معلوماتي، فإن مشاهدة الإنسان الطبيعي لمشاهدَ عُنف، لا يُمكن أن تتولد لدية قابليةٌ للعنف، ذلك أن وسائل الإعلام لا تُغيّر السلوك، قدْر قيامها بدعمِ الاستعدادات الداخلية لدى الإنسان، وهو ما عُرف بـ (Reinforcement ) أي تعزيز الدوافع الداخلية، دون أن تغيّر السلوك (Change Behavior)، وأتمنى عدم الربط بين الموضوعين، ذلك أن الإنسان الذي لديه دوافعُ داخلية للعنف، فإن الإعلامَ العنيف «يدعم» هذا التوجه، وهذا لا يحدث مع الشخص الذي ليست لديه تلك الدوافع.
والتَنَمّرُ (Bullying )، وسمّاهُ قاموسُ أكسفورد بـ (بلطجي، شقيّ، متحكّم فيمن هم أضعف منه، يُجبر بالقوة) ص 85.
والتَنَمُّر سلوكٌ عدوانيٌّ غير مقبول، دائماً يقع بين الأطفال في سن المدرسة، وهو يعني: استخدام القوة اللفظية أو الجسدية، تضع الطرفَ الآخر في موقف الضعف، بقصد إلحاق الأذى به، ووضعهِ في موقف مُحرِج أمام الآخرين. وقد يكون التَنَمُّرُ (لفظياً)، باستخدام كلماتٍ نابية أو إشاراتٍ ضد الآخر، أو (جسدياً)، بالاعتداء بالضرب أو الركل أو الدفع، وهدفه إهانة الطرف الآخر أمام الناس، يقول الباحث النرويجي (P.N. Ross ) – في Arresting Violence: «إن التَنَمُّر يتضمن قدراً كبيراً من العدوان الجسدي مثل: الدفع، والنغز، ورمي الأشياء، والصفع، والخنق، واللكم، والركل، والضرب، والطعن، وشدّ الشَعر، والخدش والعَضّ».. ( ويكيبيديا).
وتتضح ظاهرة التَنَمُّر عندما يُقرر المُتَنَمِّر مَن هو ضحيته، ويبدأ في نبذها، في البداية، وحرمانِها من الاندماج مع بقية الأقران، ثم يبدأ في توجيه إهاناتٍ لفظيةٍ ضد الطرف الآخر، ثم يتطور الأمرُ إلى الاعتداء فيزيائياً، وأحياناً يسعى المُتَنَمِّرُ إلى إثبات قوةِ شخصيته بين المجموعة، ويحدثُ أن يقوم أكثرُ من شخص بعملية التَنَمُّر ضد شخص أو مجموعة أخرى.
ويرى بعضُ المُحللين أن التَنَمِّر يحدثُ نتيجة خللٍ في عقل الطفل أو الشاب المُتَنَمِّر، يجعله يعتقد أنه أقوى من غيره، وهذا لا يعني أن التَنَمُّر يحدثُ في رياض الأطفال أو المدارس فقط، بل يحدث أيضاً في الهيئات والمؤسسات، بين الكبار، كأن يَتَنَمّر (المدير) على أحد الموظفين أو مجموعةٍ منهم، بقصد إثباتِ وجوده، أو تخويفِ الآخرين من عقابه الشديد، حفاظاً على هيبته في العمل.
وهنالك عدة أنواع من التَنَمُّر:
التَنَمُّر اللفظي: ويشمل الإغاظة والسخرية والاستفزاز والتعليقات غير اللائقة.
التَنَمُّر الجسدي: ويشمل الضرب، العنف، الصفع، الخنق، وغيرها من طرق الإيذاء الجسدي.
التَنَمُّر العاطفي: من خلال الإحراج الدائم للشخص، ونشر الشائعاتِ حوله.
كما أن للتَنَمُّر تصنيفات أخرى، مثل:
التَنَمُّر المُباشر: الذي يتمثلُ في الضرب والدفع وشدِّ الشَعر والطعن والصفع والعضّ والخدش، وغيرها من الأفعال المؤذية.
التَنَمُّر غير المباشر: وهو الذي يتضمن تهديدَ الشخص بالعَزل الاجتماعي، عن طريق نشر الشائعات، ورفضِ الاختلاط معه، ونقدهِ من حيث الملبس والعِرق واللون والدين.. وغيرها من الأمور، بالإضافة إلى تهديد كُلّ مَن يختلط معه أو يدعَمه.
وهنالك أيضاً: التَنَمُّر الإلكتروني، الذي يحدثُ عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، أو من خلال الرسائل النصّية، عبر الهواتف النقّالة، وأيضاً التَنَمُّر الأُسَري، وهو الذي يكون من قِبل الوالدين أو بين الإخوان، أو الزوجين أو الأقارب، ويوجد التَنَمُّر السياسي، ويحصل عندما تسيطر دولةٌ ما على دولة أضعف، وعادة ما يتم ذلك عبر القوة والتهديد العسكري.
(التَنَمُّر، أسبابه، أنواعه، وطُرق علاجه، Heloona.com)
نعود إلى القضية التي بنينا عليها هذا المقال، لنؤكد أن المجتمع القطري يقوم على مكارم الأخلاق، والتعامل بالحُسنى. كما أن هذا المجتمع تحكمهُ قوانينُ ونواميسُ محدَّدة في الدستور، وفي مفاهيم وتقاليد المجتمع، وقد تكون تلك الحادثة فرديةً، لا ننكر وجودَ مثيلاتها سابقاً، إلا أنه لا يجوز تعميمُها، واتخاذها «شمّاعة» لوسم شبابنا بالتَنَمُّر، إذ يوجد لدينا شبابٌ محترمٌ في حديثه وفي تصرّفاته، ولقد واجهنا حالات تَنَمُّر في المرحلة الجامعية، فحدثَ أن تَنَمّر طالبٌ على أستاذه، بصورة غير طبيعية، لكن هذا الأمر، لا يحدثُ كُلَّ يوم، بل قد تكون للتَنَمُّر دوافعُ سيكولوجيةٌ، لم تتم معالجتها من قِبل الأُسرة، أو تمَّ السكوتُ عليها، حيث إن بعضَ أفراد المجتمع لا يؤمنون بمقولة (الوقايةٌ خيرٌ من العلاج)، بل ينتظرون وقوعَ المشكلة، ثم يبادرون بعلاجها، وهذا خطأ كبير.
نتمنّى لطلابنا وطالباتنا النجاحَ والأمان، ونتمنّى من الأُسَر تهيئة الأجواءِ المناسبة لذلك، وأن تُلاحظ الأُسرةُ تصرّفاتِ أبنائها وبناتها، ليتم علاجُ أيةِ ظاهرةٍ سلبية، قد تظهر على الأبناء أو البنات.
[email protected]
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8769
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6936
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
2892
| 13 أكتوبر 2025