رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قال تعالى في محكم تنزيله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].
إدارة الدولة والمجتمع هي المحدد الأساس للتنمية الاقتصادية العادلة، والقابلة للاستمرار، وهي أيضا مكون رئيسي لأية سياسات اقتصادية ناجحة، وترتبط بها أيضاً أساليب الجودة ونوعيتها، وتبني فكرة الكفاءة والفاعلية داخل المنظمات الحكومية وغيرها من منظمات وجمعيات المجتمع المدني، هذه هي قواعد الحكم الرشيد التي نادى بها ديننا الحنيف، وبنا بها أجدادنا العصور الإسلامية الذهبية التي نهضت بالأمة الإسلامية والعربية، وقادت بها العالم في تلك العصور، هذا الشعور انتابني عندنا قرأت ما دار في لقاء معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، الذي كان بمثابة رسائل مبشّرة للشعب القطري تعبر عن توجهات حكومتنا الرشيدة وجهودها المبذولة لتوفير سبل العيش الكريم للمواطن القطري، وقد حمل العديدَ من الأخبار السارّة لفئاتٍ كبيرة من المُجتمع، تحظى باهتمامٍ كبيرٍ من قيادتنا الرشيدة، واتسم اللقاء بالشفافية والإجابات الدقيقة والمباشرة، ونوجز تلك التباشير في المحاور التالية:
رفع المعاناة عن المتقاعدين
تمثل فئة المُتقاعدين شريحة كبيرة من المجتمع، وتتأثر بمعاناتهم شريحة عريضة، سواء المتقاعدون أنفسهم بصورة مباشرة أو من يكونون تحت إعالتهم من الزوجات والأبناء، وأكد معاليه على حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على كفالة الحياة الكريمة للمُواطنين المُتقاعدين، وتوجيهات سموه برفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي إلى 15 ألفَ ريال، ونوه معاليه بأن قانون التقاعد المزمع إصدارُه سيتضمن العديدَ من الأحكام التي تصبّ في مصلحة المتقاعد، منها إضافة بدل السكن من ضمن العلاوات، وكذلك تعديل الأحكام الخاصة بـ «السلف»، لمُواكبة أعباء الحياة وتلبية تطلّعات المُتقاعدين وضمان حياة كريمة لهم، وهذا بالتأكيد يعكس مدى حرصَ قيادتنا الرشيدة على ضمان الحياة الكريمة للمُواطنين المُتقاعدين، الذين أفنوا حياتَهم لخدمة الوطن وساهموا بمسيرة النّهضة في مُختلف المجالات.
إرساء قواعد المشاركة الشعبية في البلاد
تضمن اللقاء رسائل قوية للناخبين والمرشحين، بتأكيد معاليه حرص قيادتنا الرشيدة على إجراء انتخابات مجلس الشورى، بموجِب الدستور الذي تمّ الاستفتاءُ عليه، وَفق إجراءات نزيهة وشفّافة لتعزيز تقاليد الشورى وتطوير عملية التشريع وتعزيز مُشاركة المُواطنين.
وفي رسالة واضحة ومباشرة، أكّد معالي رئيس مجلس الوزراء أنّ الدولة لا تدعم أشخاصاً بعينهم في انتخابات الشورى المقبلة، وإنما تدعم إجراءَ انتخابات حرّة ونزيهة تكفل مشاركة شعبية واسعة لاختيار الأفضل والأكفأ، والقرار في النهاية هو قرارُ المواطن وحدَه في اختيار من يمثّله في مجلس الشورى المُنتخب من خلال صناديق الاقتراع.
مكافحة الفساد
من القواعد الأساسية لإرساء أركان الحكم الرشيد في الدولة محاربة الفساد، حيث أكّد معاليه على أنّ مكافحة الفساد قضية يهتم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى منذ أن كان ولياً للعهد، حيث يحرص سموه على التأكيد دوماً على أنّه لا أحدَ فوق القانون، وأنه لا حصانةَ لأي فردٍ في المُجتمع في هذا المجال، وذلك للحفاظ على أموال الدولة وحقوق الأجيال القادمة، فالدولة تحارب كلّ أشكال الفساد دون تهاون، بما في ذلك التقصيرُ الإداري.
ولأنّ قطر دولة مؤسّسات، فقد أكّد معاليه أنّ إستراتيجية مواجهة الفساد لا تعتمد على أفراد بعينهم، ولكن عبر التشريعات والأجهزة والهيئات الرقابيّة، والتحديث الدوري للقوانين والقرارات الخاصة بمكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة والشفافية.
كما نوّه معاليه بأنه تم إصدار العديد من التشريعات مؤخراً في إطار مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية، منها قانون مُكافحة تضارب المصالح، وكذلك تغيير القوانين المنظمة لإجراءات محاكمة الوزراء، بما في ذلك المحكمةُ الخاصة بمحاكمتهم ليكونَ الجميعُ سواءً أمام القضاء، ودون حصانة، كما أنّ الجهات القضائية المختصة هي وحدَها من سيحدّد نشر المعلومات الخاصة بالتحقيقات والمحاكمات في قضايا الفساد من عدمه، ونوه إلى دور الإعلام في دعم ونشر ثقافة النزاهة والشفافية والحفاظ على المال العام، وتغليب المصلحة العامة.
النهوض بالكفاءات الإدارية
وحظيت قضيةُ النهوض بالكفاءات الإدارية والارتقاء بأداء الوزارات والأجهزة الحكومية، وإحراز مزيدٍ من التقدّم في منظومة الخدمات الإلكترونية باهتمامٍ كبيرٍ من معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وأعلن معاليه الخطوط العريضة للمرحلة المُقبلة، حيث أكّد أنّ ملف التوظيف يتصدّر الأولويات خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وكشف عن تشكيل لجنة للكفاءة الحكومية، التي ستنتهي من أعمالها قريباً، وشملت أهدافها تحسين أداء الجهات الحكومية ووضع توصيف أوضح للوظائف، وكذلك دراسة تغيير اختصاصات بعض الوزارات وإعادة النظر في بعض الجهات الحكوميّة، وكذلك تحديث وتطوير التطبيقات والنوافذ الحكومية لتسهيل الخدمات ووصولها لأفراد المجتمع بجودة عالية وسهولة ويسر، كما شدد معاليه على توجيه ودعم الحكومة للقطاع الخاص للمُساهمة بشكل أكبر في التوظيف ورفع نسبة تقطير الوظائف، كما تطرق معاليه إلى عزوف المواطنين عن دراسة تخصصات معينة مطلوبة في بعض القطاعات مثل القطاع الصحي والتعليمي والحاسب الآلي، وأن الحكومة تسعى لمعالجة ذلك بوضع امتيازات للطلاب المُبتعثين لدراسة التخصصات التي تحتاجُها الدولة.
تمكين المرأة من أداء رسالتها الكاملة
كما كشف معاليه عن أن هناك دراسة لتطبيق نظام الدوام الجزئي للنساء في سبيل المُحافظة على استقرار الأُسرة، وتأسيس قواعد جديدة للكفاءة الوظيفيّة التي سيستفيد منها الجميع وينعكس أثرُها على الأجيال القادمة.
نجاح التجرِبة القطرية في مكافحة وباء كورونا
حظيت التجرِبةُ القطرية في التعامل مع جائحة كورونا «كوفيد - 19»، وما تتخذه الحكومة من تدابير احترازية وإجراءات وقائية، بتقدير وإشادة شعبية ودولية معاً، حيث نجحت تلك الجهودُ بتوفيق من الله عزّ وجلّ، ثم التوجيهات السديدة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، في تطويق انتشار الوباء، والحدّ من تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان سرّ نجاح التجربة القطرية في مواجهة الجائحة كما كشفه معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، يكمن في رفض فكرة الإغلاق التام لعدم وجود دراسة واضحة حتى في الدول التي طبّقتها، واعتمدت الحكومة على تطبيق إجراءات مدروسة لكل من الأنشطة والمجالات للحدّ من انتشار الفيروس.
كما تعاملت الحكومة مع تداعيات الجائحة بشكل مبكر عبر وضع التشريعات وإصدار القرارات العاجلة، وإعادة تنظيم اللجنة العُليا لإدارة الأزمات، التي فرضت بدورها إجراءات احترازية مشدّدة، مع الحرص على ألا تؤثر تلك الإجراءات سلباً في سير المشاريع الكُبرى والحيوية في الدولة أو تُلقي بظلالها على الجانب الاقتصاديّ والاجتماعيّ لأفراد المُجتمع.
وتعاقدت دولةُ قطر مُبكراً مع شركات كبيرة لها مكانتُها وسمعتُها العالميةُ في مجال صناعة الأدوية، للحصول على أفضل اللقاحات التي ثبتت فاعلية التجارب عليها، وتمت إجازتها وهي «فايزر- بيونتيك» و"مودرنا"، ليحصل 72 % من إجمالي السكان على جرعة واحدة على الأقلّ من اللقاح، ما كان له اكبر الأثر في تراجع أعداد المصابين في الآونة الأخيرة.
جاهزية الدولة لتنظيم المونديال العالمي
بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 تبدو الحدث الأهم الذي يترقّبه العالم الذي تتّجه أنظاره إلى قطر لمتابعة آخر الاستعدادات، ولذلك حمل لقاء معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حول هذا الملف رسالة مهمة للعالم بجاهزية قطر لاستضافة البطولة من كافة النواحي، سواء استكمال إنشاءات أو تجهيزات الاستادات والبنية التحتيّة المرتبطة بمشاريع المونديال التي يجري العملُ فيها بمعدلات مُمتازة للغاية.
كما كشف معاليه عن الانتهاء من عددٍ كبيرٍ من استادات المونديال التي أصبحت جاهزة بالفعل لاستضافة المباريات، بينما تتواصل حالياً أعمال التجهيزات في ثلاثة ملاعب هي لوسيل والثمامة ورأس أبوعبود، كما أنّ استاد لوسيل الاستاد الرئيسي الذي سيشهد المُباراة النهائية لكأس العالم في 18 ديسمبر 2022، أصبح جاهزاً بنسبة 90 %.
صون حقوق العمال
وفيما يتعلّق بجهود دولة قطر في حماية حقوق العمالة الوافدة، أكّد معاليه حرص أجهزة الدولة ومؤسساتها على أن تأمين حياة كريمة للعمالة الوافدة، يتصدّر أولويات دولة قطر، منوهاً بإصلاح قوانين العمل والمُمارسات المُتعلّقة به لتحقيق نظام ملائم لاحتياجات كلّ من العمال وأصحاب العمل، وأكد أن معاملة العمال بصورة إنسانية تنبع من أخلاقنا وتقاليدنا ومبادئ وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، التي لا تسمح بإساءة معاملة العمالة أو إهدار حقوقهم، وإنما تحرص على ضمان حياة كريمة لهم والتصدّي للحالات والمخالفات الفردية لبعض الأفراد أو الشركات واتخاذ إجراءات صارمة ورادعة في مواجهتهم.
كسرة أخيرة
جاء لقاء معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية حافلاً بالأخبار التي تستشرف مستقبلاً مشرقاً تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، كما عكست الأداءَ المشرّف للحكومة في التعامل مع كافة التحديات، والارتقاء بالخدمات في مختلف القطاعات.
ومن حقنا كشعب قطري يحب بلاده أن نفخر ونعتز بأن حبانا الله بقيادة حكيمة هداها الله إلى اتباع سبل الحكم الرشيد وكانوا أهلاً لذلك، وإننا إذ نعبر عن شكرنا وتقديرنا للشفافية والصراحة التي اتسم بها لقاء معاليه مع قياداتنا الإعلامية، نؤكّد أننا سنظل على الدرب دوماً مرآةً لنبض الشارع وجسراً للتواصــل بيـن المســؤولين والمُواطـنين لتحقيق كل ما يخدم وطننا الغالي قطر، ويدفع مسيرة دولتنا لتحقيق أهدافها التي رسمتها في محاور رؤية قطر 2030 للوصول إلى رفاهية المواطن القطري وتوفير سبل العيش الكريم.
الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
945
| 16 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
678
| 18 ديسمبر 2025