رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خالد الحروب

خالد الحروب

مساحة إعلانية

مقالات

2181

خالد الحروب

الفلسطينيون اقترحوا على هتلر الهولوكوست!

23 يونيو 2014 , 02:07ص

لا تفتأ الدعاية الصهيونية إلا وتعيد نبش الملف العزيز عليها وهو الزعم بـ "تحالف الحاج أمين الحسيني مع هتلر". وفي كل مرة يُفتح فيها هذا الملف يتم إضافة أكذوبة جديدة أو مبالغات نوعية إلى أن تضخم الملف كله. مؤخراً ووصولا إلى إحدى محطات التضخيم المتواصل تدهشنا تلك الدعاية الوقحة بتصوير أمين الحسيني على أنه صاحب فكرة إبادة اليهود وهو من اقترحها على هتلر. هتلر الذي لم يكن يسمع من أحد سوى عقله المريض. والعنصري تجاه العرب والمسلمين كما كان عنصريا ضد اليهود. يصبح طفلا طيعا بين يدي المفتي الحسيني ويستمع لاقتراحاته واستراتيجياته. المفتي الذي أقرب إلى السذاجة عندما تعلق الأمر بالصراعات الدولية في تلك الحقبة يصبح المنظر الكبير الذي يصغي إليه هتلر وينفذ توصياته بحرفيتها. وهتلر الذي استبطن فكرة الإبادة منذ شبابه وخطط لها سنوات طويلة قبل لقائه اليتيم بالحسيني وقع فجأة تحت سحر تأثير المفتي ونفذ ما أشار به عليه. إذا كان تأثير الحسيني على هتلر نافذا وكبيرا إلى الدرجة التي تروجها الدعاية الصهيونية. فمعنى ذلك أنه كان في مقدور الحسيني تغيير مسار التاريخ الأوروبي كله لو أنه مثلا أشار. أو لنقل أصدر الأوامر. على هتلر بعدم غزو غرب أوروبا وصولا إلى فرنسا. أو بالأحرى لماذا لم يأمر المفتي هتلر أو يقنعه بإعلان الحرب فورا ومنذ البداية على بريطانيا مباشرة عوض التورط في حروب مع بلدان أخرى استنزفته. سيما وبريطانيا هي التي تحتل بلاد المفتي وتسهل على الحركة الصهيونية مخططها في فلسطين؟

الحقيقة التاريخية هنا والمتعلقة بزيارة المفتي إلى ألمانيا لا تستحق سوى هامش سريع على متن الصراع العربي الصهيوني. هتلر الذي كان يضع العرب والمسلمين والأفارقة والغجر واليهود وكثير من غير العنصر الآري في نفس المرتبة الدنيا من الأجناس المنحطة لن يستمع لواحد من هؤلاء "المتخلفين" وينفذ "استشاراته". كان هتلر يريد توسيع دائرة العداوة ضد دول الحلفاء. وهو ما كان يريده أيضاً المفتي الحسيني الذي كان يبحث عن أنصار للقضية الفلسطينية ضد الغطرسة البريطانية. لكن من ناحية عملية لم يرتق لقاء المفتي بهتلر ولا مساعديه إلى مستوى لقاء المصالح بالمعنى الحقيقي. ذلك أنه لم يكن لدى المفتي ما يقدمه لدولة كبرى بحجم ألمانيا تلتهم أوروبا تباعاً وتنوي السيطرة على العالم بأسره. فرضية "تطبيق هتلر لاستشارات المفتي" سواء في مسألة الإبادة أو غيرها فيها قدر مضحك من السذاجة وافتراض الغباء بل والاستهبال أيضا. فحتى لو فرضنا أن المفتي أيد إبادة اليهود ودعا هتلر إليها فإن هذا لا يؤثر في الرواية التاريخية شيئاً. لأن آراء المفتي و"استشاراته" المفترضة ما كانت لتترك أدنى أثر عند هتلر لو لم يكن قد عزم النية منذ سنوات وأسس لمشروع الإبادة الوحشية تلك. لكن السؤال الأهم لماذا هذا التركيز الهائل على هذه التفصيلة الهامشية في صراع الصهيونية ضد الفلسطينيين والعرب. وكيف نفهم خلفياته وأين نموضعه؟

تقع مسألة التحالف المزعوم بين الحسيني وهتلر في سياق تخليق آليات التنميط السلبي عن العرب والفلسطينيين خلال مواجهتهم المشروع الصهيوني وإقامة دولة إسرائيل، لما يقدمه ذلك التنميط من توفير للاحتضان الدولي والغربي خصوصا لإسرائيل، والمتواصل حتى هذه اللحظة. يعود ذلك التنميط إلى حقبة ما قبل قيام إسرائيل وتأسس جزء كبير منه في العصر الحديث انطلاقاً من كتابات الرحالة الغربيين، بخاصة الأمريكيين، إلى الأراضي المقدسة ووصفهم أهلها والسكان فيها بكونهم، وفق الرحالة العنصري مارك توين، «قذرين بالطبيعة، أو بالفطرة، أو بالتعلم»! لم يستحق أولئك السكان في حقب لاحقة، تحت حكم الاستعمار البريطاني، أن يعاملوا بالطريقة نفسها و»المدنية» التي عومل بها اليهود «المتحضرون» المهاجرون المقبلون من أوروبا «المتحضرة». فمثلاً، لم تحتوِ مناهج التعليم البريطانية في المدارس الفلسطينية آنذاك والمُسيرة من جانب الإدارة البريطانية على مساق تعليم الموسيقى وهو المساق الذي تضمنه المنهج المُطبق نفسه في المستعمرات اليهودية. ليس هناك من تفسير لهذا سوى اعتقاد المسؤولين البريطانيين أن الفلسطينيين أدنى مستوى من اليهود، وأنهم غير جديرين بتعلم الموسيقى وهي التي ترتبط ذهنياً وتصورياً بالرقي والمدنية. ورث المشروع الصهيوني وخطاباته العنصرية والاحتقارية ضد عرب فلسطين التنميط الذي كان قد أسسه البريطانيون ورسخوه، وأضافوا إليه أبعاداً جديدة. فاليهود الهاربون من عنصرية أوروبا والمعبئين بمشاعر الاضطهاد الجمعي والضحية وجدوا في الفلسطينيين عدواً سهلاً، أقرب إلى الفريسة، لتفريغ نزعات الانتقام فيه، ولإثبات الذات والثورة على سمة الضعف والاستضعاف التاريخي التي لاحقت اليهود في التاريخ والعالم وفق السردية المركزية للخطاب الصهيوني. بعد جريمة «الهولوكوست»، ثم قيام إسرائيل أصبح الفلسطينيون هم المحطة الأولى والأقرب لتطبيق شعار «لن يحدث مرة ثانية»، في إشارة مباشرة إلى «الهولوكوست»، لكن في تضمين مرمز وعميق يحيل إلى التصميم المطلق والمطبق على الانتفاض على حقبة الاستضعاف. وضمن سياق هذا الشعور الانتفاضي والذي تهيأت له ظافرية نادرة بسبب قيام الدولة، فإن مقاومة الفلسطينيين مشروع اغتصاب أرضهم وتهجيرهم منها، تم اعتبارها وعلى الفور كأول اختبار لزمن جديد، زمن القطع مع حقب الاستضعاف. واحتل الفلسطينيون فجأة وعلى غير رغبة منهم موقع الطرف الذي يريد اليهود الذين تجمعوا وصارت لهم دولة أن يفرغوا ثأرهم التاريخي فيه، انتقاماً من الماضي، وإثباتاً لذات جديدة. ومن دون أن يكون لهم أي ذنب في تطور التاريخ المأسوي لليهود، وجد الفلسطينيون أنفسهم يدفعون فاتورة كل الاضطهادات التي تعرض لها اليهود في تواريخهم، خصوصاً في أوروبا. هكذا، أضيف تنميط تدميري جديد للفلسطينيين بكونهم خلاصة تجمع العداوات التاريخية لليهود بدليل أنهم لا يقبلون باليهود ولا بدولتهم ويطلقون مقاومة ضدهم. وهذا بالطبع يخرج الفلسطينيين من مربع النضال القومي والوطني ضد محتل أجنبي، إلى مربع آخر يسهل تسويغ إبادتهم فيه وهو مربع العداوة المتأصلة واللاسامية لليهود. وقد تمت مأسسة أخرى لهذا التنميط وربطه بالعدو الأكثر إرهاباً في التاريخ اليهودي الحديث وهو النازية، من خلال التركيز المضخم على الزيارة الساذجة للحاج أمين الحسيني إلى ألمانيا ولقاؤه بهتلر إبان الحرب العالمية الثانية، نكاية في بريطانيا وأملاً بدعم ألمانيا. فقد أصبحت تلك الزيارة تمثل العمود الفقري للتاريخ الفلسطيني والدليل الدامغ ليس فقط على «لا سامية» الفلسطينيين والعرب، بل على امتداد مشروع إبادة اليهود من ألمانيا إلى فلسطين وتكامل الإثنين. والمثير حقاً أن الدعاية الصهيونية لم تضخم فحسب تلك الزيارة إلى مستوى تكريس «علاقة إستراتيجية» بين الوطنية الفلسطينية والنازية، بل «اكتشفت» أن فكرة إبادة اليهود إنما هي أصلاً فلسطينية، وقد تمكن أمين الحسيني من إقناع هتلر بتنفيذها! والغرابة هنا تكمن في مدى وقاحة هذه الدعاية التي تضرب بعرض الحائط كل ما له علاقة بالتاريخ ورغبة هتلر وتشجيعه اليهود على الهجرة إلى فلسطين والتخلص منهم.

اقرأ المزيد

alsharq صراخ يجرح القلوب الصغيرة

تعد الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها أولى خبراته الاجتماعية والنفسية. ويتأثر الطفل بدرجة كبيرة... اقرأ المزيد

204

| 10 أكتوبر 2025

alsharq ضيم المرض يمه

‏لديَّ هواية قراءة الشعر العراقي وأحببت أن أشارككم تجربتي في وضع أبيات باللهجة العراقية أشتكي فيها ضيم المرض... اقرأ المزيد

30

| 10 أكتوبر 2025

alsharq القضية تعرض شكواها في المحاكم الدولية

(سافرت القضيةَ تَعرضُ شكواها في رُدهةِ المحاكم الدولية، وكانت الجمعيةَ قد خَصصت الجلسةَ للبحث في قضيّةِ القضيّةَ، وجاءَ... اقرأ المزيد

21

| 10 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية