رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إن فعل القتل محرم بموجب جميع الشرائع السماوية والنظم الأخلاقية وكذلك التشريعات الوضعية، فلا توجد شريعة أو نظام يسمح بقتل شخص دون وجه حق، كما أن جميع قوانين العقوبات المقارنة تجرم فعل القتل، بما فيها قانون العقوبات القطري الذي يعاقب على جرائم القتل المختلفة ضمن المواد من 300 إلى 306.
بمطالعة تلك المواد يتبين أن المشرع أورد أحكام جريمة القتل العمد، وجريمة قتل النفس أو الانتحار، وأيضا جريمة الاعتداء المفضي إلى القتل، موضحا حالات تشديد العقوبة المقررة وحالات التخفيض من مدتها. ولكي نكون أمام جريمة قتل مكتملة العناصر يجب توافر الركن المادي والركن المعنوي لها من أجل تحديد العقوبة المقررة بين حديها الأدنى والأقصى، ومن أجل إضفاء الوصف القانوني المناسب للجريمة إن كانت جناية أم جنحة.
ويقصد بالقتل العمد قيام شخص بإزهاق روح عن بينة واختيار لنتيجة الجريمة وهي إنهاء حياة شخص معين، وتتطلب جناية القتل العمد تحقق الركن المادي المتمثل في إتيان فعل إيجابي يؤدي إلى مفارقة الضحية للحياة، مثل إطلاق الرصاص على الضحية، أو إلقائه من الأعلى إلى الأسفل، وكذلك يمكن أن يتكون الركن المادي لجريمة القتل العمد من سلوك سلبي مثل قيام الفاعل بمنع الهواء عن الضحية في مكان مغلق من أجل اختناقه وموته. أما الركن المادي لجناية القتل العمد فهو أساس التجريم ويقصد به انصراف إرادة الفاعل الحرة المدركة إلى ارتكاب الجريمة، وتوخي حصول نتيجة الوفاة. ويعاقب كل من ارتكب جناية القتل العمد حسب المادة 302 من قانون العقوبات بالإعدام أو الحبس المؤبد، ويراعى عفو ولي الدم أو قبوله الدية في تقرير العقوبة فتصبح الحبس الذي لا تتجاوز مدته سبع سنوات، كما تصبح العقوبة المقررة للقتل العمد الحبس الذي لا يتعدى ثلاث سنوات، ويتحول وصف الجريمة من جناية إلى جنحة في حالة قتل المرأة عمدا لطفلها الناتج عن علاقة غير شرعية عقب ولادته مباشرة.
أما إذا اقترنت جناية القتل العمد بظرف من الظروف المشددة مثل القتل مع سبق الإصرار والترصد أو قتل الأصول أو غيرها من الحالات المنصوص عليها ضمن المادة 300 من قانون العقوبات، يتم الرفع من الحد الأقصى للعقوبة لتصبح الإعدام، واستثناء إذا عفا ولي الدم أو قبل الدية تكون العقوبة المقررة هي الحبس الذي لا تتجاوز مدته خمس عشرة سنة.
والركن الثالث والأساسي كذلك في تجريم القتل العمد هو الركن الشرعي، والمقصود به أن يكون الجاني قد قتل ضحيته بدون وجه حق أو مبرر لفعله، أي انعدام وجود عذر شرعي للقتل، ففي حالة قتل الشرطي للمشتبه فيه بإذن من رئيسه الأعلى سلطة منه لا نكون أمام قتل عمد، لأنه في هذه الحالة رغم توافر الركن المادي والركن المعنوي للقتل العمد، إلا أنه لا يتوافر الركن الشرعي المتمثل في عدم وجود مبرر أو عذر يبيح الجريمة.
أما الصنف الثاني من جرائم القتل المنظمة بقانون العقوبات فهي جريمة قتل النفس أو الانتحار، ففي هذه الحالة تجتمع في شخص واحد صفة الجاني والمجني عليه، وبالتالي إذا تحققت نتيجة إزهاق الروح يستحيل معاقبة الفاعل، لكن إذا لم تحدث الوفاة عوقب الجاني على الشروع في الانتحار بالحبس الذي لا يتعدى ستة أشهر والغرامة التي لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال أو إحداهما. وإذا أسفرت نتائج التحقيقات على أن الانتحار تم بمساعدة شخص ما، يعاقب ذلك الشخص بالحبس مدة لا تتجاوز سبع سنوات، أو مدة لا تتجاوز عشر سنوات في حال كان المنتحر لم يتم السادسة عشرة من عمره أو ناقص الأهلية، أما إذا كان المنتحر فاقدا للأهلية تكون عقوبة من ساعده الحبس المؤبد أو الإعدام، مع مراعاة عفو ولي الدم أو قبوله الدية لتصبح العقوبة هي الحبس الذي لا يتعدى سبع سنوات.
وبالنسبة لجريمة الاعتداء المفضي إلى القتل، فإن ركنها المادي لا يختلف عن الركن المادي لجريمة القتل العمد، وهو الاعتداء على سلامة جسم المجني عليه، لكن الاختلاف يكمن في الركن المعنوي بحيث في هذا الصنف من جرائم القتل لا تتوجه نية الفاعل إلى إزهاق روح الضحية، لكن لسبب أو لآخر تحدث الوفاة دون قصد الفاعل، مثل اعتداء الزوج على زوجته بالضرب المبرح الذي أدى إلى إنهاء حياتها دون توجه نيته إلى ذلك. وتكون العقوبة المقررة للاعتداء المفضي إلى الموت هي الحبس الذي لا يزيد على عشر سنوات، وترتفع إلى الحبس الذي لا يزيد على خمس عشرة سنة إذا اقترن الاعتداء بسبق الإصرار والترصد، في حين يتم النزول بالقدر المقرر للعقوبة إلى الحبس الذي لا يتعدى ثلاث سنوات في حالة العفو أو قبول الدية من قبل ولي الدم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إنستغرام: @9999
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6582
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3165
| 23 أكتوبر 2025