رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يمضي الذكاء الاصطناعي اليوم نحو لعب دورٍ يتجاوز كونه أداةً تقنية، ليغدو نواةً تحويلية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي من داخله. فمع انتقاله إلى فاعلٍ مستقلٍ قادرٍ على اتخاذ القرار والتنفيذ، تتبدل مفاهيم الإنتاج والمسؤولية والحوكمة، وتبرز أنماط جديدة من المخاطر المعقّدة. هذه المخاطر لا يمكن اختزالها في أعطال تقنية أو ثغرات تشغيلية، إذ باتت تمس البنية العميقة للاستقرار المؤسسي، عبر تداخلها مع سلاسل التوريد الرقمية، وبُنى القرار، ومنظومات الثقة التي تضبط عمل المؤسسات الحديثة.
في هذا السياق، يقدّم تقرير «6 توقعات لاقتصاد الذكاء الاصطناعي: القواعد الجديدة للأمن السيبراني لعام 2026»، الصادر عن شركة «بالو ألتو نتوركس»، مدخلًا كاشفًا لفهم هذا التحول البنيوي. فالقضية المطروحة لا تتعلق بتطوير أدوات الحماية أو رفع كفاءة الدفاعات الرقمية فحسب، بل بإعادة تعريف طبيعة المخاطر في اقتصاد تعمل فيه الأنظمة الذكية بوصفها فاعلين مستقلين داخل المنظومات المؤسسية، وما يستتبع ذلك من إعادة نظر شاملة في مفاهيم الأمن والحوكمة والمسؤولية. لقد مثّل عام 2025 ذروة اضطراب سيبراني غير مسبوقة، بلغ فيها مشهد التهديدات مستويات عالية من السرعة والتعقيد، مدفوعًا بتوظيف الذكاء الاصطناعي في الهجوم، وبالهشاشة المتراكمة في سلاسل التوريد الرقمية. وتكشف المعطيات أن 84% من أبرز الحوادث السيبرانية الكبرى التي جرى التحقيق فيها خلال هذا العام أسفرت عن توقف تشغيلي أو أضرار بالسمعة أو خسائر مالية مباشرة، ما يؤكد أن الهجمات لم تعد أحداثًا معزولة يمكن احتواؤها عبر استجابات ظرفية، بل تحولت إلى أزمات تشغيلية شاملة تمس صميم استمرارية الأعمال. هذا الواقع كشف بوضوح حدود النموذج الأمني التقليدي القائم على الاستجابة اللاحقة، وأبرز الحاجة إلى مقاربة مختلفة جذريًا، لا تنطلق من منطق «الاختراق» بقدر ما تنطلق من مفهوم «الانكشاف البنيوي».
مع الاقتراب من عام 2026، يتبلور انتقال نوعي من منطق الاضطراب إلى منطق الدفاع، ليس بمعناه الكلاسيكي القائم على التحصين والمطاردة، بل من خلال إعادة تصميم منظومات الأمن لتواكب اقتصادًا تقوده كيانات غير بشرية. ففي البيئات التشغيلية الحديثة، يتجاوز عدد الهويات والوكلاء الآليين عدد البشر بنسبة تُقدَّر بنحو 82 إلى 1، وهو تحول كمي يعكس تغييرًا نوعيًا في بنية القوى العاملة الرقمية. ومع هذا الاختلال العددي، لم يعد الإنسان الفاعل الوحيد في اتخاذ القرار، ولا الهدف الأساسي للهجمات، بل أصبح جزءًا من منظومة هجينة تتقاسم فيها الآلة والبشر الصلاحيات والمسؤوليات. في هذا السياق، لم يعد الأمن يعني حماية الشبكات أو الأنظمة فقط، بل حماية منطق التشغيل والقرار وسلاسل الثقة التي تقوم عليها المؤسسة.
وتبرز الهوية هنا بوصفها ساحة المواجهة المركزية. ففي عالم تتكاثر فيه الهويات الآلية وتتراجع فيه القدرة على التمييز بين الحقيقي والمصطنع بفعل تقنيات التزييف العميق في الزمن الحقيقي، تدخل المؤسسات في أزمة ثقة بنيوية. الخطر لم يعد مقتصرًا على سرقة بيانات أو تعطيل خدمات، بل امتد إلى إمكانية توجيه سلاسل كاملة من القرارات المؤتمتة عبر أوامر مزيفة أو هويات مخترقة، بما يجعل أمن الهوية شرطًا جوهريًا لاستقرار القرار المؤسسي ذاته، لا مجرد إجراء وقائي تقني.
هذا التحول يتقاطع مع مفارقة أعمق تتعلق بوكلاء الذكاء الاصطناعي أنفسهم. فهؤلاء الوكلاء يُعوَّل عليهم لسد فجوة المهارات السيبرانية العالمية التي تُقدَّر بنحو 4.8 مليون متخصص، وتقليص إرهاق فرق الأمن، وتسريع الاستجابة للحوادث عبر العمل المستمر. غير أن منحهم صلاحيات واسعة وثقة ضمنية يحولهم، في الوقت ذاته، إلى الأصول الأعلى قيمة داخل المؤسسات، وبالتالي إلى الأهداف الأكثر جاذبية للهجمات. وهنا يتغير مفهوم «التهديد الداخلي» تغيرًا جذريًا، إذ لم يعد مرتبطًا بالسلوك البشري، بل بإمكانية تحويل وكيل ذكي موثوق إلى عنصر يعمل ضد الجهة المالكة له بسرعة ودقة تفوق أي اختراق تقليدي.
ولا يقل البعد القانوني والمؤسسي خطورة عن الأبعاد التقنية. فالفجوة بين التسارع الكبير في تبني الذكاء الاصطناعي ومحدودية المؤسسات التي تمتلك استراتيجيات ناضجة لأمنه—حيث لا تتجاوز النسبة 6% وفق التقديرات—تنقل المخاطر من مستوى تقني إلى مستوى سيادي مؤسسي. لم تعد تصرفات الأنظمة الذكية غير المنضبطة أعطالًا تقنية محايدة، بل باتت قرارات ذات تبعات قانونية ومسؤوليات مباشرة تقع على عاتق القيادات التنفيذية ومجالس الإدارة، ما يعيد رسم حدود الحوكمة في العصر الرقمي.
أما على مستوى الممارسة اليومية، فقد تحوّل متصفح الإنترنت من أداة عرض إلى مساحة تنفيذ مركزية، تُدار عبرها التطبيقات والبيانات ووكلاء الذكاء الاصطناعي. ومع الارتفاع الحاد في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبح المتصفح نقطة التقاء بين الإنسان والآلة والبيانات، وفي الوقت ذاته أحد أوسع أسطح الهجوم غير المحكمة، ما يفرض نقل الضوابط الأمنية إلى نقطة التنفيذ الأخيرة بدل الاكتفاء بحماية الأطراف الخلفية للأنظمة.
في المحصلة، لا يتعلق التحول الجاري بإدخال أدوات أمنية أكثر تطورًا، بل بإعادة تعريف العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والقرار والثقة. ففي اقتصاد تقوده الأنظمة المستقلة، تصبح المخاطر السيبرانية مرآة لمخاطر الحوكمة والقيادة والمسؤولية. والتحدي الحقيقي مع اقتراب عام 2026 لن يكون في سرعة تبني الذكاء الاصطناعي، بل في القدرة على ضبطه وحوكمته وتأمينه بوصفه فاعلًا اقتصاديًا مستقلًا، دون أن يتحول من محرّك للنمو إلى مصدر دائم لانعدام اليقين. فالسؤال الذي يواجه البشرية اليوم لم يعد: هل نتبنى الذكاء الاصطناعي؟ بل: كيف نعيش وندير مؤسساتنا في عالم أصبح فيه الذكاء الاصطناعي فاعلًا لا مفر منه في تشكيل مصيرنا الاقتصادي والمؤسسي؟
تقاليع نرفضها رفضاً قاطعاً
في الماضي لم نكن نسمع في قطر هوس الــ (تيك توك) ولا تقاليع الـ (سناب شات) ولا ترند... اقرأ المزيد
198
| 28 ديسمبر 2025
إنجاز عربي تاريخي
في لحظة ثقافية فارقة، أعلن عن اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، المشروع العلمي العربي الأضخم من نوعه،... اقرأ المزيد
117
| 28 ديسمبر 2025
معجم الدوحة…. سيرة ومسيرة
شهدت قاعة كتارا في فندق فيرمونت في مدينة الوسيل حضورًا استثنائيًا رفيع المستوى لا مثيل له من المثقفين... اقرأ المزيد
78
| 28 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• متخصص بالسياسة السيبرانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1968
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1272
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1137
| 22 ديسمبر 2025