رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الحرب الإسرائيلية المستعرة في غزة على الفلسطينيين تؤكد أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تقدم نماذج بطولية نادرة في مواجهة اعتداءات المحتل. فقد وقف العالم مشدوهاً أمام جسارة المقاومة وإصرارها على رد العدوان فتألم المحتلون كما تألم الفلسطينيون بيد أن الفلسطينيين يرجون من الله ما لا يرجوه أعداؤهم. وصورة المشهد البطولي للمقاومة الفلسطينية ظلت تملأ الزمان والمكان. ولا شك أن خيبة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي هي خيبة للدولة المحتلة في المحصلة، جرتها عليه بطولات لا تبدو معتادة في زمان طغيان وجبروت القوة الغاشمة المستبدة بترسانات الأسلحة المتطورة.
إن قرار المقاومة الفلسطينية خلال السنوات القليلة الماضية استخدام ترسانتها الصاروخية لم يكن اعتباطيا أو من باب التجريب بل كان إدراكا منها بأن ذلك سيترتب عليه في كل مرة هجوم إسرائيلي كبير على غزة، لكنها ظلت تتخذ القرار الصعب دائما فكانت هي من يحدد توقيت الحرب وذلك يدل على احترافية ومهنية عسكرية. ولعل أهم معطى أن المقاومة خرجت من إطار فعل التفجيرات المنفردة والمتباعدة في عمق دولة الاحتلال وتلكم مسألة تثير جدلا كبيرا ظل يكبح التعاطف مع القضية الفلسطينية، إلى إطار الحرب المنظمة. فبعد سنوات من الكمون النسبي أظهرت المقاومة نجاحا كبيرا في تكوين منظومة صاروخية قادرة على الوصول إلى كل المدن الإسرائيلية، وعلى إحداث خسائر، وإرباك الحياة اليومية. وغير الهزيمة المعنوية المدوية، فإن جزءا مهما من نجاح دولة الاحتلال الإسرائيلي في الترويج لسوق سلاحها وخبرتها في مجال الأمن والمخابرات، ظل قائما على صورة جيشها الذي لا يقهر، فانحطت هذه الصورة وتداعت بدون شك.
لعل من أكبر خسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي من حربها المجنونة ضد غزة تأكيد عزلتها واستحالة اندماجها في محيطها فضلا عن تكريس حالة العداء ضدها وضد داعميها. وقد سبق ذلك محاولات يائسة لفرض هذا الكيان على المنطقة على قاعدة تصفية القضية الفلسطينية نهائيا بيد أن عملية طوفان الأقصى في السابع من الشهر الجاري أكدت أن هذه القضية حية ولن تستطيع أي مشاريع محلية أو عابرة، تصفيتها سواء بالقوة الغاشمة أو بالقوة الناعمة. ليس هذا فحسب فإن عملية المقاومة الأخيرة أكدت هشاشة وكرتونية دولة الاحتلال، وما تعاظم الهبة الغربية الداعمة وموسم حج زعماء هذه الدول، إلا محاولة عبثية لتأكيد أن هذه الدولة المصنوعة دولة طبيعية وقادرة على البقاء. وما هذه الزيارات التي تمت على أعلى المستويات إلا انعكاسا لحالة الهلع سيطرت على حكومة الاحتلال التي صرخت مستنجدة بأصحاب المشروع الصهيوني في المنطقة. بعد 7 عقود من إنشاء هذه الدولة لم تستطع أن تشعر بالأمان والقضاء على المقاومة الفلسطينية المتقدة.
وليس خافيا أن الكيان الإسرائيلي هو مشروع أمريكي غربي في المنطقة، وليس للولايات المتحدة حليف أو صديق في هذه المنطقة الإستراتيجية إلا هذا الكيان الغاصب، فلا تغتر دولة أو تركن لأي تحالف مع واشنطن. وربما كان قطار التطبيع الذي تقوده واشنطن وسط ألغام الرفض الشعبي الكاسح، يفضح المحاولات الأمريكية لجعل الدول المطبعة دولا وظيفية. والدولة الوظيفية هي الدولة التي تقوم بوظيفة ما، وتؤدي خدمة ما مؤقتا أو لمدة معينة، عبر المراحل التاريخية أو أنها تعمل على منع حدوث أمر ما في المنطقة. والدولة الوظيفية تحرسها نخب ترتبط مصالحها ببقاء هذه الدولة، ولذلك فهي حريصة على اجتراح نظريات ورؤى فكرية تعمل على بقاء الدولة الوظيفية لأكثر مدة ممكنة حتى تحافظ على مصالح هذه النخبة ومناصبها وأدوارها.
ويشكل يهود الغرب وهم اليهود الأشكناز، النخبة المتحكمة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهم نتاج الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التي تتكون من المنحدرين من شتات يهود وسط أوروبا وشرقها، ويمثلون 90- 95 % من اليهود الأمريكيين. فدولة الاحتلال الإسرائيلية هي صدى ليهود الغرب بثقافتهم الشاذة والمتعالية على الثقافة الشرقية فضلا عن شعورهم الباطني بأنهم سُرّاق لأرض فلسطين ولا علاقة لهم بها ولا لأجدادهم فهم شعب أوروبي بديانة يهودية محرّفة ومختلقة في غالبها. والمفارقة المدهشة تتبدى في قوة تأثيرهم في الدولة الأمريكية بالرغم من نسبتهم الضئيلة مقارنتهم بحجم سكان الولايات المتحدة، ففي سنوات قليلة مضت قُدِّر تعدادهم بين 5.5 مليون و8 ملايين، وهذا يمثل 1.7 %- 2.6 % من إجمالي السكان. فهذا التأثير قد تحقق بالإعلام والمال وذلك الذي يحدث فرقا في انتخاب أي رئيس أمريكي.
اليوم القادة المطبوعون هم أول ضحايا الخبث الإسرائيلي؛فقد ظهر جليا الدعم والإسناد الذي تقدمه دولة الكيان الإسرائيلي لمليشيا الدعم السريع في السودان، فبالرغم من أن الجنرال عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في السودان كان قد قاد التطبيع مع إسرائيل والتقى نتنياهو في في أبريل 2020 بالعاصمة الأوغندية كمبالا، إلا أن تل أبيب دعمت محاولة انقلاب مليشيا الدعم السريع على البرهان في 15 أبريل الماضي. فبعد نحو عام من ذلك اللقاء المشؤوم حطت طائرة خاصة تابعة للموساد بالخرطوم وكان على متنها مسؤولون بالجهاز الاستخباراتي الإسرائيلي، للالتقاء بقائد المليشيا الجنرال محمد حمدان دقلو المشهور بحميدتي. وعند بدء عملية طوفان الأقصى سارعت المليشيا المتورطة في أعمال إرهابية في السودان إلى تأييد إسرائيل وإدانة المقاومة الفلسطينية. وبعد مرور عدة أشهر من توقيع اتفاق التطبيع بوساطة أمريكية والمعروف باتفاق إبراهام في يناير الماضي، لم تف واشنطن بوعدها بالاستثمار في مشروعات الزراعة والتكنولوجيا في السودان. وأشار تقرير إسرائيلي بأن الخرطوم مستاءة تشعر بخيبة أمل بسبب الاستثمارات الأمريكية غير الكافية، التي كانت ترى أن زيادة الأموال ستضفي المزيد من الشرعية للتطبيع مع إسرائيل وتسويقه للشعب السوداني المعروف بممانعته القوية للتواصل مع إسرائيل.
مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد
228
| 13 أكتوبر 2025
عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد
168
| 13 أكتوبر 2025
ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد
123
| 13 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8799
| 09 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4017
| 13 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها الوطنية، يقف الأرشيف القطري أمام تحدٍّ كبيرٍ بين نار الإهمال الورقي وجدار الحوسبة المغلقة. فبين رفوف مملوءة بالوثائق القديمة، وخوادم رقمية لا يعرف طريقها الباحثون، تضيع أحيانًا ملامح تاريخنا الذي يستحق أن يُروى كما يجب وتتعثر محاولات الذكاء الاصطناعي في استيعاب هويتنا وتاريخنا بالشكل الصحيح. فلا يمكن لأي دولة أن تبني مستقبلها دون أن تحفظ ماضيها. لكن جزءًا كبيراً من الأرشيف القطري ما زال يعيش في الظل، متناثرًا بين المؤسسات، بلا تصنيف موحّد أو نظام حديث للبحث والاسترجاع. الكثير من الوثائق التاريخية المهمة محفوظة في أدراج المؤسسات، أو ضمن أنظمة إلكترونية لا يستطيع الباحث الوصول إليها بسهولة. هذا الواقع يجعل من الصعب تحويل الأرشيف إلى مصدر مفتوح للمعرفة الوطنية، ويهدد باندثار تفاصيل دقيقة من تاريخ قطر الحديث. في المقابل، تمتلك الدولة الإمكانيات والكوادر التي تؤهلها لإطلاق مشروع وطني شامل للأرشفة الذكية، يعتمد على الذكاء الاصطناعي في فهرسة الوثائق، وتحليل الصور القديمة، وربط الأحداث بالأزمنة والأماكن. فبهذه الخطوة يمكن تحويل الأرشيف إلى ذاكرة رقمية حيّة، متاحة للباحثين والجمهور والطلبة بسهولة وموثوقية. فبعض الوثائق تُحفظ بلا فهرسة دقيقة، وأخرى تُخزَّن في أنظمة مغلقة تمنع الوصول إليها إلا بإجراءاتٍ معقدة. والنتيجة: ذاكرة وطنية غنية، لكنها مقيّدة. الذكاء الاصطناعي... فرصة الإنقاذ، فالذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإحياء الأرشيف الوطني. فالتقنيات الحديثة اليوم قادرة على قراءة الوثائق القديمة، وتحليل النصوص، والتعرّف على الصور والمخطوطات، وربط الأحداث ببعضها زمنياً وجغرافياً. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحوّل ملايين الصفحات التاريخية إلى ذاكرة رقمية ذكية، متاحة للباحثين والطلاب والإعلاميين بضغطة زر. غير أن المشكلة لا تتوقف عند الأرشيف، بل تمتد إلى الفضاء الرقمي. فعلى الرغم من التطور الكبير في البنية التحتية التقنية، إلا أن الإنترنت لا يزال يفتقر إلى محتوى قطري كافٍ ومنظم في مجالات التاريخ والثقافة والمجتمع. وحين يحاول الذكاء الاصطناعي تحليل الواقع القطري، يجد أمامه فراغًا معرفيًا كبيرًا، لأن المعلومة ببساطة غير متاحة أو غير قابلة للقراءة الآلية. الذكاء الاصطناعي لا يخلق المعرفة من العدم، بل يتعلم منها. وعندما تكون المعلومات المحلية غائبة، تكون الصورة التي يقدمها عن قطر مشوشة وغير مكتملة، ما يقلل من فرص إبراز الهوية القطرية رقمياً أمام العالم. فراغ رقمي في عالم متخم بالمعلومات.....حين يكتب الباحث أو الصحفي أو حتى الذكاء الاصطناعي عن موضوع يتعلق بتاريخ قطر، أو بأحد رموزها الثقافية أو أحداثها القديمة، يجد أمامه فراغًا معلوماتيًا واسعًا. مثالنا الواقعي كان عند سؤالنا لإحدى منصات الذكاء الاصطناعي عن رأيه بكأس العالم قطر2022 كان رأيه سلبياً نظراً لاعتماده بشكل كبير على المعلومات والحملات الغربية المحرضة وذلك لافتقار المنصات الوطنية والعربية للمعلومات الدقيقة والصحيحة فكثير من الأرشيفات محفوظة داخل المؤسسات ولا تُتاح للعامة، والمواقع الحكومية تفتقر أحيانًا إلى أرشفة رقمية مفتوحة أو واجهات بحث متطورة، فيما تبقى المواد المحلية مشتتة بين ملفات PDF مغلقة أو صور لا يمكن تحليلها والنتيجة: كمٌّ هائل من المعرفة غير قابل للقراءة الآلية، وبالتالي خارج نطاق استفادة الذكاء الاصطناعي منها. المسؤولية الوطنية والمجتمعية تتطلب اليوم ليس فقط مشروعاً تقنياً، بل مشروعاً وطنياً شاملًا للأرشفة الذكية، تشارك فيه الوزارات والجامعات والمراكز البحثية والإعلامية. كما يجب إطلاق حملات توعوية ومجتمعية تزرع في الأجيال الجديدة فكرة أن الأرشيف ليس مجرد أوراق قديمة، بل هو هوية وطنية وسرد إنساني لا يُقدّر بثمن. فالحفاظ على الأرشيف هو حفاظ على الذاكرة، والذاكرة هي التي تصنع الوعي بالماضي والرؤية للمستقبل، يجب أن تتعاون الوزارات، والجامعات، والمراكز الثقافية والإعلامية والصحف الرسمية والمكتبات الوطنية في نشر محتواها وأرشيفها رقمياً، بلغتين على الأقل، مع الالتزام بمعايير التوثيق والشفافية. كما يمكن إطلاق حملات مجتمعية لتشجيع المواطنين على المساهمة في حفظ التاريخ المحلي، من صور ومذكرات ووثائق، ضمن منصات رقمية وطنية. قد يكون الطريق طويلاً، لكن البداية تبدأ بقرار: أن نفتح الأبواب أمام المعرفة، وأن نثق بأن التاريخ حين يُفتح للعقول، يزدهر أكثر. الأرشيف القطري لا يستحق أن يُدفن في الأنظمة المغلقة، بل أن يُعاد تقديمه للعالم كصفحات مضيئة من قصة قطر... فحين نفتح الأرشيف ونغذي الإنترنت بالمحتوى المحلي الموثق، نصنع جسرًا بين الماضي والمستقبل، ونمنح الذكاء الاصطناعي القدرة على رواية قصة قطر كما يجب أن تُروى. فالذاكرة الوطنية ليست مجرد وثائق، بل هويةٌ حيّة تُكتب كل يوم... وتُروى للأجيال القادمة.
2373
| 07 أكتوبر 2025