رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعتمد العقوبات دوليا لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو غيرها.. لم تكن النتائج باهرة حتى اليوم من ناحية تحقيق الأهداف، كما تشهد عليه العقوبات المزمنة ضد كوبا وكوريا الشمالية وغيرهما. معظم هذه العقوبات وضع من جانب واحد أو جانبين على الأكثر ولم يكن دوليا.
تعود العقوبات إلى الواجهة اليوم مع استمرارها فيما يخص الموضوع النووي الإيراني، كما تلك الحديثة جدا الموضوعة ضد روسيا من قبل أمريكا وأوروبا بشأن الوضع الأوكراني.
من المبكر دراسة نتائج العقوبات على الاقتصاد الروسي، إلا أن تقييمها على إيران أصبح ممكنا بعد سنوات من التطبيق المستمر. لا شك أن إيران أظهرت حيوية كبيرة وصمودا مدهشا في مواجهة العقوبات الدولية، إلا أن النتائج السلبية واضحة جدا وأهمها التضخم الكبير الذي تعاني منه البلاد.
يعتمد الاقتصاد الإيراني على العديد من القطاعات في مقدمها النفط. هنالك فترات مهمة ثلاث تصف تطور القطاع وبالتالي الاقتصاد بشكل عام.
في فترة 1908 \ 1959 كان الإنتاج النفطي مهما، إلا أن حصة إيران من الصادرات لم تكن كبيرة بسبب سيطرة الشركات الدولية العملاقة على الإنتاج والتسويق. حصل بعدها تأميم القطاع وتأسيس ما عرف بشركة إيران النفطية. تطورات الأوضاع في القطاع النفطي تعكس تغير العلاقات السياسية بين الدول الصناعية والدول النامية خلال زمن الاستعمار والاستغلال. في فترة 1960 \ 1978، حصلت تطورات كبرى في الأسواق نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط التي ظهرت جليا في مقاطعة الدول الغربية نفطيا بسبب دعمها المطلق لإسرائيل. ارتفعت أسعار النفط وبالتالي ارتفعت الإيرادات النفطية الإيرانية من صادراته. الفترة الثالثة المهمة هي 1979 حتى اليوم، أهم أحداثها المعروفة حصول الثورة الإيرانية وانعكاساتها الكبيرة ليس فقط على المنطقة وإنما على العالم أجمع. حدثت أيضا الحروب مع العراق التي نزفت المنطقة كلها ليس فقط اقتصاديا وإنما سياسيا وأمنيا وعسكريا واجتماعيا ودينيا أيضا. وقعت العقوبات على إيران التي ما زالت تمنع عمليا إطلاق عمليات النمو في كل دول المنطقة.. لم يصبح النفط مهما في تنمية الاقتصاد الإيراني إلا بدءا من الستينات. هنالك وعي حقيقي لكيفية إنفاق أموال النفط وتأمين استقرار الإيرادات في ظروف تقلب كبير في الأسعار ظهر جليا عبر تأسيس صندوق لهذه الغاية كما فعلت النرويج منذ سنوات.
لماذا يهتم علم الاقتصاد بالخلافات والتطورات السياسية في العالم؟ هنالك أسباب عدة أهمها أن الخلافات التي تنعكس أمنيا وسياسيا تؤثر سلبا على التنمية. هنالك أهداف تنمية دولية وضعت من قبل الأمم المتحدة في سنة 2000 يجب الوصول إليها في سنة 2015 التي لم تعد بعيدة. بسبب الحروب المختلفة في كل بقاع الأرض، ما زالت الأهداف بعيدة المنال وبالتالي تستمر أوضاع الفقراء في التعثر وربما الانحدار في بعض الدول.. لا يعالج علم الاقتصاد الأسباب السياسية للتوتر، إنما يعالج انعكاس الخلاف السياسي والأمني على الأوضاع الاقتصادية وخصوصا الفقر. يهتم الاقتصاديون بالقرارات التي تتخذ لتحسين الأوضاع بحيث لا تسيء إلى الطبقات الشعبية والمناطق الريفية وبالتالي تجعل الأوضاع الأمنية والسياسية أسوأ.
ليست كل القرارات الاقتصادية صائبة، إنما المهم أن لا تسيء إلى الأوضاع إن لم يكن بالإمكان تحسينها. من ناحية أخرى، تحسن الأوضاع الاقتصادية يساهم بشكل مباشر في تخفيف حدة النزاعات السياسية والأمنية وبالتالي يمنع تفاقمها وامتدادها الجغرافي.
تؤثر الخلافات السياسية الداخلية كما الدولية والإقليمية على مستويات الفقر خاصة إذا انعكست على الأمن والسلام. تؤثر على هروب الناس من أماكن إلى أخرى أكثر تطورا حتى لو كانت التكلفة عالية. نشهد دوريا هروب عشرات وأحيانا المئات من مواطني دول المنطقة وإفريقيا وغيرها إلى الدول الغربية على ظهر سفن غير آمنة مما يحدث العديد من الضحايا المؤسفة.. يهرب المواطنون من الفقر واليأس ويحاولون الهروب إلى العالم الآخر في أستراليا وإيطاليا وغيرهما.. ما سبب الأوضاع التعيسة في دول المصدر؟ حتما الحروب والخلافات السياسية على كل شيء التي تنعكس موتا وفقرا. لابد لعلم الاقتصاد من أن يهتم بتحسين الأوضاع الاقتصادية في كل الدول بحيث تخف الهجرة القسرية المكلفة المفروضة على الفقراء.
من الناحية الإيرانية وبعد سنوات من العقوبات القاسية التي أحدثت وتحدث توترات كبرى ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وإنما عالميا أيضا، كيف يمكن تقييم النتائج؟
أولا: المدهش هو استمرار الاقتصاد الإيراني في تحقيق نسب نمو مقبولة بالرغم من العقوبات والحصار والضغط الخارجي الكبير. كان النمو إيجابيا أي 3% في 2011 \ 2012، لكنه انعكس انحدارا قدره 5,8% و1,7% في السنتين التاليتين.. لا يرتبط النمو فقط بالأوضاع السياسية وإنما أيضا بأسعار النفط المتقلبة. تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى عودة الاقتصاد إلى النمو بدءا من هذه السنة بسبب العلاقات المتحسنة بشأن النووي وتحرير مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المحتجزة في المصارف الغربية.
ثانيا: يمكن اعتبار نسب البطالة مرتفعة بالمقياس الغربي أي في حدود 13% وهذا ليس بعيدا عما نشهده في بعض الدول الأوروبية في ظروف حالية عادية. قدرة الاقتصاد الإيراني على استيعاب عمالة عديدة في ظروف خطيرة هي حقا مدهشة، وربما تكون نسب البطالة مرتين أكثر في دول أخرى في ظروف مشابهة.
ثالثا: بالرغم من الظروف الصعبة، ما زالت نسب الادخار من الناتج أعلى من نسب الاستثمار.. هنالك سببان ممكنان، قدرة المجتمع على الادخار في ظل أسعار نفط ومواد أولية مرتفعة، وغياب الفرص الاستثمارية في ظروف تشنج كبيرة كادت تشعل حروبا في فترات عدة.
رابعا: إدارة الملف المالي جيد نسبيا أي أن العجز عندما حصل في بعض السنوات، كان محدودا جدا. هذا يشير أيضا إلى التقشف في الإنفاق في ظروف حصار اقتصادي صعب. في بعض الدول الأخرى وفي ظروف مماثلة، تفقد الدولة قدرتها على ضبط الإنفاق لتلبية الحاجات الشعبية، إلا أن هذا لم يحصل في إيران.
خامسا: ميزان الحساب الجاري فائض بفضل الصادرات النفطية التي استمر جزء منها. بلغ فائض الحساب الجاري 60 مليار دولار في سنة 2011 \ 2011 وانحدر إلى ما بين 20 و30 مليار دولار في السنوات اللاحقة. مكن هذا الواقع المصرف المركزي الإيراني من رفع الاحتياطي النقدي إلى مستويات مدهشة تقارب المئة مليار دولار.
إذا اعتبرنا ما سبق إنجازات ضمن الظروف الصعبة، لابد من التنويه بقدرة المجتمع الإيراني على المواجهة والتضحية. هذا طبعا ليس كل شيء، إذ هنالك معاناة اجتماعية ومعيشية يمكن وصفها بعاملين مترابطين هما التضخم وسعر صرف النقد.. بلغ مؤشر أسعار الاستهلاك 20% في سنة 2011 \ 2012، 41% في السنة التالية و22% فيما بعد وهذه النسب مرشحة للاستمرار.. انحدر سعر صرف النقد إلى النصف بدءا من سنة 2012 مما يشير إلى تدني أوضاع الفقراء والأحوال المعيشية بشكل عام. هنالك وجع كبير ربما لا يظهر إلى العلن، لكنه حكما موجود ولابد من انتظار الفرج بعد الاتفاق النووي النهائي. يحصل التضخم المرتفع بسبب العقوبات وارتفاع أسعار المحروقات كما بسبب السياسة النقدية المنفلشة التي رفعت الكتلة النقدية كثيرا بدأ من سنة 2012. لا يمكن لأحد أن ينكر وجود فساد يتعزز إجمالا في الظروف الصعبة على حساب الفقراء، ويستفيد منه بعض السياسيين كما أصحاب الأخلاق السيئة.. في مؤشر الشفافية العالمية، تقع إيران في المرتبة 144 من أصل 175 دولة تم تقييم فسادها وهذا متدن جدا ويجب معالجته.
صيف سويسري ضائع
«سأعود مُعافَى من الشعارات المخزونة في طيات لساني، أترك التعصب الذي يستولي عليَّ ويحيلني ببغاء تكرر المحفوظات. تطرفت... اقرأ المزيد
78
| 06 نوفمبر 2025
بين الصحافة التقليدية ووسائل التواصل المتجددة
كانت المقالات في الصحف من أكثر الأشياء المؤثرة في صناعة الرأي العام والتوجيه المجتمعي، وكان كاتب المقال صاحب... اقرأ المزيد
63
| 06 نوفمبر 2025
مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثون للأطراف بشأن تغيرات المناخ.. لحظة الحقيقة
تبدأ اليوم في منطقة الأمازون البرازيلية «قمة بيليم» التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للأطراف بشأن تغير المناخ... اقرأ المزيد
96
| 06 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3405
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2580
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2106
| 03 نوفمبر 2025