رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بفضل الأجهزة الذكية والتي أصبحت مُتاحة للصغار والكبار وكل شرائح المجتمع بات توثيق اللحظات هاجسا عند الجميع، ولا أعتقد أن العالم الحسن بن الهيثم أحد علماء العصر الذهبي والإسلامي والذي اخترع حجرة التصوير المظلمة قبل ما يقارب 200 عام كان يتخيل أن التصوير سيكون ممكناً للجميع وبهذه السهولة وأن الكاميرات أصبحت مقترنة بالهاتف الذي لا نتخيل حياتنا بدونه، وقد عرفت البشرية آلة التصوير بشكلها الحالي وبصور يمكن الاحتفاظ بها عام 1840 على يد المخترع ألكسندر وولكوت، ومنها تطورت إلى أن وصلت لما هي عليه الآن، ويتنوع التصوير الفوتوغرافي إلى تصوير المناظر الطبيعية والكائنات الحية بشكل عام، المباني، العمارة الهندسية، الأزياء ومساحيق التجميل، الغذاء وأطباق الطعام الشهية، الرياضات بشتى أنواعها، الشوارع، الوثقيات الحياتية والأحداث اليومية، وغيرها من التفاصيل التي أصبحت تشد المصورين للتصوير، فاصبحنا في زمن تستفزنا كثير من المشاهد التي نوثقها ونشاركها مع أصدقائنا عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي هي بدورها تطورت فعندما ظهر برنامج الانستقرام للمرة الاولى في آخر 2010 كانت فكرته مشاركة الصور الفوتوغرافية الثابتة مع الأصدقاء وأقبل عليه المستخدمون، حيث صرحَ القائمون على البرنامج في عام 2012 أن في كل ثانية تضاف 58 صورة جديدة، وقد تخطى التطبيق حاجز المليار صورة منذ افتتاحه، ومن بعد ذلك أصبح العالم مهووساً بالتصوير ومشاركة الصور بل غزت الصور حتى تطبيق تويتر الذي تحول إلى أكس x حيث كان مخصصاً لكتابة الأفكار بطريقة مختصرة وبذلك تحتل الصورة المقام الأول للملتقي وتدعم الكلمة بشكل مؤثر، بل أحياناً تكون الصورة أبلغ من العبارات، والصورة لا تحتاج إلى ترجمة ولا لغة لفهمها حالها حال اللوحات والرسومات فهي لغة عالمية يمكن للجميع ان يفهمها ويُعجب بها.
وتحت عنوان الصورة تنافس الكلمة أقام المركز القطري للصحافة الأسبوع الماضي جلسة حوارية في مقهى الصحافة حيث استضاف المصورين فرحة الكواري والمصور عبدالعزيز الكبيسي وهم من خيرة المصورين القطريين في قطر والذين لهم نشاطات واضحة في مجال التصوير وشاركوا في العديد من المعارض المحلية، وأوضحوا أن الصورة تُكمّل الكلمة ولا غنى عنها، في الوقت نفسه تساعد الكلمة على التفسير الصحيح والسليم للصورة والتي يمكن أن يُساء فهمها أحياناً، وفي الأحداث والأزمات الدولية والحروب تعتمد وسائل الإعلام بشكل رئيسي على الصور ولا يكتمل إنتاج التقرير الصحفي بدون صور تدعم التحقيق المكتوب خاصة وأننا أصبحنا نعتمد اعتمادا كليا على الصورة لإثبات مصداقية الخبر، إلا ان التطور التقني والذكاء الاصطناعي يمكن أن يشوه الحقيقة في حال إساءة استخدامه، وفي مداخلة قيّمة من سعادة الإعلامي القدير سعد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة بيّن فيها دعم المركز للمواهب الوطنية الشابة وأوصى الموهوبين بأن يواصلوا مسيرتهم دون الالتفات للعقبات والتحديات ودعاهم لتوثيق معالم ومدن قطر لتبقى إرثاً للأجيال، كما أعلن سعادته عن طرح جوائز في مجال الإعلام والصحافة من بينها أجمل صورة لتشجيع المصورين على المشاركة في المسابقة، كما أعلن مدير عام المركز القطري للصحافة الأستاذ صادق محمد العماري استعداد المركز لإصدار كتاب يضم أبرز اللقطات للمصورين فرحة الكواري وعبدالعزيز الكبيسي ليكون بذلك الإصدار الثالث للمركز حيث أصدر المركز كتاب إرث المونديال وعلى سيف شرق اللذين يوثقان الأحداث بالصورة، كما كشف الأستاذ عبدالعزيز الكبيسي عن دور مركز قطر للتصوير والدورات التي يقدمها لهواة التصوير، وقدم نصائح لمحبي التصوير والراغبين في احترافه أهمها التركيز على الموهبة وتطويرها بالتدريب، ومن أهم المواضيع التي تمت مناقشتها والمطالبة بها تسهيل تصاريح التصوير في الأماكن العامة وبعض المعالم المهمة في قطر ليتم نشرها وتوثيق روعة العمران في قطر ناهيك عن الترويج عنها سياحياً، جلسة نقاشية ثرية بالمعلومات ادرتها في مقهى الصحافة الذي سيستأنف نشاطاته بإذن الله بعد الإجازة الصيفية لنتعرف على مواهب جديدة في الوطن، فكل التقدير والشكر للقائمين على المركز القطري للصحافة على جهودهم في إثراء الساحة الصحفية والإعلامية والثقافية من خلال مجلس الصحافة ومقهى الصحافة والمعارض والفعاليات الأخرى الممتدة طوال العام والتي أحدثت نقلة نوعية في الحركة الصحفية والإعلامية مؤخراً ونتطلع للمزيد من الفعاليات الإعلامية المميزة.
• لنستمتع بالحياة ونوثق لحظاتنا السعيدة بالصورة التي سنشاهدها بعد حين ونستشعر بتفاصيل أحاسيسنا وقت التقاطها!
• نتمنى أن يمتلئ العالم بالصور الجميلة والسعيدة وأن تختفي صور القتلى والموتى ودموع الأطفال والدمار وأن يحل السلام في العالم!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
[email protected]
@amalabdulmalik
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
5154
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4392
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
4236
| 25 سبتمبر 2025