رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رغم تفاعلي مع المشهد السياسي العربي على مدى يقترب من الثلاثين عاما بحكم عملي بمهنة البحث عن المتاعب والحقائق أيضاً فإن قدرتي على تفسير غواية قتل الحاكم العربي المسلم لنفر من أبناء وطنه تبدو محدودة للغاية بل منعدمة أن شئنا الدقة
وكثيرا ما تساءلت عن سر هذه الغواية؟ فهل هي نابعة من جينات ورثها بعض حكامنا العرب الحاليين من أجدادهم الذين لم يتورع البعض منهم عن قتل ابنه أو والده أو عمه أو طائفة بكاملها أو إبادة منطقة بقضها وقضيضها؟
أم هي حصيلة رغبة عارمة في التمسك بمعادلة السلطة مهما كلف الأمر باعتبار أن هذا الحاكم أو ذاك من سلالة مغايرة تستحق وحدها البقاء فيها دون غيرها أو أن الله لم يخلق مثيلا له ليظل حاميا للوطن والشعب والثروة أو بالأحرى ملتهما لهم
أم هي جشع في امتلاك المزيد من وجاهة الموقع وميزات المنصب الأول وهو ما يتيح له أن يتحكم في رقاب العباد التي تنحني أمامه وكأنه إله فرعوني يتوجب تقديسه والتسبيح له في كل الأوقات ومن يتخلى عن هذه العادة أو العبادة يكون مصيره السجون والمنافي والإقصاء بل والقتل أحيانا
التساؤلات عديدة والتفسيرات أكثر تعددا وتعقيدا ولكنها لم ترو نهمي أو تشف غليلي
ولنتوقف عند أربعة من الحكام العرب اثنين منهما رحلا بفعل ثورة شعبية سلمية وهما الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس المصري محمد حسنى مبارك والآخران ما زالا متشبثان بالسلطة وهما الرئيس الليبي معمر القذافي والرئيس اليمني على عبدالله صالح فالأولان غادرا الحكم بقوة الفعل الثوري السلمي الذي امتد في كافة أنحاء البلاد وظلا على مدى زمني طويل رافضين للاستجابة لمطلب الثوار بل أمرا بتوجيه رصاصات قواتهما الأمنية لصدورهم ومحاولة التخلص منهم عبر وسائل همجية تجاوزها الزمن اعتمادا على ما يسمى بالبلطجة والخارجين عن القانون والذين كانوا جزءا -حسب ما كشفته الوثائق في مصر بالذات- من المنظومة الأمنية لنظام مبارك ولنظام بن علي بأشكال أخرى والنتيجة كانت إزهاق أرواح مئات الشباب والمواطنين وقد كشف النقاب قبل أيام عن أن مبارك عندما أبلغه حسام بدراوي الأمين العام السابق بالحزب الوطني عن سوء الوضع وطالبه بسرعة التنحي عن الموقف خاصة مع اقتراب الثوار من القصر الجمهوري قال له إن الحرس - يقصد الحرس الجمهوري المكلف بتأمينه- سيضرب "في المليان" بما يعني أن لديه تعليمات بإطلاق الرصاص الحي على أي شخص يقترب من دائرة القصر الجمهوري الكائن بضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة والمعروف أن هذه التعليمات صادرة منه لقائد الحرس الجمهوري وبالطبع فإن ما عرف إعلاميا بواقعة الجمل شاهدا على أن التمسك بالسلطة أهم من الشعب الذي قام نظام مبارك بقيادة نجله جمال بالتخطيط والتدبير لحشد الآلاف من البلطجية والخارجين عن القانون لضرب ثوار ميدان التحرير في الثاني من فبراير وهي الواقعة التي أنهت بقايا التعاطف مع مبارك بعد خطابه الذي ألقاه قبل ذلك بيوم واحد وأعلن فيه أنه لن يترشح لرئاسة الجمهورية مرة أخرى
وتشير آخر الأرقام لضحايا نظام مبارك إلى أنهم يتجاوزن خمسمائة شهيد غير آلاف المصابين في كل المدن المصرية- وفق تقرير للجنة تقصي الحقائق المكلفة في وقائع الاعتداء على الثوار- والتي ثبت أن مصدر الأوامر بإطلاق النار الحي والمطاطي وغيره من وسائل القتل والإصابة مبارك نفسه أو نجله جمال الذي كان يدير الأزمة بالقرب من والده على نحو أدى إلى القضاء على نظامهما السيئ السمعة
أما فيما يتعلق بالقذافي وصالح فحدث ولا حرج حسب التعبير الدارج فالقذافي تعامل مع شعبه الثائر على أكثر من 42 عاما من القهر والاستبداد وقسوة القلب والفساد واحتكار السلطة من قبل عائلته باعتباره مجموعة من الجرزان والمخدرين الذين يستحقون القتل ومن ثم استأجر المرتزقة بأموال هذا الشعب ليوسع فيهم القتل بلا هوادة ودونما رحمة والتعبير الأخير له شخصيا وأعلن أنه سيطاردهم من بيت إلى بيت ومن حارة إلى حارة ومن زنقة إلى زنقة وهى الأضيق من الحارة وأنجز وعيده وتجاوز القتلى الآلاف دون أن يغمض له جفن
وصالح في اليمن يمارس لعبة النفي بعد أن يقتل جنده وقناصوه شعبه في مجازر يندى لها الجبين مثلما حدث يوم الجمعة الماضي وقبل ذلك منذ تفجر ثورة الشعب اليمني متمسكا بالسلطة التي أعلن بوضوح أنه لن يغادرها قبل 2013 أي أنه سيظل جاثما على صدر شعبه عامين آخرين رغم دمائه العالقة برقبته
وبالطبع غواية قتل الشعب منتشرة في غير الأقطار العربية التي ذكرتها وإن كانت ليست على النحو الشديد البشاعة في تونس ومصر وليبيا واليمن ولكن أيا كانت أعداد القتلى والمصابين فهي تؤشر إلى توحش بعض من حكامنا العرب تجاه شعوبهم التي منحتهم منذ سنوات ثقتها ورغبتها في النهوض على أيديهم وقدموا أثمانا باهظة لبقائهم في السلطة رغم أنهم لن يحققوا وعودهم لهم بالتنمية والتقدم والحرية والديمقراطية وعندما طالبت الشعوب بحقوقها ثائرة بعد أن أعيتها الحيل والسبل سارع هؤلاء الحكام إلى تبنى منهجية القتل المنظم والإبادة مثلما يحدث في ليبيا ومحاولة إسكات الثورة عبر سفك دماء الثوار
والمرء يتساءل كيف يكون بمقدور حاكم أن يستمتع بالحكم وبمباهجه ويداه مخضبة بدماء شعبه؟
أظن أن لا أحدا من هؤلاء القتلة يمكن أن ينتابه هذا الخاطر فهم يظنون أن العناية الإلهية اختارتهم للبقاء على جماجم شعوبهم التي لا تساوى جناح بعوضة
إن شرعية أي حاكم مرهونة برضا شعبه فما بالك إذا كان هذا الحاكم قاتلا لهذا الشعب قابضا لأرواحه ناهبا لثرواته فهل يفكر هؤلاء الحكام في تغيير المعادلة بحيث يحرصون على دماء شعوبهم أولا قبل التمسك بالسلطة التي ستضعهم في أشد خانات التاريخ رداءة وعتمة وظلاما؟
السطر الأخير
للشهيد علي الجابر:
إنك يا صديقي ضحية لهذه الغواية فأنت واحد من أبناء الشعب العربي
لم يطق زبانية القذافي أن تأتي لترصد عشوائية قتله لشعبه فقتلوك لكنك سكنت خانة الشهادة بينما هو وهم سكنوا خانة العار
لقد كان من حظي أن أسعد بك قليلا خلال تغطيتنا أنت وأنا للقمة الخليجية الأخيرة في أبوظبي في بدايات شهر ديسمبر الماضي وكان معنا الصديق المحبب لكلينا جابر الحرمي كنت خلال هذه الأيام شديد الوضاءة والنقاء كان وجهك صافيا ولغتك مدهشة وقلبك عامر بالمحبة للآخرين رغم أنني أعرفك منذ أكثر من خمسة عشر عاما في الدوحة حيث كنا نتزامل في المهنة تصور أنت لمحطتك التليفزيونية وأكتب أنا لصحيفتي ثم نتبادل السمر والحكايات والأحلام وعشق الحياة الكريمة وأحيانا كنا نلتقي في مقاهي سوق واقف ليلا فلك الرحمة والسكينة مع النبيين والصديقين ولأسرتك ولمحبيك الصبر والسلوان
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8823
| 09 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4830
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
4521
| 14 أكتوبر 2025