رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عجيبةٌ هي الحياة، تغمرنا بسخائها، لنغرف من باطن ينابيعها، فنشتم رحيقها ونلعق من صافي عسلها، تنفتح شهيتنا مطالبين بالمزيد، بعد أن باتت نعمها ثوابت واقعية، ومنحها هِبات ربانية لن تنقطع، مما ساهم في إثارة مطامعنا، وارتفاع سقف رغباتنا اللامحدودة، التي تجبرنا على التدافع خلف ملذات الحياة وزينتها لاهثين، لنخوض مع الخائضين، نتورط في معاركها الهامشية، وننساق لتفاهاتها مُدققين بصغائر أمورها، تسرقنا أيامها ولياليها الحالكة، لنتوه في دوامة الأهداف، ونضيع في بوتقة الاحتمالات، باحثين عن مخارج آمنة وأمنيات مُحققة.
وما نكاد نقطع الطريق ويُخيل إلينا أننا وصلنا لمُبتغانا، حتى تلوح بالأفق سبلٌ جديدة، فنعدّ العدة مرحبين فاتحين لها ذراعينا مشمرين سواعدنا، مُفعمين بالنشاط والعزيمة والإصرار، نتطلع للقمم التي لا نقبل سواها، بهدف تعزيز مكانتنا وتحقيق ذاتنا، مرددين ما يتناسب وينسجم مع توجهاتنا من مصطلحات وعبارات وحكم، لتعزيز وتأصيل المعتقد الذي نتبناه، كالمثابرة والهمة العالية والطموح المطلق وتوثيقها بأن العمل عبادة، وبأن الفرص لن تتكرر، فضياع أحد المطالب قد يكلفنا كثيراً في زمن متطلباته الحياتية لا تتوقف، ورغباته تنمو باستمرار وتتضخم، علاوة على أن الحياة لا ترحم، والبقاء للأقوى.
وهكذا ندور كحبة قمح في طاحونة الحياة، لتأخذنا في رحلاتها التي لا تَكفُّ عن الدوران وهي تطحن عواطفنا وتسحق مشاعرنا، لتموت المُتعة بعد أن غفلنا عن لذة الطريق لوصول الوجهة وبلوغ الغايات.
عندما نتأمل هذا المنطق المُعاكس الذي أفقد حياتنا الثمرة الطيبة، نجد أن أكثر ما لهثنا خلفه لا يستحق، وأغلب من ضحينا من أجلهم اختفوا (ما لم يتحولوا لخناجر بظهورنا)، وما ظننا أنه مصدر سعادة جلب لنا التعاسة والشقاء، في حين أن الكثير من المتع التي رمتها السماء إلينا تلاشت كفقاعات الصابون لأننا أدرنا لها ظهورنا بتكريس جُل اهتمامنا لمعرفة متى سنصل وكيف ولماذا، ندور في حلقات مُفرغة دون أن ندرك أن الطريق لبلوغ القمة أجمل من القمة ذاتها، وأن ما كنا نبحث عنه موجود بداخلنا ولكننا لم نتمكن من رؤيته أو الاستدلال عليه.
فمن المؤسف أن هناك من لا يجيدون فن العيش وإن كان يُطلق عليهم أحياء ويمارسون طقوسهم كالجميع، إلا أنهم فقدوا أرواحهم في هذه الرحلة، فلم يتوقفوا للحظة ليتفقدوا فطرتهم ويمتَنوا للنعم المحيطة بهم، كما أنهم لم يتفكروا بمصيرهم بعد انقضاء كل هذه الزوابع، لانشغالهم بمراقبة وفهم الآخرين وتوجيه النقد لهم، بالإضافة لحالة الترقب واليقظة التي يتبنونها للدفاع ومزاحمة كل من تسول له نفسه انتزاع اللقمة من أفواههم، ولا يعنيني هنا من تؤول إليه، بل من سيستمتع بهذه اللقمة أكثر ويستشعر جمالها ويتلذذ بمذاقها، لأنها لن تذهب إلا لمن يستحقها.
ولست أحثك على التكاسل بالقيام بواجباتك والتنازل عن حقوقك، أو تخفيض معدل استحقاقك والتوقف عن التخطيط والسعي لمستقبلك، بل بالعكس فأنا أدعوك لها.
لكن.. وأنت تفعل كل ذلك لا تغفل عن تحسس النعم لتدوم، طمئن قلبك ليرتاح، تصافى مع ذاتك لتسعد، تقبل الآخرين بمفارقاتهم لتندمج، أحسن نواياك لتُرزق بها، كُن واضحاً لتسلم، وصادقاً لتُحترم، كُف عن التذمر والانتقاد لما يفعله الآخرون والأسف على ما ليس لديك، انشغل بذاتك، ولا تكن لحوحاً فما هو لك سيبقى وما ذهب إنما هو لغيرك، املأ قلبك بالرضا، وتمنَّ الخير للآخرين وإن كانوا أضدادك، فلا تفقد أجمل أوقاتك في التوتر والخوف من الغد الذي لم ترَه وغير مضمون، أو الماضي الذي لم يكن لك به يد ولا يمكن تغييره.
تعلم كيف تستغل اللحظات التي بين يديك الآن، استمتع بكل تفاصيلها لتكون في المستقبل ذكرى جميلة تفخر بتجاوزها وتبتسم لذكراها، وليست مجرد ذكرى تُقدر قيمتها، فلا تُبقِ المواقف والأحداث المؤلمة حية في ذهنك، بل أعد انتباهك باستمرار إلى اللحظة الحالية الأصيلة الخالدة بدلاً من الانغماس بصناعة الأفلام العقلية التي تنقلك بين الماضي والمستقبل وتفقدك الحاضر الذي تعيشه الآن بلحظاته التفصيلية ويمكنك التحكم بها، كما يمكنك اختيار الاستمتاع بها أو تجاهلها وإهدارها.
فهذا قرارك، هل تُفضل أن تخسر المتعة وتقود طريقك الوعر لتحتفل بنجاح الوصول عند خط النهاية، أم توفر عليك الكثير من العناء ببناء جسور عبور تتخطى بها تلك الصخور التي تعترض طريقك لتُيسر وصولك، وتتلذذ بالرحلة.
في مسيرة الحياة، تتسلل إلينا بعض الأرواح كأنها إشارات خفيّة من السماء، تحمل في حضورها سكينة تخفف عن... اقرأ المزيد
144
| 21 أكتوبر 2025
ما هذه الأخبار التي نقرأها كل يوم؟! أليس من المفترض أن يكون قرار وقف إطلاق النار ساريا منذ... اقرأ المزيد
99
| 21 أكتوبر 2025
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح توثيق كل كلمة وصورة سهلا وفي متناول اليد. وكل صواب وخطأ يمكن... اقرأ المزيد
90
| 21 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
7023
| 14 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء. فالتعليم يمنح الإطار، بينما التدريب يملأ هذا الإطار بالحياة والفاعلية. في الجامعات تحديدًا، ما زال كثير من الطلاب يتخرجون وهم يحملون شهادات مليئة بالمعرفة النظرية، لكنهم يفتقدون إلى الأدوات التي تمكنهم من دخول سوق العمل بثقة. هنا تكمن الفجوة بين التعليم والتدريب. فبدلاً من أن يُترك الخريج يبحث عن برامج تدريبية بعد التخرج، من الأجدى أن يُغذّى التعليم الجامعي بجرعات تدريبية ممنهجة، وأن يُطرح مسار فرعي بعنوان «إعداد المدرب» ليخرّج طلابًا قادرين على التعلم وتدريب الآخرين معًا. تجارب ناجحة: - ألمانيا: اعتمدت نظام التعليم المزدوج، حيث يقضي الطالب جزءًا من وقته في الجامعة وجزءًا آخر في بيئة العمل والنتيجة سوق عمل كفؤ، ونسب بطالة في أدنى مستوياتها. - كوريا الجنوبية: فرضت التدريب الإلزامي المرتبط بالصناعة، فصار الخريج ملمًا بالنظرية والتطبيق معًا، وكانت النتيجة نهضة صناعية وتقنية عالمية. -كندا: طورت نموذج التعليم التعاوني (Co-op) الذي يدمج الطالب في بيئة العمل خلال سنوات دراسته. هذا أسهم في تخريج طلاب أصحاب خبرة عملية، ووفّر على الدولة تكاليف إعادة التأهيل بعد التخرج. انعكاسات التعليم بلا تدريب: 1. اقتصاديًا: غياب التدريب يزيد الإنفاق الحكومي على إعادة التأهيل. أما إدماج التدريب، فيسرّع اندماج الخريج في السوق ويضاعف الإنتاجية. 2. مهنيًا: الطالب المتدرب يتخرج بخبرة عملية وشبكة علاقات مهنية، ما يمنحه ثقة أكبر وفرصًا أوسع. 3. اجتماعيًا: حين يتقن الشباب المهارات العملية، تقل مستويات الإحباط، ويتحولون من باحثين عن وظيفة إلى صانعين للفرص. حلول عملية مقترحة لقطر: 1. دمج التدريب ضمن المناهج الجامعية: أن تُخصص كل جامعة قطرية 30% من الساعات الدراسية لتطبيقات عملية ميدانية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص واعتماد التدريب كمتطلب تخرج إلزامي لا يقل عن 200 ساعة. 2. إنشاء مجلس وطني للتكامل بين التعليم والتدريب: يضم وزارتي التعليم والعمل وممثلي الجامعات والقطاع الخاص، ليضع سياسات تربط بين الاحتياج الفعلي في السوق ومخرجات التعليم. 3. تفعيل مراكز تدريب جامعية داخلية: تُدار بالشراكة مع مراكز تدريب وطنية، لتوفير بيئات تدريبية تحاكي الواقع العملي. 4. تحفيز القطاع الخاص على التدريب الميداني. منح حوافز ضريبية أو أولوية في المناقصات للشركات التي توفر فرص تدريب جامعي مستدامة. الخلاصة التعليم بلا تدريب يظل معرفة ناقصة، عاجزة عن حمل الأجيال نحو المستقبل. إنّ إدماج التدريب في التعليم الجامعي، وإيجاد تخصصات فرعية في إعداد المدربين، سيضاعف قيمة التعليم ويحوّله إلى أداة لإطلاق الطاقات لا لتخزين المعلومات. فحين يتحول كل متعلم إلى مُمارس، وكل خريج إلى مدرب، سنشهد تحولًا حقيقيًا في جودة رأس المال البشري في قطر، بما يواكب رؤيتها الوطنية ويقودها نحو تنمية مستدامة.
2856
| 16 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
2436
| 20 أكتوبر 2025