رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

إبراهيم عبد المجيد

كاتب وروائي مصري

مساحة إعلانية

مقالات

1992

إبراهيم عبد المجيد

الكوميديا القادمة

20 فبراير 2025 , 02:31ص

الكوميديا مقابل التراجيديا فن قديم. ظهرت في البداية مع المسرح، ثم انتلقت إلى السينما منذ بدايتها الصامتة في أفلام لشارلي شابلن، أو لورين وهاردي، الذين قدموا سلسلة أفلام ممتعة. من أفلام الكوميديا التي أخذت مكانها في التاريخ فيلم «الديكتاتور العظيم» لشارلي شابلن، ساخرا من هتلر وما أقامه من إبادة لليهود. كان هذا الفيلم عام 1940، وأول أفلامه غير الصامتة، ووجد قبولا كبيرا في العالم، في الوقت الذي كان الصهاينة فيه يهيئون الظروف، ليكون لهم وطن قومي في فلسطين، على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الوطن. مؤكد أن شارلي شابلن لم يكن معنيا بهذا، فضلا عن أن ما فعله هتلر باليهود أمر حقيقي، وكان مقابله استقبال اليهود الفارين، في مصر وفلسطين وغيرها من البلاد العربية، فالشعوب العربية كانت تفرق ما بين اليهودية كديانة، والصهيونية كعقيدة سياسية. كان النضال الفلسطيني على أشده ضد الاحتلال البريطاني، وضد التمهيد لدولة يهودية، وما تفعله القنصليات الأجنبية من شراء أراضٍ من الفلسطينيين وبيعها لليهود، فقيل لاحقا إن الفلسطينيين باعوا أرضهم، وهي الكذبة الشائعة حتى الآن عند الكثيرين للأسف. إما بسبب الجهل بالتاريخ، أو بسبب الترويج للصهيوينة التي تدعمها دول مثل أمريكا وفرنسا وإنجلترا، لها صحف وشبكات إذاعية وتلفزيونية يعمل فيها الكثيرون، ويمكن أن يتجاهل بعضهم الحقيقة من أجل العوائد المالية من عملهم، هذا في أقل تقدير.

شخصيات شهيرة تمثل بعض حكام من العالم، ظهرت في أفلام تراجيدية وكوميدية يطول ذكرها، منها ما هو عن تاريخ معروف، أو تاريخ أسطوري، مثل ملوك بابل أو نيرون أو ماري انطوانيت حتى محمد رضا بهلوي. أتذكر كل هذا وغيره وأنا أقرأ تصريحات جديدة كل يوم من ترامب، آخرها القول بأن هناك من سكان غزة من يتصل به على الواتس، يخبره أنهم مستعدون للتهجير. وسواء كان هذا صحيحا أم لا فهو يليق بترامب. لأني أتصور ترامب في كل أحاديثه وفي لغة جسده، كأنما يبحث عن دور سينمائي أو بطولة سينمائية. أعرف أن رونالد ريجان بدأ حياته ممثلا. وشارك في أفلام بعضها كوميدي مثل «فتاة من شاطئ جونز» عام 1949، أو درامي مثل «سجين حرب» عام 1954 وغيرها، حتى انتقل إلى السياسة وصار رئيسا للولايات المتحدة وكان مناصرا لإسرائيل. بدوره قام ترامب بأدوار صغيرة، أو مجرد ضيف شرف ترويجا لنفسه كرجل أعمال. أفلام منها «لا تستطيع الأشباح أن تفعلها» الذي نال عنه جائزة التوتة الذهبية عام 1990 التي تُعطى لأسوأ عمل وأسوأ ممثل. هو بالمناسبة صاحب شركة إنتاج سينمائي أنتجت أفلاما وثائقية. وفاز بنفس الجائزة عام 2019 عن بعض الأفلام الوثائقية. وهي جائزة ساخرة عبارة عن توتة برية مصنوعة من البلاستيك ثمنها خمسة دولارات، ولها شهرتها بالضحك والسخرية، فضلا عن أفلام ساخرة عنه، ولوحات وتماثيل ساخرة له، والكاريكاتير، مما يمكن أن تتيحه الحياة الأمريكية من حرية. ربما كان ترامب بذلك أكثر الرؤساء حظا، نقدا أو احتفاء، لكن يبدو من أقواله عن القضية الفلسطينية أنه لا يزال يمارس تمثيله بنزعة لا يقبلها العقل، بل يحاول تجسيد الكوميديا التي لم يتقنها. سيكون لذلك توابع قادمة في السينما بأفلام أكثر عنه، ساخرة منه رغم مأساوية موضوعاتها. لا ينسى ترامب أنه ممثل فيتقمص أدوارا تثير الضحك، ويبدو سعيدا كأنه يحقق مجدا سينمائيا لم يتحقق في الحقيقة. وربما يكون سببا في عودة السينما الصامتة، حتى تكون السخرية بالحركة والصورة.

مساحة إعلانية