رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الرسوم المسيئة لنبي الإسلام - عليه الصلاة والسلام - التي نشرتها الصحيفة الفرنسية (شارلي إيبدو) وما تبعها من قتل بعض صحفيي ورسامي الصحيفة أثار تساؤلات كثيرة حول هذا الحدث ومسبباته وآثاره، سواء في عالمنا العربي والإسلامي أم في عالم الغربيين والأمريكان، كما كانت هناك مواقف متباينة منه وأيضا عند الغربيين وعند الإسلاميين!!
الغالبية العظمى من المسلمين أدانوا تلك الرسوم وعدوها عملا عدوانيا مسيئا لكل المسلمين، وقلة شاذة لأخلاق لها بررت تلك الفعلة بنفس تبرير حكومة فرنسا الكاذب وهو حرية التعبير المكفولة للجميع!! ومع أن هؤلاء الشذاذ يعرفون كذب ذلك التبرير كما تعرفه حكومة فرنسا، سواء بسواء، وشواهد ذلك كثيرة، إلا أن حقدهم على الإسلام والمسلمين هو الذي دفعهم للوقوف إلى جانب أولئك المسيئين لرسولنا الكريم وأيضا المسيئين لديننا ولنا أيضا.
أصوات عاقلة ومنصفة خرجت من فرنسا ومن غيرها تنتقد تلك الرسومات وبقوة، وترى هذه الأصوات أن رسوم الصحيفة هي السبب المباشر لكل ما حدث، وهذا كما قالوا ليس مبررا للقتل ولكنه تفسير لما حدث.
بابا الفاتيكان كان واحدا من هؤلاء، فقد انتقد إهانة الأديان وقال: (إن حرية التعبير حق أساسي، لكنها لا تعني إهانة معتقدات الآخرين)، وقال أيضا: (لا يمكن استفزاز أو إهانة معتقدات الآخرين أو التهكم عليها وأنه ينبغي أن يتوقع المرء رد فعل على هذا الاستفزاز)، وأضاف: (لو سب أحد أمي فلينتظر مني لكمه وهذا أمر طبيعي)! أما الفيلسوف الفرنسي مايكل أونفري وفي مقابلة مع قناة BFMTV قال: (لماذا نقتل المسلمين في مالي كما قتلناهم قبلا في شمال إفريقيا وعندما يدافعون عن أنفسهم نتهمهم بالإرهاب؟ لماذا نذهب إلى بلدان المسلمين ونتدخل في شؤونهم لأنهم لم يتبعوا منهج فرنسا؟ وهل نستطيع فعل ذلك في الدول القوية مثل ألمانيا أو اليابان أو كوريا؟ ولماذا لم تقل الحكومة للصحفيين توقفوا عن الإساءة لرسولهم، في حين قالت لنفس الرسامين لما رسموا عن شعار اليهودية إنه فعل مخجل وعليكم الاعتذار لإسرائيل؟ إننا عنصريون ونحن شعب منافق)!! أما المفكر الفرنسي الشهير إدجار موران فقال: (هل كان ضروريا إفساح المجال للهجوم على العقائد الإسلامية والمساس بمكانة نبيهم وهل حرية التعبير تتيح ذلك؟!).
أما رئيس وزراء فرنسا الأسبق دومينيك دوفيلبان وهو مفكر وشاعر، فقد أعطى انطباعا بأن ما جرى كان معدا لترتيب حروب قد تكون كارثية مستقبلا، وأضاف: (إن التدخل العسكري الغربي في العالم العربي هو السبب فيما جرى).
هذه ردة فعل بعض الغربيين على الحادثة وهي أفضل بكثير مما قاله بعض المنتسبين للإسلام.
أما ردة الجانب الرسمي فقد كانت واضحة، فقد استنكرت هيئة كبار العلماء في السعودية تلك الرسوم، وقالت على لسان أمينها العام فهد الماجد: (إن واجب العالم أن يصنع الاحترام المتبادل والتعايش البناء ولن يكون ذلك بإهانة المقدسات والرموز الدينية)، كما استنكرت رابطة علماء المسلمين ودعت إلى التوقف عن تلك الأعمال المشينة، وممن استنكر أيضا الأزهر والديوان الملكي الأردني ودار الفتوى بالأردن، وعدد من الجمعيات الإسلامية في مختلف بلاد العالم.
الاستنكار الشعبي كان واضحا، لكن هذا الاستنكار جوبه بالعنف ومن دول شاركت في مظاهرات تستنكر ما حدث في الجريدة!! وكأن هذه الدول تعطي إشارات أنها مع الإساءة للرسول وهذا يولد حقدا في نفوس شبابها كما يوجد شعورا بالقهر والإحباط لديهم وكل ذلك قد يقود إلى العنف بكل أنواعه!! ففرنسا التي ذهبوا إليها تحمي شرطتها المتظاهرين مع الصحفيين، بينما هم يقمعون من يعبر سلميا عن حنقه مما فعله أولئك الأوباش ضد رسوله الكريم!!
عندما تسمح فرنسا بالإساءة لرسولنا ألا تعرف أنها سمحت بالإساءة لكل مسلم على وجه الأرض؟! أولا تعرف أيضا أنها عادت كل المسلمين دون استثناء؟!! وعندما يقولون: إننا لا نعادي المسلمين وإنما الإرهابيين فقط، فهل سيصدقهم أحد؟! وإذا كان البابا يقول إنه سيصفع من شتم أمه فماذا سيقول المسلمون وهم يعتقدون أن رسولهم أحب إليهم من أمهاتهم وآبائهم والناس أجمعين؟!
وإذا كان الغربيون لا يعادون الإسلام كما يدعون، فلماذا يلصقون أي عمل إرهابي بالمسلمين كافة ولا يفعلون ذلك إذا كان مرتكب الحدث نفسه غير مسلم؟!
الدكتور أبو يعرب المرزوقي وفي مقال له تحت عنوان: "الإرهاب ليس لنا"، قال فيه: التقرير السنوي لوضع الإرهاب وتوجهاته في الاتحاد الأوروبي الذي أعده مكتب الشرطة الأوروبية يوروبول قال: إن عدد الهجمات الإرهابية في أوروبا في عام واحد بلغ ٢٤٩ هجوما منها ١٦٠ هجوما نفذته الجماعات الانفصالية و٤٥ هجوما نفذته جماعات فوضوية ويسارية، وأما المحسوبون على الإسلام فنفذوا ٣ فقط!! أي حوالي ١ ٪ فقط!! فهل سمعنا عن نسبة الإرهاب للدين المسيحي؟!
وأتساءل: لماذا لم يتهموا الدين اليهودي بالإرهاب وقد قتل الصهاينة آلاف المسلمين؟ وأيضا قتل وشرد البوذيون آلاف المسلمين الروهنجيين، فهل قيل إن البوذية تمثل الإرهاب؟ لماذا فقط الإسلام هو المتهم دائما والمسلمون هم الذين يجري التحذير منهم؟! أليس هذا كله يؤكد أن الحرب ليست على الإرهاب، بل هي على المسلمين ودينهم؟!!
العنف لا يولد إلا العنف، والإرهاب يقود إلى إرهاب مماثل، فأوقفوا إساءاتكم للمسلمين بكل أنواعها وعندها لن تجدوا منهم إلا المحبة والاحترام.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
807
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025