رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هوعنوان مسرحية كوميدية مشهورة أضحكت الآلاف الذين شاهدوا فصولها ، تربّع على بطولتها الفنان محمد صبحي وتم إنتاجها عام 1975 من تاليف لينين الرملي وإخراج السيد راضي . لكن قصتها أو فكرتها مأخوذة عن رواية للكاتب الأمريكى "دانيلكييز" وتحكي قصة شاب "أبله" يتعرض لتجربة جراحية فى المخ لكى يصبح عبقرياً . فى البداية يصبح البطل عبقرياً فعلاً ، لكن سرعان ما تصيبه انتكاسة كبيرة فيصبح في حالة أصعب مما كان عليها .
سيناريو هذه المسرحية الكوميدية اتخذ لبطل المسرحية مسمّى " سطوحي " كدليل على منتهى الغباء والسذاجة والتخلف حيث اختاره دكتور فريد (محمود المليجي) بعد اكتشافه جزءا في مخ الإنسان يساعد على الذكاء إذا أجريت فيه عملية من خلال القفا . وبالفعل تُجرى العملية لـ ( سطوحي ) ليتحوّل (درامايتكيا ) من شخص متخلف شديد الغباء إلى شخص آخر ، نابغة يجيد العلوم ويتقن الحساب ويبدع في الإتيكيت ، بل ويتفوق في ذكائه حتى على دكتوره!
غير أن ذلك لم يستمرّ طويلاً قبل أن يعود ( سطوحي ) إلى حالته القديمة من الغباء والتخلف في دلالة على أن الذكاء أو الغباء إنما هي قدرات ومواهب لادخل للعمليات الجراحية في تعديلها أو تغيير مساقاتها في مخ الإنسان .
على أن شخصية ( سطوحي ) وعنوان مسرحيته الكوميدية ( انتهى الدرس ياغبي ) مضت مقولة مستخدمة أو مشاعة تجاه كثير من حالات الفشل والخيبة ، تُلقى تجاه شخصيات طبيعية أو اعتبارية يُراد أن يُقال لها " أنكم كنتم أغبياء " أو " أنكم خُدعتم وكُذّب وضحكوا عليكم " .
لا أدري كيف قفزت مجدّدا إلى ذهني هذه المسرحية وأنا أبحث عن إجابة سؤال ربما غفِل عنه كثيرون في خضم مجريات الأحداث المأساوية التي جرت في حلب الشهباء ، وهو : أين الدواعش في حلب ؟! وبالطبع الإجابة على هذا السؤال تجرّنا للسؤال عنهم في الموصل ؟ وفي المستقبل القريب سنسأل عنهم في تدمر !!
أنه سيناريو واحد ومتكرر ، لعبته ( داعش ) بكل مهنية واحتراف ؛ فجأة تغزو الدواعش المدن ذات الكثافة والأغلبية السنية ، وتقوم قوات النظام العراقي أو السوري بعملية انسحاب أقرب ماتكون إلى مسرحية منظمة ، فتقطع - بتدخلها -الطريق على تحرير تلك المدن في أيدي الثوار والمعارضة ، وتقوم بتقديم تسهيلات وتخريب انتصارات وتنفذ بعض فصول بهلوانية و( عنترية ) حتى إذا ما استجمع النظام السوري أو العراقي جيشه أو حشده ، ودخل هذه المدن ؛ تبخّر – فجأة – الدواعش وغاب أي حسّ لهم فترتكب أشد المجازر وأفظع المذابح وأسوأ أنواع تهجير أهالي تلك المدن .
لاداعي إلى التفصيل في هذا السيناريو ؛ فقد حدث في الفلوجة والموصل والآن في حلب ، وعما قريب سيكون في أدلب وتدمر ، وذلك بما يثبت أن ( داعش ) وأمثاله إنما هي صنائع مخابراتية وأداة غدْر تم زرعها للمساعدة في تطهير المدن ذات الكثافة السنية من أهلها وتنفيذ مشروع لاعلاقة له بما يرفعونه من شعارات رنانة . ومع ذلك لايزال أقوامنا ينظرون إلى ( داعش ) بأنها بطل المسرحية المذكورة ( سطوحي ) ولم يكتشفوا أن هذا الـ ( سطوحي ) كان مجرّد أداة اختارها ( المليجي ) وأجرى له عملية جراحية من القفا لتحقيق اكتشاف علمي يستفيد منه ( المليجي ) .
سانحة :
في مسرحية ( داعش ) ؛ من هو الغبي الذي يجدر بنا أن نقول له : " انتهى الدرس" ؟ هل هم الذين انضموا لها مخدوعين بشعاراتها ودعواتها ؟ أم الذين صدّقوا وجودها وانطلت عليهم حيلة إرهابها واستفرغوا جهودهم وأموالهم لحربها والتحالف ضدّها ؟ أم أولئك الذين استخدموها ( فزّاعة ) لإلهاء الأنظمة والشعوب بها وحرْفهم عن مقارعة العدو الحقيقي الذي هو مؤلف مسرحية ( داعش ) !!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8844
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5109
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4968
| 13 أكتوبر 2025