رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مهنا جابر النعيمي

 الباحث في السياسات العامة

مساحة إعلانية

مقالات

465

مهنا جابر النعيمي

صفحة جديدة بين أشغال والمواطنين

19 مايو 2025 , 02:52ص

في خطوة طال انتظارها، أعلنت هيئة الأشغال العامة «أشغال» عن إطلاق خطة تنموية طموحة بموازنة تبلغ 81 مليار ريال قطري، تشمل استكمال المشاريع المتوقفة، إلى جانب تنفيذ مشاريع جديدة تستهدف تحسين جودة الحياة للمواطن والمقيم، وتدفع بعجلة التنمية العمرانية في الدولة إلى الأمام..

الخبر لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان مُنتظرًا، فالسنوات الماضية شهدت تعثّرًا في بعض المشاريع، ما انعكس بشكل مباشر على الشارع القطري، سواء من حيث الخدمات أو البنية التحتية أو حتى الحركة الاقتصادية واليوم تأتي هذه الخطة لتبعث برسالة واضحة للمرحلة المقبلة مختلفة.

رئيس الهيئة، المهندس محمد بن عبدالعزيز المير، لم يكتفِ بالحديث عن أرقام، بل طرح رؤية متكاملة تتضمن تطوير أراضي المواطنين، وإنشاء مبانٍ حكومية في قطاعات الصحة والتعليم والرياضة، ومشاريع كبرى لتصريف مياه الأمطار والصرف الصحي، منها مشروع المصبات الاستراتيجية المقرر انطلاقه في 2025.

هذه المشروعات ستسهم بشكل مباشر في تقليل مشكلات تجمع المياه وتحسين البيئة الحضرية.

الأهم من ذلك، هو تخصيص 21 مليار ريال لدعم قطاع المقاولات المحلي، في خطوة تعكس إدراك الهيئة لحجم التحديات التي واجهها هذا القطاع في السنوات الأخيرة، ولأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تحريك عجلة التنمية. فالمقاول لم يعد مجرد منفذ، بل شريك في صناعة التقدم. هذا الدعم المالي والإداري يمكن أن يعيد التوازن لسوق البناء، ويحفز الشركات الوطنية على الاستثمار والابتكار.

ويأتي هذا التوجه أيضًا في وقت حساس، حيث تتطلع الدولة إلى مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الضغوط المالية العالمية والإقليمية. عودة المشاريع إلى مسارها الصحيح هو في حد ذاته مؤشر على ثقة الحكومة في قدرة القطاع على النهوض وتحقيق الأهداف الوطنية.

من الناحية الإدارية، يُحسب للهيئة إعلانها عن تبني التحول الرقمي عبر تطوير العقود الذكية وأتمتة البيانات المالية، وهو ما سيسهم في تسريع عمليات الترسية والتوريد وتقليل البيروقراطية، وتحسين كفاءة الأداء في تنفيذ المشاريع.

لكن يبقى التحدي الحقيقي في التنفيذ، لا في الإعلان. المواطن والمقيم لا يحتاجان إلى بيانات مطمئنة فقط، بل إلى مشاريع يلمسون أثرها على الأرض. وهنا يتطلب الأمر شفافية في المتابعة، وتواصلًا مستمرًا مع المجتمع لتوضيح المراحل والجدول الزمني لكل مشروع.

كما يجب أن تستمر الهيئة في إعادة تعريف علاقتها بالمجتمع، ليس فقط كشركة منفذة للمشاريع، بل كمؤسسة خدمية مسؤولة أمام الناس. فتح صفحة جديدة لا يعني فقط تسوية ما سبق، بل يتطلب بناء علاقة جديدة قائمة على الثقة، والوضوح، والنتائج الملموسة.

إنها بحق صفحة جديدة، نأمل أن تُكتب بلغة الإنجاز، وتُقرأ بالثقة، وتُوقّع بشراكة حقيقية بين الجهات الحكومية، والمجتمع، والقطاع الخاص. ولن يكون هذا ممكنًا إلا عندما يتحدث الإسفلت، وتتكلم الجسور، وتُروى الشوارع بقصص النجاح.

مساحة إعلانية