رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعتبر باكستان الابن المريض في جنوب غرب آسيا، بسبب الأزمات التي تعاني منها البلاد منذ نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي، وحتى الآن، وتحول البلاد إلى ماكينة لتصنيع الجهاد في ظل رعاية السلطات الرسمية ذات الألعاب الخفية. ورغم ندرة الأخبار الجيدة القادمة من باكستان، بسبب احتداد الصراع الطائفي، والمواجهة العنيفة بين الجيش وحركة طالبان الباكستانية خلال السنوات القليلة الماضية، فإن هذا البلد أظهر للعالم مؤخرا قدرته على إنتاج ديمقراطية.
ففي الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي اعتبرت "تاريخية" توجه ملايين الباكستانيين بقوة إلى صناديق الاقتراع يوم 11مايو الجاري، في اختبار تاريخي للديمقراطية. ومن شأن هذه الانتخابات التي يحق لنحو 86 مليون ناخب التصويت فيها أن تثمر عن أول انتقال للسلطة بين حكومتين مدنيتين في بلد يحكمه الجيش لأكثر من نصف تاريخه المضطرب. وكانت حركة طالبان قامت بعدة هجمات دموية أسفرت عن مقتل 130 شخصاً خلال شهر، لمنع حصول هذه الانتخابات، واصفة الديمقراطية بأنها"نظام للكفار".
ومع ذلك، فقد انتصرت الرغبة العارمة في التغيير لدى الشعب الباكستاني على دعوات "طالبان باكستان" بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، بعدما أدلى نحو ستين في المائة من الناخبين بأصواتهم في الانتخابات. وتعتبر هذه النسبة الأكبر من نوعها منذ عام 1970، إذ لم تتجاوز النسب في الانتخابات السابقة الثلاثين في المائة في أفضل الأحوال. وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 2004 هي 44 في المائة.
ويجمع المراقبون أن الانتخابات الباكستانية جرت في أجواء ديمقراطية نزيهة ومحايدة، رغم بعض التجاوزات في عدد من الدوائر، وهو أمر طبيعي، ولعب الجيش الباكستاني بالتعاون مع الأجهزة الأمنية دورا ً محايداً في العمل على السير الحسن لهذه الانتخابات، الأمر الذي عزز ثقة المواطن الباكستاني بالجيش وحرصه على أمن وسلامة البلاد والتزامه بما قاله قائده الجنرال أشفاق برفيز كياني من أنه يرغب في أن تتعمق المسيرة الديمقراطية في البلاد، وأن تسير الانتخابات بشكل سلس، لأن البديل عن هذا هو الديكتاتورية التي يحاول الجميع تجنبها.
الفائز الكبير في الانتخابات العامة الباكستانية هو نواز شريف زعيم حزب "الرابطة الإسلامية" (ليبرالي محافظ،وسط يمين) صاحب معامل الفولاذ، المتحدر من النخبة الباكستانية التقليدية، والذي سبق له أن تولى رئاسة الوزراء مرتين في التسعينيات من القرن الماضي. فقد حظي حزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة شريف بغالبية في البرلمان الفيديرالي"125 مقعداً من أصل 342 مقعدا في الجمعية الوطنية"، وفي إقليم البنجاب (معقله التقليدي) حيث يتوقع أن يشكل حكومة محلية منفرداً.
الفائز الثاني، هو نجم رياضة الكريكت السابق وصاحب الشعبية الكبيرة في باكستان عمران خان، الذي استفاد من صورته كممثل لجيل جديد من السياسيين في الانتخابات اليوم، وقطف ثمار حملته الانتخابية الناشطة بهدف "إحداث ثورة" في البلاد عبر كسر احتكار الأحزاب التقليدية. وكان عمران خان تعرض لسقطة بقوة من ارتفاع عدة أمتار عندما كان يستعد لإلقاء خطاب في مهرجان جماهيري، ونقل إلى المستشفى بسبب جرح في الرأس. ويحظى عمران خان بشعبية كبيرة لدى ملايين الباكستانيين منذ قيادته الفريق الوطني في الكريكت، الرياضة المفضلة في البلاد، حين فاز بلقبه الوحيد ببطولة العالم في عام 1992. ويبلغ خان من العمر 60 سنة. فمن تمثيل غير موجود في البرلمان السابق، حصلت حركة الإنصاف التي يتزعمها عمران خان على 32 مقعداً في البرلمان الفيدرالي. كذلك تصدرت حركته " باكستان تحريك وإنصاف " نتائج انتخابات في برلمان مقاطعة بيشاور.
وكان الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، هو حزب الشعب الباكستاني، الذي جاء في المرتبة الثالثة بحصوله على 31 مقعداً في البرلمان الفيدرالي.
ويتكون النظام الانتخابي الباكستاني على النحو التالي: يهتار الناخبون 272 مرشحاً لعضوية الجمعية الوطنية، وحتى يحقق الحزب غالبية بسيطة عليه أن يضمن 137 مقعداً. ومع ذلك فإن ما يزيد تعقيد الانتخابات أن هناك 70 مقعداً آخر معظمها مخصص للنساء وأبناء الأقليات غير المسلمة توزع على الأحزاب استناداً إلى أدائها في الدوائر الانتخابية. ومن ثَمَّ فإن الحزب يحتاج إلى 172 مقعدا ليضمن الغالية من بين إجمالي 342 مقعداً.
وبما أن حزب الرابطة الإسلامية هو الذي تصدر في قائمة الفائزين في هذه الانتخابات، فإن السيد نواز شريف هو المكلف بتشكيل حكومة ائتلاف، لاسيَّما أن نواز شريف تولى منصب رئيس الوزراء في فترتين (1990-1993) و(1997-1999)، عندما أطاحه انقلاب عسكري بقيادة الجنرال برفيز مشرف.
ويعتبر نواز شريف من دعاة الليبرالية الاقتصادية، وهو مسلم معتدل وقريب من الأحزاب الإسلامية المعتدلة. وهو قومي معتدل، وكان يشغل منصب رئيس الوزراء في عام 1998، تاريخ إجراء باكستان أول تجربة نووية ناجحة، ودخولها نادي القوى النووية. إنه أيضاً "بطل قومي" جعل باكستان قوة نووية. وكان رجل الدولة القوي الذي تمتع بالجرأة في إطار الجهود المبذولة من أجل تطبيع العلاقات مع الهند، العدو التاريخي لباكستان. وقد بادر نواز شريف إلى إبداء استعداده لتشكيل حكومة موسعة تضم كل الأحزاب، لحل المشاكل المستعصية مثل انقطاع التيار الكهربائي، والتضخم والبطالة والمديونية والفساد المستشري في أجهزة الدولة، مؤكداً بذلك استفادته من دروس الماضي وحرصه على عدم الاستئثار بالسلطة، وتطبيق شعار التغيير الذي اعتمده في حملته الانتخابية.
يواجه نواز شريف أزمتين: الأولى، التمرد المسلح الذي تقوده حركة طالبان الباكستانية. فهو مطالب برسم سياسسته الجديدة إزاء التمرد المسلح الذي تقوده حركة طالبان ضد الجيش، لاسيَّما في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان. فطيلة حملته الانتخابية، كان نواز شريف يكرر في خطبه بأنه منفتح على الحوارمع طالبان من أجل وضع حدٍّ لهذه الحرب التي أصبحت غير شعبية في نظر الشعب الباكستاني، وانتقد غارات الطائرات الأمريكية من دون طيار التي تستهدف الإسلاميين في منطقة القبائل الواقعة شمال غرب باكستان. ولكن شريف لم يوضح كيف سيعتمد إلى ذلك من أجل إرساء السلام من دون إثارة استياء واشنطن كبرى الجهات المانحة.
الثانية: الملفات الكبرى التي تنتظره: أفغانستان، والعلاقات مع الهند والولايات المتحدة الأمريكية، وهو مايتطلب منه أن يفرض نفسه على الجيش الباكستاني. وينتظر المراقبون ليرصدوا كيفية تعاطي شريف مع المؤسسة العسكرية التي يعتبرونها «عراباً» لهذه الملفات الشائكة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8454
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5463
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4632
| 05 أكتوبر 2025