رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يحتفل العالم يوم الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة، من أجل التأكيد على حقوق المرأة وصيانة كرامتها وحفظها من الإجراءات المُحطَّةِ بهذه الكرامة، سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية أم فيزيائية أم نفسية.
وحسب تقارير الأمم المتحدة ، فإن التحرُّش الجنسي والعنف والتمييز ضد النساء قد تصدرت المشاكل التي تعاني منها المرأة، ولعل مبادرة (أعدّوها) Step it up Initiative من العناوين الرئيسية للتعجيل بجدول أعمال مؤتمر 2030 لتحقيق المساواة بين الجنسين وضمان التعليم الجيد والشامل للجميع. أما الأهداف الرئيسية لجدول أعمال 2030، فقد تناول قضية عدالة التعليم للجنسين والقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة، والقضاء على الممارسات الضارة، مثل زواج الأطفال، والزواج المبكر، والزواج القسري وتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة. ولم تكن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم ( سيداو) Convention on the elimination of all form of discrimination against women، إلا إحدى المحاولات التي رعتها الأمم المتحدة، ولكن الاهتمام بفكرة حقوق المرأة قد برزت عام 1909 بإضراب عاملات صناعة الملابس في نيويورك، تنديداً بظروف العمل الصعبة. وفي عام 1910 قرر الاجتماع الاشتراكي في (كوبنهاجن) بالدنمارك اعتماد يوم المرأة يوماً دولياً هدفه تكريم الحركة الداعية إلى توفير الحقوق الإنسانية للنساء.
وخلال عامي 1913-1914 برزت المرأة داعيةً للسلام بعد الحرب العالمية الأولى، تعبيراً عن التضامن مع الناشطين ضد الحرب. وفي عام 1917 خرجت النساء الروسيات في تظاهرات (من أجل الخير والسلام). حتى جاء عام 2014، حيث الاجتماع السنوي للدول (CSW 58) والدورة 58 للجنة وضع المرأة.
في تقرير صدر عام 2017 عن (الأسكوا) – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا- بعنوان (وضع المرأة العربية عام 2017)- العنف ضد المرأة، أشار إلى أن المرأة تتعرض للعنف في جميع مناطق العالم، بغض النظر عن لونها، عرقها، دخلها ، سنها، تعليمها. وقال التقرير: "إن واحدة من أصل ثلاث نساء – على مستوى العالم – تعرضت للعنف الفيزيائي والجنسي في مرحلة من مراحل حياتها".
وحسب (منظمة الصحة العالمية) ( World Health Organization ) فإن العنف الفيزيائي والجنسي حتى بين الأزواج وصل إلى 30% في حدوده العليا، ووصل في إفريقيا وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا إلى 37%، مقارنة بـ 25% في أوروبا وغرب المحيط الهادي.
وحسب التقرير المذكور، فإن المنطقة العربية، والتي يذكر التقرير أن المعلومات شحيحة فيها، شهدَ الأردن حقيقةَ أنه يوجد ثلث المتزوجات (في عمر 15-49) تعرَّضن لعنف فيزيائي (الضرب، الرفس، الصفع). وفي دراسة أجريت في مصر، ذكر التقرير، أن النساء تعرضن للإيذاء الجنسي واللمس غير المرغوب فيه. وفي صنعاء، ذكر التقرير أن 90% من النساء – اللاتي تمت مقابلتهن – ذكرن أنهن تعرَّضن للإيداء الجنسي في العلن. وفي تونس ذكرت دراسة شملت ثلاثة آلاف امرأة (من 18-64) أن حوالي نصف المبحوثات تعرضن للإيذاء النفسي والفيزيائي في الأماكن العامة. كما ذكر التقرير أن حوالي 35% من المتزوجات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعرَّضن للعنف الفيزيائي والجنسي من شركائهن. وانتقد التقرير المذكور عدم قيام الدول، خصوصاً في المنطقة العربية، بتعديل قوانينها باتجاه مساواة المرأة، وتمتعها بحقها في مقاضاة الرجل الذي تتعرض للإيذاء علي يده.
في حقيقة الأمر، فإن الخوف الاجتماعي، وتردُّد المرأة عن تسجيل حالات الاعتداء عليها من الأسباب التي تزيد في بقاء المشكلة وتفاقمها مع الزمن.
نحن ننظر نظرة احترام وتقدير للمرأة، ولا بد من تعميم الدراسات والتقارير الأممية على المراكز والجهات المختصة، ليس فقط لسنِّ القوانين والتشريعات، بل لتنفيذ تلك القوانين – دون انتقاء – من قبل الجهات التنفيذية. كما أن الإعلام يلعب دوراً مؤثراً في قضية التقويم والتعريف بالحقوق الأساسية للمرأة، وأهمية حفظ كرامتها وصيانة حقوقها، إن العديد من الأفلام العربية والمسرحيات أظهرت المرأة بهيئة ضعيفة ومُذلة، فهي تتعرض للضرب، وهي تُهان لفظياً، وهي يخونها زوجها، وهي راقصة، وهي عاملة في الحانات، وغيرها من المشاهد المُحطة بالمرأة.
إن معظم الدساتير في العالم لا تفرق بين الجنسين في الحقوق والواجبات، ولقد جاء في الدستور القطري (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات) الباب الثالث – مادة 34. وجاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء). – المادة الأولى. وهذا تأكيد واضح على أحقية المرأة في نيل حقوقها كاملة وعلى كافة الصُعد.
لقد احتفل العالم هذا العام باليوم العالمي للمرأة، في وقت ترزحُ فيه المرأة السورية تحت وطأة التشرد واللجوء القسري خارج بلدها، بعد أن ساءت الحياة في هذا البلد، ويتعرض أطفالها في المخيمات إلى ضياع فرص التعليم ولربما انتشار الجريمة أو الاعتداء الفيزيائي.
كما تتعرض المرأة اليمنية إلى ذات الضيم بعد أن خرّبت الحربُ الدائرة في بلادها ما بقي من بنىً تحتية ومدراس ومستشفيات، إضافة لانتشار الأمراض، وصعوبة إيصال الأدوية لمحتاجيها، ناهيك عن التغيرات الديموغرافية التي سببتها السياسية في ذاك البلد.
كما تتعرض المرأة العراقية إلى ذات المشكلة مُذ أن تم احتلال العراق وتقويض الإدارة فيه منذ عام 2003! وكما ذكر التقرير، فإن المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع شحيحة، والدول لا تتجرأ أن تجاهر بحقيقة أوضاع المرأة فيها.
وهنالك بلدان عربية أخرى لا تحصل المرأة فيها على حقوقها، كما لا توجد جمعيات تتبني الدفاع عن المرأة حال تعرُّضها للاعتداء أو الحياة القسرية.
إن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يجعلنا نُعيد النظر في أمور كثيرة، لعل أهمها، وقف الحروب والقضاء على مسبباتها، ووقف دعوات الكراهية والاستفزاز السياسي، وأجواء المشاحنات التي تقع المرأة ضحية لها، سواء على المستوى الاجتماعي أم الاقتصادي أم النفسي أم الصحي. بل ويُحفّزنا هذا الاحتفال لأن نعيد التوازن في علاقاتنا الأسرية، فكم من "عادة اجتماعية" ظلمت المرأة وحقّرتها وأمعنت في إهانتها.
جمال الأذان المفقود
لماذا غاب جمال الصوت في رفع الأذان؟ أليس لاختيار المؤذن شروط وضوابط؟ كيف تراجعت هذه الشروط التي كانت... اقرأ المزيد
111
| 19 ديسمبر 2025
جسم الإنسان يقبل التدرج ويرفض المفاجأة
غالبا، حينما نود تغيير أو زيادة أو علاج عنصر في جسم الانسان، علينا البدء باعطائه جرعات خفيفة من... اقرأ المزيد
105
| 19 ديسمبر 2025
تدابير الله كلها خير
يقول الله تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله... اقرأ المزيد
99
| 19 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
837
| 16 ديسمبر 2025
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
693
| 18 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
675
| 15 ديسمبر 2025