رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مها الغيث

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

270

مها الغيث

اهتزازات الروح في فضاء اللغة العربية

18 ديسمبر 2024 , 02:00ص

في الثامن عشر من ديسمبر كيوم تم اعتماده عالمياً للغة العربية، يطالعنا كتاب (اهتزازات الروح: عشرة بحوث في أدب العرب وفكرهم)، تهتز له الروح الذواقة وهي تسرح في أروقة اللغة العربية بين أدب وشعر وتجليات صوفية، تستمد السحر من حروفها ومعانيها وبيانها وعَروضها وبديعها وقوافيها وبلاغتها وتصاريفها، والتي شرفت بادئ ذي بدء بالوحي الذي خاطب به الله خلقه من خلالها.

ينتقي مؤلف الكتاب (أ.د. عيسى العاكوب)، أستاذ البلاغة والنقد في جامعة حلب، وعضو مجمع اللغة العربية في دمشق، من تلك الأروقة ومن صميم فكر روّادها، عشرة بحوث، وجدها تحرص على تقديم معرفة جادة تقف على البيان الإبداعي الذي حظيت به أمة القرآن من خلال «الكلمة المجتهدة المخلصة»، وهو لذا، يجد تلك البحوث قد انبثقت من «مشكاة واحدة». يأتي العنوان الرهيف من روح الإبداعات الشعرية القديمة والحديثة التي جادت بها قريحة مبدعيها «فما كلمات الشاعر إلا بناته اللائي يشاء لهن أن يكنّ الأبهى والأجمل»، حسب تعبير المؤلف. لذا، فهو يدعو القارئ لأن يضبط اهتزازات روحه مع اهتزازات أرواح أولئك الشعراء المبدعين، وأن يختبر التحليق في فضاء التخليق، وهو يقرّ بأن مهمتي التخليق والإبداع التي تحدّها همة الشاعر الأرضي الترابي -مهما بلغت درجة تحليقه- لا تبلغ سماء الإبداع المترامية.

يبدأ المؤلف كتابه الصادر عن (دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع) بالبحث الأول (في آفاق المديح النبوي)، وبنبي الإسلام الذي حُق له أن يكون «المحبوب الخاص» لدى تابعيه، لينتقل إلى «المحب الخاص» الذي هو في هذا المقام ليس سوى (الشاعر العربي). ثم يتطرق إلى اللغة العربية التي استخدمها أهلها كأداة للتعبير عن المحبوب الخاص وعن حبه وفي مدحه، حتى ينتهي بموقفه ﷺ من المديح ومن الشعر ككل، الذي هو بالقطع الرأي الإسلامي. وبعد أن يروي المؤلف شغاف قلب كل مسلم بما جادت به الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً في مدح نبيها، كأسوة حسنة ينبغي أن تُحب وتُتّبع في كل ما أخذت به وفي كل ما ذرت، وكجزء خاص من الدين، وكشطر متمم للإيمان، يتناول ما جاء في مدحه على لسان أقوام لم يتبعوه لكنهم أحبوه حب مماثل لأتباعه. فهنالك الشاعر العربي المسيحي (جاك شمّاس) الذي قال: «أودعت طهرك في حدائق مقلتي، ووشمت مجدك في شغاف جنان، مهما مدحتك يا رسول فإن، فوق المديح وفوق كل بياني». وهناك الهندوسي (السير كيشان براساد شاد) رئيس وزراء ولاية حيدرأباد الهندية، الذي كتب بلغته الأوردية أبياتاً تولّى المؤلف ترجمتها من الترجمة الإنجليزية: «قد أكون كافراً أو صادق الإيمان، لكن ربي يدري من أكونه، وأنا أعلم أيضاً أنني الخادم، للمختار سلطان المدينة».

أما البحث الثاني (كلثوم بن عمر العتابي)، فينقل فيه عن الشاعر الحلبي الذي أتقن الفارسية وترجم عنها، رؤيته العامة للشعر والأدب، حيث قال: «الألفاظ أجساد، والمعاني أرواح، وإنّما تراها بعيون القلوب، فإذا قدّمت مؤخّراً أو أخّرت منها مقدّماً أفسدت الصورة وغيّرت المعنى، كما لو حُوّل رأس إلى موضع يد، أو يد إلى موضع رجل، تحوّلت الخلقة، وتغيرت الحلية». ثم يتحدث في الثالث عن (المدرسة الشعرية الشامية في عصر سيف الدولة الحمداني)، ويتناول في الرابع (آفاق الأدب المؤدب) سيرة (أبو العلاء المعري) كعالم وكمعلم للغة العربية والحكمة الإيمانية، وكتابه (الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ) الذي خصّه لعلوم اللغة العربية، من ناحية المعجم والأساليب، والنحو والصرف، والعروض والقوافي، ليختم بالدروس الإيمانية المستخلصة منه. ثم يأتي البحث الخامس (الهداية النبوية وآفاق رؤيتها) على أفق الحضارة وأفق الرشاد وأفق العالم قبل الهدي النبوي وبعده، وأفق الإعراض عن نور هديه، ومن ثم السادس (هكذا فلنغن للحب) الذي يتناول عملية التخليق الشعري من خلال قصيدة لشاعر إماراتي، ومن بعده السابع (أهو الحب الذي يفجر ينابيع الفن) في نفس المضمون، حتى ينتقل للثامن (ضغط هاجس الإبداع في ديوان ذات البدع) فيخصّ به شاعر موريتاني ويكشف عن «الجد في تطلّب الإبداع والتخليق عند هذا الشاعر»، وللشعر كأداة في تجلية العالم الباطن.

ثم يختتم المؤلف ببحث (الشكر: مفهوماً أخلاقياً في التصوف الإسلامي: الدلالة والمنظورات) حيث يخصّ التاسع منه بـ (فضاء ما قبل التصوف) والعاشر بـ (فضاء التصوف). فيعرض في التاسع المفهوم العام للجانب الصوفي والأخلاقي، وحقيقة الشكر، ومكانته في اللغة العربية، والمنظور العربي له قبل الإسلام، يليه المنظورين القرآني والحديثي، في حين يعرض في العاشر -مستعيناً بالمراجع العربية والفارسية والإنجليزية- قيمة الشكر من منظور صوفي عرفاني، لا سيما لدى الإمام أبو حامد الغزالي، ومكانته في جملة حكايات وأقوال عدد آخر من أعلام التصوف.

ختاماً، ومع أن الكتاب جاء متخصصاً بشكل ما، فهو كفيل بأن يثير كل بواعث العز والإعجاب لدى كل من أنعم الله عليه بلسان ناطق للغة الضاد، وكما قال أمير شعراء العرب: «إن الذي ملأ اللغات محاسناً.. جعل الجمال وسره في الضاد».

اقرأ المزيد

alsharq خطاب صاحب السمو وتحقيق الأمن الوطني القطري

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام... اقرأ المزيد

351

| 24 سبتمبر 2025

alsharq هل الفوضى الخلاقة عدوة للمنظمات أم سر لتجديدها؟

حين نتأمل في تاريخ المؤسسات والمنظمات، ندرك أن ما يسمى بالفوضى لم تكن يومًا نقيضاً تاماً للنظام، بل... اقرأ المزيد

156

| 24 سبتمبر 2025

alsharq غزة فرفح ثم الضفة

ما الذي يجعل إسرائيل حتى هذه اللحظة لا تستجيب لنداءات ومطالبات ومواقف دول كثيرة كان يمكن أن تلزمها... اقرأ المزيد

114

| 24 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية