رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)

مساحة إعلانية

مقالات

102

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

قمة الدوحة.. قرارات تاريخية تعكس وحدة الصف

18 سبتمبر 2025 , 02:11ص

شهدت الدوحة انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الخامس عشر من سبتمبر 2025، وذلك في ظرف استثنائي بعد العدوان الإسرائيلي الغادر على دولة قطر. وجاء البيان الختامي شاملاً لمجموعة من القرارات التي عكست حجم التضامن العربي والإسلامي، وأكدت أن وحدة الصف ما تزال قائمة عندما يتعلق الأمر بالسيادة والأمن المشترك. ومن أبرز ما جاء في البيان هو تحميل إسرائيل كامل المسؤولية عن الاعتداء، والدعوة إلى مساءلتها أمام مجلس الأمن الدولي. هذه الخطوة تعكس توجهًا جادًا لوقف سياسة الإفلات من العقاب التي طالما تمتعت بها إسرائيل، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته. إن هذا الموقف ينسجم تمامًا مع ما يطالب به الشارع العربي، الذي يريد أن يرى تحركًا حقيقيًا في الساحة الدولية، لا يكتفي بالشجب والإدانة.

التضامن المطلق مع دولة قطر

أجمعت الدول المشاركة على إعلان تضامنها المطلق مع دولة قطر في كل ما تتخذه من خطوات لحماية سيادتها وأمنها. هذا القرار يبعث برسالة قوية بأن الاعتداء على قطر هو اعتداء على الأمة كلها، ويؤكد أن مفهوم الأمن الجماعي لم يعد خيارًا سياسيًا، بل أصبح

ضرورة وجودية في مواجهة التحديات.

لم تغب فلسطين عن القمة، فقد أعاد القادة التأكيد على رفضهم القاطع لكل محاولات الاستيطان والتهجير، معتبرين ذلك جريمة ضد الإنسانية. هذا القرار يثبت أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية للأمة، مهما حاول الاحتلال صرف الأنظار عنها. إن هذا الموقف يتناغم مع تطلعات الشارع العربي الذي يرى في الدفاع عن فلسطين معيارًا لصدق أي موقف سياسي عربي أو إسلامي.

أشاد البيان بالدور الذي تضطلع به قطر ومصر في الوساطة لوقف العدوان على غزة وتأمين إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين. هذه الإشادة تمثل اعترافًا عربيًا وإسلاميًا بدور الوساطة كأداة دبلوماسية فاعلة، وتعكس ثقة المجتمع الدولي والإقليمي في الجهود القطرية.

* أبرزت القمة خطورة الصمت الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية، واعتبرت أن غياب المساءلة هو ما شجع إسرائيل على التمادي في عدوانها. ومن ثم شدد القادة على ضرورة تفعيل الأدوات القانونية الدولية لمحاسبة إسرائيل. هذا القرار يضيف بعدًا عمليًا للبيان، لأنه يفتح الباب أمام خطوات ملموسة في المحافل الدولية.لم تكتفِ القمة بإدانة العدوان فحسب، بل رفضت أيضًا التهديدات الإسرائيلية المتكررة باستهداف دول أخرى، معتبرة ذلك تصعيدًا خطيرًا يهدد السلم والأمن الدوليين. هذا القرار يوضح أن القمة تنظر إلى العدوان ليس كحادث عابر، بل كسياسة إسرائيلية عدوانية تتطلب وقفة جماعية حازمة.رحبت القمة بقرار جامعة الدول العربية حول “الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة”، وأكدت أن الأمن الجماعي هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المشتركة. هذه الإشارة إلى مفهوم الأمن الجماعي تعكس وعيًا جديدًا بضرورة العمل الجماعي، بعيدًا عن الانقسامات والخلافات الثنائية.إن القرارات التي خرجت بها قمة الدوحة ليست مجرد بيانات شكلية، بل هي وثيقة سياسية تعكس موقفًا تاريخيًا للأمة العربية والإسلامية. لقد أكدت القمة أن قطر ليست وحدها، وأن فلسطين ما تزال في قلب الاهتمام، وأن التضامن العربي والإسلامي هو صمام الأمان لمستقبل المنطقة.

لكن تبقى قوة هذه القرارات مرهونة بمدى ترجمتها إلى أفعال عملية على الأرض. فالشعوب العربية والإسلامية اعتادت على سماع بيانات قوية، لكنها تتطلع اليوم إلى خطوات ملموسة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو القانوني، لتكون هذه القرارات نقطة تحول حقيقية.

قمة الدوحة وضعت الأساس وأعادت الاعتبار لفكرة التضامن العربي والإسلامي، وأعطت الأمل بأن الأمة ما زالت قادرة على التوحد عند الشدائد. وإذا ما تبعتها خطوات عملية، فإنها ستكون بداية مرحلة جديدة تعيد للعمل العربي والإسلامي المشترك مكانته وهيبته.

مساحة إعلانية