رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المحامي عبد الله نويمي الهاجري

إنستغرام: @9999

مساحة إعلانية

مقالات

2976

المحامي عبد الله نويمي الهاجري

متى لا يعاقب القانون على ارتكاب الجريمة؟

18 سبتمبر 2023 , 02:00ص

لن يختلف اثنان على مبدأ ارتباط الجريمة بالعقاب، وأن كل شخص ثبت ارتكابه جريمة تتخذ الجهات المختصة إجراءات في حقه تنتهي لزوماً بفرض عقاب عليه حسب ما يقرره القانون، فلا يجوز إذن السماح بارتكاب الجرائم وعدم إنزال عقوبة عليها، لكن هنالك حالات معينة استثناها القانون من العقاب، ويعتبر كل من توافرت فيه شروط أي حالة من تلك الحالات في وضعية إباحة للجريمة، ولا يسأل مرتكبها وذلك ضمن الحالات الواردة على سبيل الحصر ضمن قانون العقوبات.

أسباب إباحة ارتكاب الجريمة هي حالات معينة اعتبرها المشرع استثناء أو ترخيصا للشخص الذي اضطر إلى ارتكاب فعل يعتبره القانون جريمة، لكن الظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت ارتكاب الجريمة لم يكن معها من الممكن تفادي حصول تلك الجريمة، بمعنى أن إرادة الفاعل لم تتدخل في الموضوع، كما أن الظروف لم تسمح بالقيام بفعل آخر بديل عن ارتكاب ذلك الفعل الذي يعتبره القانون جريمة، والذي إذا قام به شخص آخر في ظروف أخرى كان سيعاقبه القانون وفق ما هو مقرر.

وردت الأسباب المبررة للجريمة على سبيل الحصر وليس المثال في المواد من 47 إلى 52 من قانون العقوبات القطري، والملاحظ أن المشرع شدد في الشروط والمعايير اللازم تحققها في كل حالة من الحالات المذكورة، وذلك من أجل تحقيق العدالة الحقيقية وعدم معاقبة الأشخاص الذين اضطروا فعلا إلى ارتكاب الجرائم، وليس من أجل اعتبار هذه الرخصة القانونية بمثابة ثغرة لمحاولة التهرب من العقاب بالنسبة لمرتكبي الجرائم.

وهكذا نصت المادة 47 من قانون العقوبات على أربع حالات لا يعاقب عليها الفاعل وهي الجريمة المرتكبة بمناسبة الأعمال الطبية إذا اقتضت الضرورة ذلك، أعمال العنف المرتكبة خلال التظاهرات الرياضية بين اللاعبين رغم اتخاذهم الحذر، أعمال العنف المرتكبة ضد المضبوط متلبسا بارتكاب جريمة، وذلك في الحدود المسموحة من أجل القبض عليه وتبادل الطعن بين الخصوم خلال نظر الدعاوى أمام المحاكم في حدود الدفاع.

كذلك ورد في المادة 48 من قانون العقوبات بشأن الجرائم المرتكبة من قبل الموظف في الحالة التي ينفذ فيها أمرا من رئيسه أو ينفذ القوانين المعمول بها، ففي هذه الحالة لا يجوز مساءلة الفاعل واعتباره مرتكبا للجريمة لأنه يكون في حالة تنفيذ أوامر أو قوانين وليس إعمالا.

ومن أهم الحالات التي تبرر للشخص ارتكاب الجريمة وأكثرها شيوعا حالة الدفاع الشرعي، فهنالك حالات عديدة لارتكاب الجرائم يتمسك فيها المتهم بأنه أتى ذلك الفعل بدافع الدفاع الشرعي عن النفس، لكن ليس أي دفاع أو ردة فعل يمكن أن تدخل دائرة الدفاع الشرعي، وعليه ليكون الشخص في حالة دفاع شرعي ولكي لا يؤثم بالعقوبة المقررة للجريمة عليه أن يثبت التناسب بين الجريمة المرتكبة من أجل الدفاع الشرعي وبين الجريمة التي درأها أو كان سيقع ضحيتها هو أو غيره لولا تدخله، وهذا التناسب حدده المشرع في أن يكون المدافع قد واجه خطرا محدقا وتعذر عليه اللجوء إلى الوسائل الشرعية ولم يكن لديه حل آخر سوى ارتكاب الجريمة للدفاع عن النفس أو عن الغير الذي كان يتواجد في خطر محدق.

إن تنصيص قانون العقوبات على أسباب تعفي من العقاب ليس مقتضى قانونيا للسماح للأشخاص بأن يرتكبوا جرائم تبيح لهم الإفلات من العقاب، أو رخصة لكي يرتكب الشخص مستقبلا جريمة وتنبيهه على الطريقة التي لا يحاسب فيها، بل القصد الحقيقي هو تحقيق العدالة التي تفترض وجود أوضاع معينة لا يكون هنالك مفر أو حل آخر للوقاية من أمر خطير إلا القيام بارتكاب تلك الجريمة.

مساحة إعلانية