رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يجب أن يدرك الجميع مخاطر تحدي سلطة المؤسسة العسكرية أو استفزازها
لا أظن أن أحدا بوسعه أن يبتهج بهذا القدر – حتى ولو بدا محدودا – من الاحتقان في العلاقة بين نفر من ائتلافات ثورة الخامس والعشرين من يناير والمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر وتلك في تقديري معضلة يتعين الحذر منها بل والسعي بقوة إلى تجاوزها ليس بفعل ما يمتلكه المجلس من قوة لا تجب الاستهانة بها وإنما لمخاطرها الجمة على مقدرات الوطن والشعب.
وبلغ هذا الاحتقان المحدود ذروته في جمعة الغضب الثانية التي انطلقت في الثامن من يوليو ثم ما تلاها من اعتصامات بعدد غير قليل من ميادين عواصم المحافظات المصرية ثم في جمعة الإنذار الأخير في الخامس عشر من يوليو متجليا في الهتافات التي طالت قيادة المجلس وبعض رموزه ومنادية بسقوطه على نحو أعاد إلى الأذهان الهتافات المطالبة بسقوط الرئيس السابق حسني مبارك وفي المقابل فإن المجلس أظهر ما يمكن تسميته بالعين الحمراء في البيان الذي تلاه اللواء محسن الفنجري أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري والذين اكتسبوا شعبية عالية خاصة بعد توجيهه التحية العسكرية لشهداء الثورة عقب تنحي مبارك عبر شاشات التليفزيون بطريقة انطوت على احترام واسع للثورة وشهدائها وتضمن هذا البيان في مفردات قوية وحركات باليد والأصابع ما ينبئ عن نفاد صبر المجلس وعدم سماحه بأي محاولة للقفز على السلطة أو تجاوز الشرعية فضلا عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمجابهة التهديدات التي تحيط بالوطن وتؤثر على المواطنين والأمن القومي من أي عبث يراد بها
وصنعت هذه التجليات مسافة أو بالأحرى فجوة بين بعض الذين يخططون ويدبرون للمظاهرات والاعتصامات وبين المجلس العسكري أسهمت المظاهرة التي خرجت بميدان روكسي يوم الجمعة الفائت رافعة شعارات مؤيدة للمجلس ومنددة بثوار ميدان التحرير في تعميقها على نحو أعاد للأذهان المظاهرات التي خرجت مؤيدة لمبارك ومدافعة عن نظامه في هذا الميدان القريب من القصر الجمهوري والذي يتوسط منطقة مصر الجديدة التي يسكنها أفراد الطبقة الجديدة في مصر من رجال أعمال وكثير من رموز ونخب ارتبطت بالنظام السابق.
ولاشك أن الانتقادات التي وجهها البعض من رموز الثوار والقوى السياسية الجديدة لأداء المجلس العسكري لم تتجاوز المألوف خاصة فيما يتعلق بالبطء في تغيير معادلات السلطة وتطبيق أهداف الثورة التي تتمثل في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية على نحو ينسجم مع قوة الدفع التي توافرت بعد الحادي عشر من فبراير الماضي عقب سقوط رأس النظام السابق بالإضافة إلى ما اعتبره البعض نوعا من التواطؤ في محاكمة مبارك ونجليه وقتلة الثوار والمعتدين على المتظاهرين ولكن في المقابل فإن المنتقدين فاتهم أن عملية إعادة بناء وطن بعد ثلاثة عقود من التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي ليست بالسهولة بمكان بل تتطلب متسعا من الوقت وموارد مالية وقدرات بشرية غير متاحة على النحو المطلوب في الفترة التي أعقبت سقوط النظام القديم وفي الآن ذاته لم يمتلكوا الوعي والفضاء السياسي الواسع فانبرى بعضهم ساعيا إلى محاولة تهديد مصالح البلاد والعباد من خلال قطع الطرق الرئيسية وإغلاق المصالح الحكومية بل والتهديد بإغلاق قناة السويس وهو ما دفع اللواء محسن الفنجري عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الإدلاء ببيانه سالف الذكر شديد اللهجة وقام زميله اللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية وعضو المجلس بتفسير هذه اللهجة على نحو يقصد إلى التخفيف من آثارها وطمأنة المعتصمين في ميدان التحرير وغيره من ميادين المحروسة عبر قوله إن هذه اللهجة عكست انزعاج المجلس الأعلى للقوات المسلحة من تهديدات متزامنة بغلق البورصة وطرق ومنشآت حيوية خاصة قناة السويس. مضيفا أن هذه المعطيات أزعجت الجيش "لأنها ارتبط في مخيلتنا بما جرى في 1956 - قبل التدخل الأجنبي لاحتلال قناة السويس- عندما تم الدفع بإسرائيل لمناوشة مصر ومطالبة بريطانيا وفرنسا لمصر بترك حماية وتأمين القناة لهم "مشيراً إلى تفاصيل الساعات التي عاشها المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتي سبقت بيان اللواء محسن الفنجري فقد تم ضرب خط الغاز في سيناء للمرة الثالثة وغلق طريق العوجة وحصار مبنى إرشاد قناة السويس واعتقال 4 أجانب يصورون قناة السويس ارتفعوا إلى 7 في عدة مناطق لاحقا أحدهم ضبط وهو يسلم أموالا لعدد من الأشخاص. وفي القاهرة تم غلق مجمع التحرير والتهديد بالعصيان المدني وهددت مجموعة بغلق مترو الإنفاق وأخرى اتجهت للبورصة التي خسرت 7 مليارات جنيه في هذا اليوم، الثلاثاء 12 يوليو.
ووفق قول اللواء الرويني فإنه لو تم تجميع كل هذه النقط ستشير إلى أن هناك شيئا غير طبيعي يحدث، وهو ما أزعجنا جدا، مؤكداً أن الجيش لا يزعجه وقوف مجموعة من الشباب تعتصم في التحرير ولكن ما أزعجه هو ما حدث مواكبا للاعتصام من تخريب أو تهديد لمنشآت حيوية - هذا الكلام للمسؤول العسكري الكبير- قررنا أن يخرج اللواء محسن الفنجري بهذا البيان ليقول أمرين، يطمئن الشعب بوجود الجيش حاميا، ويعطي رسالة لمن يفعل هذا ويعبث بأمن مصر مفادها أن القوات المسلحة موجودة مؤكداً أن الحالة الانفعالية التي ظهر بها اللواء الفنجري كانت سارية لدى كل القادة أعضاء المجلس العسكري بسبب توالي الأحداث التي تشير لأمر غير طبيعي يحدث ويهدد أمن مصر والمصريين.
ولست في حل من القول إن الإقدام على خطوات وإجراءات من شأنها أن تشكل تحديا للمؤسسة العسكرية وقيادتها التي تدير البلاد حاليا ينطوي على استفزاز لها ودفعها إلى قرارات وخطوات صعبة لأنها ستتعلق عندئذ بمعادلة الأمن والاستقرار الداخلي والخارجي للمحروسة التي لا ولن تسمح المؤسسة العسكرية بمحاولة العبث بها لاسيَّما أن نفرا ممن يحسبون على ائتلافات الثورة من ظنوا أنه بوسعهم الإقدام على تحديها فجاءت الرسالة سريعا في بيان الفنجري بعدم السماح بأي محاولة للقفز على السلطة والشرعية التي تمثلها.
ومن ثم فإنه من البديهي أن يدرك ثوار يناير بتعدد ائتلافاتهم وقواهم ومن معهم من قوى سياسية متحالفة معهم أو قريبة منهم مخاطر تحدي سلطة المؤسسة العسكرية ليس من قبيل الخنوع للسلطة القائمة أو القبول الجبري بخياراتها مثلما كان يحدث في عقود مبارك وإنما انطلاقا من أن هذه المؤسسة تمتلك خصوصية في الدور والأداء والمهمات المنوطة بها فهي قد انحازت عن قناعة قوية إلى ثورة الشعب ومن ثم لا يتعين بعد نجاحها محاولة القفز عليها أو تجاوزها فالشعب ما زال في حاجة إلى قوتها وقدراتها وأدائها على أن تحسن من أساليبها وأدواتها على نحو يسارع من وتيرة حركتها وفق الانضباط والمنهج العلمي الذي تتميز به بما يصب في تكريس أهداف ثورة يناير وأشواق شعب تطلع وما زال إلى الديمقراطية والحرية والعدالة والاجتماعية.
السطر الأخير:
مطاردا في البراري
مغيبا في الصمت
تسكنني المسافات
هو أنت رحلتي للأشواق المسافرة
أم خيمة للعشق تحتويني؟
فيك الأمطار أترقبها
كي تبثني رحيقها المستور
عسجدها الأبدي
أيتها الخالصة لي
الليل لك والفجر
كل الصباحات المتوالية
لي أنت بتهدل القصائد من فساتينك
وانشطار الياقوت من قسماتك الوضاءة
المطرزة بمرجان البحار
وعنفوان الوجد الساكن أقمار الكون
لك ورقي وشعري
عناويني حدائق روحي المترعة بذكرك
لك أنهاري
ملحي حدود البلاد
تضاريس وجعي أحيانا
لك أنا عمرا وحقولا
عشقا سرمديا
ولعا لا ينتهي
أيا سر كينونتي
ومنتهى صيرورتي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8769
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6936
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
2940
| 13 أكتوبر 2025