رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في نهاية الشهر الماضي، وفي خضم عملية الاستفتاء على إقرار الدستور الدائم للدولة، تم الاستقطاع الأول لاشتراكات صندوق التقاعد، حيث تم خصم ما قيمته 5% من رواتب الموظفين القطريين. البعض منا ممن أنعم الله عليهم برواتب جيدة لم يلاحظ أو ينتبه لهذا الاستقطاع، والبعض الآخر بدأ يحسبها بالريال وأخذ يضرب أخماسا في أسداس خاصة إذا كانت عليه التزامات مالية أخرى لدى البنوك أو كان ممن ينطبق عليه دفع اشتراكات الصندوق عن سنوات خدمة سابقة ستشكل عبئا ماليا كبيرا عليه.
قانون التقاعد بالرغم من أهميته غير واضح المعالم ويصعب فهمه على الكثير من الموظفين ويثير الكثير من علامات الاستفهام التي تتطلب شرحا موسعا من قبل هيئة التقاعد. ورغم أن قانون التقاعد أعطى الهيئة مدة 5 شهور لبدء تطبيق القانون بهدف تجهيز ما يلزم، إلاّ أن الهيئة حتى الآن بدون مقر ولايعرف الموظفون ما هي الجهة التي يراجعونها للرد على استفساراتهم.
وقد ورد الى - الكثير من التساؤلات في هذا الشأن نحاول أن نوجزها في التالي:
بموجب القانون يتم خصم الاشتراكات من تاريخ العمل بالقانون ووفقا للراتب الحالي، أما بخصوص سنوات الخدمة السابقة فيتم خصم الاشتراكات عنها بأثر رجعي منذ تاريخ تعيين الموظف بموجب تسوية تجرى بهذا الشأن، علما أن القانون أتاح تقسيط قيمة الاشتراكات السابقة على 5 سنوات. ومن غير الواضح، هل الخصم سيتم عنها وفق قيمة الراتب الحالي أم وفق قيمته بتاريخ تلك السنوات كل سنة على حدة.
الموظفون الذين أنهوا خدماتهم في المؤسسات الحكومية ثم انتقلوا للعمل في مؤسسات أخرى خاضعة لقانون التقاعد سيفرض عليهم دفع الاشتراكات عن كافة السنوات السابقة رغم حصولهم على المكافأة عن وظائفهم الأولى. وسيجري الخصم بنسبة كبيرة من الراتب وهو ما يفرض أعباء مالية كبيرة عليهم.
مكافأة نهاية الخدمة ستذهب لتغطية الاشتراكات والاستبدال على حساب الراتب وسيحرم منها الموظف مع أنها حق مكتسب له عن السنوات التي خدم فيها الدولة. وبهذه الصورة ستتبخر المكافأة لصرفها على الالتزامات التي حددها القانون.
قامت الهيئة بخصم الاشتراكات لكي توفر سيولة مالية تتيح دفع المعاشات التقاعدية لمن يحالون إلى التقاعد، ولم تفتح الباب لقبول طلبات التقاعد لمن وصلوا لسن استحقاق المعاش كاملا. فهي أخذت الأموال بشكل مسبق ولم تقدم في المقابل الخدمة المطلوبة نظرا لأن العديد من الإجراءات المرتبطة بتطبيق القانون معطلة بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية له.
الحاجة الى وضع نظام يجيز زيادة رواتب التقاعد بنسب محدودة لمقابلة الزيادة في مستوى المعيشة، وتمويلها من عائدات استثمارات اموال الهيئة.
وبصرف النظر عن هذا وذاك، اعتقد أن القضية الأساسية الشائكة في قانون التقاعد هي موضوع سنوات الخدمة السابقة وإن خصم الاشتراكات عنها ستترتب عليه أعباء مالية باهظة على قطاع واسع من الموظفين.
فإذا كان راتب الموظف على سبيل المثال 10 آلاف ريال ولديه خدمة 20 سنة في نفس المؤسسة، فإن الخصومات الشهرية ستكون في حدود 500 ريال (%5 من الراتب) وخصم السنوات السابقة سيكون 120.000 ريال موزعة على 5 سنوات في حدود 2000 ريال (20 % من الراتب) وعليه ستكون استقطاعات السنوات السابقة + الحالية في حدود %25 من الراتب وهو ما يمثل استقطاعا مكلفا على ميزانية الكثير من الموظفين. وستكون المأساة أكبر إذا أضفت إلى ذلك استقطاعات البنوك والالتزامات الأخرى.
وخلاصة القول، إن استقطاعات صندوق التقاعد ستكون "خراب بيوت" كما عبّر عنها أحد الموظفين. فهو يعجز من ناحية عن أن يسدد للصندوق الالتزامات المستحقة عليه، ومن ناحية أخرى فهو قلق لعجزه عن توفير الاحتياجات المعيشية لعائلته بعد الاستقطاعات الحالية أو المرتقبة للسنوات الماضية.
إن استقطاعات السنوات السابقة تحتاج إلى نظرة أخرى من قبل المسؤولين عن صندوق التقاعد. فإذا كان الهدف النبيل من الصندوق هو حفظ حياة كريمة لمن تقدم به العمر بعد خدمة طويلة في أروقة ومؤسسات الحكومة فإنه من الأولى ألا نثقل على كاهله بتحميله ما لا يطيقه قبل إحالته الى المعاش.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6543
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3144
| 23 أكتوبر 2025