رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

438

فهد عبدالرحمن بادار

هل تحتاج قطر إلى قيصر للكفاءة؟

18 مارس 2025 , 02:00ص

تصدرت إدارة ترامب الجديدة عناوين الأخبار، وخاصة بعد تعيين الملياردير إيلون ماسك لشغل منصب رئيس إدارة كفاءة الحكومة، ويبدو عازمًا على تقليص عدد الموظفين والبيروقراطية. وقد حازت هذه الخطوة بالفعل على ردود فعل سلبية، ليس فقط من قبل المعارضين السياسيين والموظفين المدنيين، ولكن أيضًا من رؤساء الإدارات الفيدرالية التي عينها ترامب نفسه. ولكن هل هناك ما يبرر تقليص أعداد الموظفين الحكوميين، وأعداد اللوائح التنظيمية، في الولايات المتحدة وفي أغلب بلدان العالم؟ ففي العديد من مؤسسات القطاع العام قد يكون هناك ميل إلى زيادة اللوائح التنظيمية، والمتطلبات غير المعقولة بسبب الالتزام النظري بالقوانين، وأحيانًا يدعم هذا التوجه الشركات الاستشارية التي تضم مستشارين يكسبون عيشهم من المساعدة في الامتثال لتلك اللوائح.

وقد يؤيد قِلة من الناس عدم فرض أي قيود تنظيمية، نظرًا لأن ذلك قد يؤدي إلى كوارث بيئية مثل تسميم الشواطئ بالنفايات السامة أو ارتفاع معدلات الحوادث على الطرق. ولكن حتى الأشخاص الذين يؤيدون بشدة فرض القيود التنظيمية يدركون أن كثرة القوانين، وخاصة إذا كانت تتضمن تعبئة استمارات غير ضرورية، لا تضر بالإنتاجية فحسب، بل إنها قد تتسبب كذلك في حدوث نتائج عكسية. فقد تعني زيادة الوقت الذي يقضيه الناس في تعبئة الاستمارات تقليص الوقت الذي يخصصونه للأمور التشغيلية، بما في ذلك السلامة وغيرها من جوانب العمل المسؤول. كما تتضرر مصداقية القيود التنظيمية مع كل قاعدة غير ضرورية، أو عندما لا يكون الأساس المنطقي لتطبيقها واضحًا، أو لا يغطي جميع الحالات.

ولكن من ناحية أخرى، قد تتسبب الجهود الرامية إلى الحد من البيروقراطية وتحسين الكفاءة في حدوث نتائج عكسية أيضًا. وتنبع الكفاءة الحقيقية من الاحتفاظ بالأشخاص والتدابير الضرورية فقط. وهنا يكون قرب المسؤولين مما يحدث في الواقع مهم، وعدم الاعتماد على التقارير أو المستشارين فقط.

وبالنسبة للقوانين، يتعين أن يكون هناك مستوى مثالي، وأساس واضح ومفهوم جيدًا لكل قانون يجب على الشركات والمواطنين الالتزام به. وفي الغالب، يحقق المسؤولون في قطر ذلك، حيث تبدو ردود فعل العملاء على الخدمات الحكومية في قطر إيجابية بشكل عام، ولكن هناك بعض الشكاوى حول الوقت الذي تستغرقه بسبب البيروقراطية، وتأثيرها على سير الأعمال، وعدم وجود تواصل حقيقي سريع بين بعض الجهات الحكومية. وقد يتطلب التقدم بطلبات الحصول على تراخيص البناء في قطر، ومتطلبات الدفاع المدني، وتأسيس شركة، قضاء وقت طويل في تعبئة الاستمارات ونماذج الطلبات، ولا يكون الأساس المنطقي لكل عملية واضحًا دائمًا، وبعض الموافقات الحكومية تأخذ وقتاً طويلاً دون أي سبب مقنع، مما يضر الأعمال ونمو الاقتصاد. ويشترط على العديد من الشركات أن يكون لديها معدات نقاط البيع حتى وإن لم تكن لديها معاملات للبيع بالتجزئة. وقد يؤدي إلغاء بعض هذه القواعد إلى مساعدة قادة الأعمال في التركيز على الامتثال للقواعد التي تعتبر أساسية بوضوح. وأيضاً تحرير القطاع المصرفي في قطر من القوانين والتنظيمات الصارمة ضروري لتعزيز المنافسة، والابتكار، وجذب الاستثمارات، وتحفيز الاقتصاد المحلي.

وهناك طريقتان يمكن أن تساهما في الحد من البيروقراطية المفرطة وهما بنود انقضاء الصلاحية، ومبدأ «الامتثال أو التفسير». ويتمثل بند الانقضاء في تاريخ انتهاء صلاحية القاعدة التنظيمية: فبعد خمس سنوات على سبيل المثال، تصبح القاعدة غير سارية ويجب تقديم الحجة لإعادة تطبيقها. ويمكن أن يساعد هذا الأمر في منع تراكم القواعد التنظيمية التي تصبح عتيقة وغير ذات صلة. فعلى سبيل المثال، تم إقرار بعض القوانين في قطر في تسعينيات القرن العشرين ولا تزال مطبقة إلى الآن. ويُستخدم نهج «الامتثال أو التفسير» في بعض قواعد حوكمة الشركات: فقد تنحرف الشركة عن اتباع ممارسة موصى بها بشكل قانوني، ولكن من المتوقع منها أن توضح السبب وراء ذلك. ويجسد هذا مفهوم فهم وتفسير الأساس المنطقي لممارسة معينة، ويتجنب الإجراءات العقابية في حالة حدوث الانتهاكات البسيطة. وقد لا تكون مثل هذه الأساليب مناسبة لتدابير السلامة الأساسية، ولكنها قد تكون فعالة في سياقات أخرى. استجابةً للتحديات الاقتصادية الحالية، يمكن أن يسهم تعيين ‹قيصر الكفاءة›، تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، في تسريع الإصلاحات الحكومية، والحد من البيروقراطية، وتحسين كفاءة الأداء الإداري، مما يسهم في تحسين بيئة الأعمال وتحفيز التنمية الاقتصادية لتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي ودعم نمو القطاع الخاص.

مساحة إعلانية