رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عمر باحليوة

عمر باحليوة

مساحة إعلانية

مقالات

297

عمر باحليوة

فرصة ذهبية أمام بريطانيا لتحقيق قفزة تتجاوز بها الاتحاد الأوروبي

17 أكتوبر 2016 , 01:51ص

بينما يقترب موعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يتزايد القلق بشأن الرفاة الاقتصادي في البلاد، والحقيقة أنه لا داعٍ لهذا القلق فلبريطانيا حلفاء قدامى في منطقة الخليج عملوا ويعملون بجد من أجل اتفاقية للتجارة الحرة بين الجانبين يستفيد منها الجميع.

فدول مجلس التعاون الخليجي الست التي تشكل تكتلا اقتصاديا وسياسيا يمكن أن تمثل بحجم التبادل التجاري بينها وبين بريطانيا الشريك المناسب في مثل هذه الاتفاقية وخلال العام 2015 وصلت الصادرات البريطانية لدول المجلس إلى ما قيمته 22 مليار جنيه إسترليني وهو رقم يفوق الصادرات البريطانية للصين كما يساوي ضعف الصادرات البريطانية للهند.

وبتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين الجانبين تمضي جنبا إلى جنب مع توجه أكثر انفتاحا تجاه التجارة الدولية يمكن لهذا الرقم أن يحقق قفزات هائلة، ويدرك السيد "ليام فوكس" وزير الدولة البريطاني الجديد للتجارة الدولية ذلك جيدا وقد حدد هو بنفسه حوالي 31 مجالا من مجالات التصدير التي تمثل فرصا هائلة في دول مجلس التعاون الخليجي، وقال في مانشستر إن بريطانيا لديها "فرصة ذهبية لنكون دورا جديدا لأنفسنا في هذا العالم".

وأتصور أن التوقيت هنا يمثل كل شيء فحملة بريطانيا من أجل الانخراط في تجارة دولية أكبر ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، تأتي في وقت يشهد بالمثل تغيرات كبيرة في منطقة الخليج فدول مجلس التعاون الخليجي تجري حاليا أقوى عمليات إصلاح عبر تاريخها كي تتواءم مع أسعار الطاقة الآخذة في الانخفاض ولكي تستعد في نهاية المطاف لمرحلة ما بعد النفط.

وفي قلب تلك الإصلاحات تأتي الحاجة إلى التنوع الاقتصادي وهي عملية لن تتم دون عقبات، كما ستتطلب خبرات لبناء قطاعات جديدة وطرح مشاريع كبرى للاستثمار وبريطانيا هي صاحبة خبرة عميقة في العديد من القطاعات التي تستهدفها دول الخليج بالتطوير مثل التقنية والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية والدفاع وتجارة التجزئة، وأتصور أن على الشركات البريطانية العاملة في هذه القطاعات أن تنظر بجد في الفرص المتوافرة للنمو في دول مجلس التعاون الخليجي.

بجانب ذلك فإن بريطانيا لها أولوية وميزة تنافسية على طابور طويل من الدول التي تتزاحم للفوز بفرص استثمارية في تلك المرحلة التي لن تتكرر في دول مجلس التعاون الخليجي، وبخلاف مناطق أخرى في العالم العربي فإن الجميع في منطقة الخليج ينظرون بود عميق لتركة بريطانيا في منطقتهم، كما ينظرون لبريطانيا على أنها حليف طويل الأمد يعتمد عليه فقد كانت في مقدمة الدول التي حشدت من أجل تحرير الكويت من غزو صدام حسين عام 1991 كما قاتلت بجانب وحدات خليجية من أجل هذا التحرير.

وفي العام الماضي حلت الذكرى المائة لمعاهدة "دارين"، التي وقعتها بريطانيا مع المملكة العربية السعودية، والتي مثلت لحظة حاسمة في التاريخ الحديث للمملكة، ويمكنني القول إن علاقات بريطانيا مع دول الخليج هي أعمق وأوسع من علاقات دول منافسة لها من آسيا وأوروبا بمنطقتنا، فلندن هي عاصمة للعالم العربي وهي بمثابة البلد الثاني لملايين من المواطنين الخليجيين.

ويمكن لاتفاقية للتجارة الحرة بين الجانبين أن توصل رسالة إلى بروكسل التي لم تكلل مساعيها مع دول الخليج من أجل التوصل لمثل تلك الاتفاقية بالنجاح رغم محاولات من قبلها دامت 25 عاما، ومن المنتظر أن تنضم بريطانيا إلى منظمة الدول الأوروبية للتجارة الحرة (EFTA) التي تضم أيسلند وإمارة لينخشستين والنرويج وسويسرا وهي نفس المنظمة التي وقعت اتفاقية تجارة حرة مع مجلس التعاون الخليج في العام 2009.

أما النتيجة في حالة توقيع مثل تلك الاتفاقية للتجارة الحرة بين بريطانيا ومجلس التعاون الخليجي، فستكون قفزة كبيرة تحققها بريطانيا وتتجاوز بها الاتحاد الأوروبي وتحصل على امتيازات لم يحصل عليها منافسوها مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي ستخسر كثيرا فمجلس التعاون الخليجي هو خامس أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بتجارة وصلت قيمتها إلى 155 مليار يورو عام 2015.

إذن ما هي فرص نجاح مفاوضات من أجل اتفاقية تجارة حرة بين الجانبين؟ هناك قضايا مثل قضايا التأشيرات والدعم الذي تقدمه الدولة وهي قضايا ربما تحتاج إلى العمل عليها لكن المؤكد أن الإرادة السياسية متوفرة من أجل إنجاز مثل تلك الاتفاقية.

خلال زيارة أخيرة للندن قال وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" لبرلمانيين بريطانيين: إن مجلس التعاون الخليجي سيسعى من أجل اتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين في المستقبل القريب، كما أن نائب ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" كان قد ناقش الموضوع نفسه في وقت سابق مع رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماي" على هامش قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في الصين.

ويجب القول بأن ملامح وخطوط اتفاق من هذا القبيل لن ترسم من الصفر أو من لاشيء فبجانب الاتفاق الموقع بالفعل بين مجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول الأوروبية للتجارة الحرة هناك اتفاق بين المجلس وسنغافورة وقع عام 2013.

إن كلا من بريطانيا ودول الخليج تجد نفسها اليوم جاهدة من أجل بناء رفاهية أكبر عبر التجارة العالمية، وعلى الجانبين ألا يتركا الفرصة تذهب من أيديهما وعليهما أن يقاربا المفاوضات بهذا الصدد بثقة أكبر وإدراك أن المستقبل المشرق ليس بعيدا.

مساحة إعلانية