رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد موفق زيدان

@ahmadmuaffaq

مساحة إعلانية

مقالات

783

د. أحمد موفق زيدان

التصعيد في أوكرانيا والفرصة في سوريا

17 سبتمبر 2024 , 02:00ص

تحدثت تقارير موثوقة أخيراً عن انسحاب بعض مرتزقة وجنود روسيا من الأراضي السورية باتجاه الأراضي الروسية، إثر الانتكاسات والهزائم التي تعرضت لها روسيا أخيراً في أوكرانيا، والتصعيد الأخير بين الطرفين بات يهدد اليوم روسيا نفسها، بضرب عمقها بصواريخ بعيدة المدى، تقوم الدول الغربية بتزويد أوكرانيا بها، الأمر الذي دفع نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيدف إلى التهديد والوعيد بحرب نووية، وقوله إن صبر روسيا قد نفد، وهو التعبير الذي لطالما كرره منذ بداية الحرب.

التقارير الموثوقة تحدثت عن انسحاب هذه القوات من الأراضي الروسية وشغورها من قبل المليشيات الطائفية، متزامناً مع تصريحات إيرانية عن حرب حسينية ويزيدية في المنطقة، الأمر الذي عكس مدى القلق ربما من التراجع الروسي على الجبهة السورية، مما سيضع الحليف الإيراني في مواجهة الثورة السورية، ليعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2015 سنة التدخل الروسي، وقد أشغلت الحرب الروسية في أوكرانيا الروس عن سوريا، حيث بات لهم ثلاثة أسراب جوية في قاعدة حميميم، مما يعني أن الغطاء الجوي الروسي لأول مرة لن يكون فعالاً كما كان يوم دخوله سوريا عام 2015، يوم هرع قائد فيلق القدس سابقاً قاسم سليماني طالباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التدخل من أجل إنقاذ نظام الأسد، وتحديداً فيما يتعلق بالغطاء الجوي.

المقلق للنظام السوري وحلفائه اليوم هو أن انشغال حلفائه في معاركهم قد يدفع الفصائل السورية إلى استغلال الفرصة، خصوصاً وأن الحديث يتزايد عن قرب معركة حلب، الأمر الذي سيجعل النظام السوري الذي يعاني أصلاً من قلة دعم حلفائه عسكرياً واقتصادياً، وحتى على المسرح الدولي، نتيجة عجزه وفشله في القدرة على تعويم نفسه وتسويق نفسه عربياً ودولياً، سيدفعه إلى مزيد من الحصار والضعف والتراجع.

التصعيد الروسي الأوكراني وصل إلى مديات خطيرة، وصفه البعض بأنه على عتبة الحرب العالمية الثالثة، لاسيما مع تحذير بوتين من سماح الغرب باستخدام الصواريخ البعيدة المدى للأوكران، الأمر الذي يعني أن الغرب وأوروبا دخلوا الحرب ضد روسيا بحسب تعبير بوتين، أما وزير الخارجية البريطاني فقد وصف بوتين بالفاشي، وأنه لن يسمح له بإخراج الأمر عن مساره، والظاهر أن الغرب تعلم من أفغانستان في أن يدعم الحرب في أوكرانيا على نار هادئة، ليُجبر روسيا في لحظة ما على إعلان الهزيمة، تماماً كما حصل مع أسلاف الروس من السوفيت، وذلك من خلال استنزافها الطويل الأمد وهو ما تكرر في حرب أفغانستان خلال فترة الثمانينيات، والذي نجم عنه انسحاب القوات السوفيتية، ثم تفكك الاتحاد السوفيتي إلى دول وجمهوريات.

الظاهر أن روسيا غدت في ظرف صعب وحالة أصعب، ولعلها لم تمر في هذه الحالة في تاريخها الحديث، إذ إن الحرب التي يدعمها الغرب في أوكرانيا، لم يسبق أن تعرضت لها من قبل الأوروبيين في تاريخها، فالحرب في أفغانستان لم تكن بنفس درجة شراسة الدعم الأوروبي للأفغان، وهو الأمر الذي يعجل بانسحاب روسيا ربما من ساحات دولية، ولعل الساحة الأكثر ترشيحاً لذلك هي الساحة السورية، نظراً لغوصها فيها سياسياً، إذ إنها فشلت طوال السنوات التسع الماضية من حسم الوضع فيها سياسياً، فضلاً عن عسكرياً، فإن كانت عاجزة عن الحسم في سوريا وهي التي لا تقارن بالوضع في أوكرانيا، فكيف ستقدر على الحسم عسكرياً على الساحة الأوكرانية.

العالم يعيش حالة من السيولة وفقدان الوزن غير مسبوقة، إن كان على جبهات أوكرانيا وغزة، أو على جبهات سوريا ونحوها، وبالتالي فإن ثمة فرصا ربما تكون ثمينة للقوى المستعدة لتلك اللحظة، والتي تبدو فيها روسيا ضعيفة ومشغولة بنفسها. لقد ثبت تاريخياً أن القوى الدولية المحتلة للغير، إنما تهزم حين تتعرض لهزيمة داخلية، وهو ما تعانيه روسيا اليوم، وتنتظره الثورة السورية إن هي أتقنت قنص اللحظة التاريخية، فالنظام السوري لم يعد نظاماً حقيقياً وواقعياً، يُراهن عليه بعد أن رهن سوريا لاحتلالات متعددة، وبعد أن تفسخ وغدا خطره على الجوار أكثر من خطره على نفسه بحسب تعبير الكاتب البريطاني المختص بالشأن السوري ريتشارد ليستر في مقال له معروف في مجلة الفورين بوليسي.

مساحة إعلانية