رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سمير الحجاوي

سمير الحجاوي

مساحة إعلانية

مقالات

621

سمير الحجاوي

ماذا قدمت لربك يا أردوغان

17 يوليو 2016 , 02:08ص

لم تعرف عيوني ليلة أمس الأول النوم، أتابع كل صغيرة وكبيرة حول المحاولة الانقلابية في تركيا.. لم تكن ساعات عادية على الإطلاق، ولم يتسرب النعاس إلى عيني أبدا، فقد كانت قوة الحدث أكبر من أي نعاس، وبالتأكيد لم أكن الوحيد، ولعلي لا أبالغ إذا قلت أن الأمة العربية كلها كانت تتابع أخبار المحاولة الانقلابية لحظة بلحظة، وتحول الفيسبوك وتويتر ويوتيوب وواتس آب إلى وكالات أنباء أسرع من الفرنسية ورويترز والفضائيات.

لن أقدم تحليلا سياسيا مهنيا بالمعنى الاحترافي والتقني، للإجابة كيف تسنى للانقلابيين أن يتحركوا وكيف تمكن الشعب من إفشال الانقلاب، رغم وجاهة هذه الأسئلة الجوهرية، لكنني سأكتب عن الرئيس رجب طيب أردوغان الذي تحول إلى زعيم وقائد جماهيري من طراز رفيع، فالزعيم أردوغان لم يحتج إلى أكثر من رسالة إعلامية واحدة عبر "سكايب" لينزل الشعب إلى الشوارع، كلمات قليلة من الزعيم كانت كافية لتحريك الحشود والجماهير للتصدي للدبابات الانقلابية.

كيف تمكن من تحريك الشعب بهذه السهولة والسرعة؟ لقد تمكن من ذلك لأنه بنى جسورا من الثقة بينه وبين الناس على مدى عقود من العمل العام سواء في بلدية إسطنبول أو في البرلمان والحكومة والرئاسة، لم يكذب على الشعب، ولم يقدم وعودا زائفة، ولم يتورط في الفساد، ولم يصبح من أصحاب الملايين والمليارات، ولم يصنع حوله جوقة من المداحين الكذابين، ولم يعش في أوهام الدولة الأمنية وحماية المخابرات والعسكر، كان دائما بين الناس كل الأعمار والقوميات.. لقد أعلى من شأن الشعب فردا فردا، وحفظ لكل واحد حقه وكرامته، وقبل يد الصغير قبل الكبير.. قبل القائد الكبير أردوغان أيدي أبناء شعبه فردوا له التحية بأحسن منها ونزلوا إلى الشوارع لمواجهة الدبابات الانقلابية بأجسادهم العارية، حتى العواجيز والمسنين نزلوا إلى الشوارع ليدافعوا عن سلطة اختاروها بإرادتهم وأصواتهم.

لم يكن أردوغان شخصا عاديا في تركيا ولن يكون بإذن الله، فهو الذي صدح بشعر فصيح لا هوادة فيه ولا مفاصلة ولا صفقة حين أعلن "مساجدنا ثكناتنا.. قبابنا خوذاتنا.. مآذننا حرابنا.. المصلون جنودنا.. هذا الجيش المقدس يحرس ديننا". لقد صدق الله فصدقه، فقد كبرت المآذن في وجه الانقلابيين ونزل المصلون إلى الشوارع وضربوا الجنود الانقلابيين بالحجارة والأحذية، وانتزعوا منهم الأسلحة والدبابات وكأنها لعب أطفال، واستسلم الجنود للشعب المؤمن بدينه وهويته وخياره ورئيسه ونظامه وبرلمانه.

هذا الزعيم والقائد قدم الصدق بين يدي ربه، وقدم الصدق بين يدي شعبه، لم يخن الأمانة يوما، وكان حارسا أمينا للشعب التركي وآماله وأحلامه وحاضره ومستقبله، وقف بين يدي الله مصليا دون ادعاء، وقبل المصحف ووضعه فوق رأسه دون نفاق، وبنى المساجد والمآذن في كل مكان من تركيا، وسافر إلى أمريكا للمشاركة في جنازة فقيد المسلمين هناك البطل محمد علي، فكان بطلا يؤبن بطلا.

حتى المعارضة السياسية التركية تثق به، تخاصمه ولكنها تثق به وتصدقه فهي لم تجرب عليه كذبا، رغم أن الكذب هو مادة السياسة الأساسية، فخرج هؤلاء الخصوم ليعلنوا أنهم ضد الانقلاب والانقلابيين وأنهم مع الشرعية وخيار الشعب، وهذا فتح من الله على هذا الرجل.. نختلف ولكننا لا نتحول إلى أعداء، نختلف كيف نخدم تركيا لا أكثر من ذلك، وفي آخر النهار نحن أخوة في الدين والعقيدة والوطن.

فشل الانقلاب لأن الانقلابيين فكروا أن أردوغان مجرد حاكم يمكن عزله بسهولة، ولم يتصوروا أن الشعب التركي كله أصبح حاكما، وأردوغان ليس إلا واحدا منهم، وأنه لا يمكن عزل الشعب أو الإطاحة به، لكل الشعب أردوغان وأردوغان كل تركي مهما كان موقعه، فمن يحكم تركيا هو الشعب وليس فرد مهما بلغت أهميته حتى لو كان أردوغان نفسه.

كل العرب سهروا حتى تأكدوا من اندحار المحاولة الانقلابية والقبض على عرابيها، كل العرب، باستثناء الخونة وهم قلة على أي حال، كانوا يدعون لأردوغان وحكومته ولتركيا بالنصر على المؤامرة والمتآمرين، كل العرب كانوا أتراكا في تلك الليلة الصعبة.

لقد قدمت يا أردوغان الحب للناس فأحبوك في كل مكان، وهو حب لا يفهمه العسكر الانقلابيون المتمردون ولن يفهموه أبدا، وهو الحب الذي تحول إلى سياج شل حركة الدبابات الانقلابية وأرعب العسكر الأغبياء.. أنه الحب الذي قدره الله لك لأنك صدقت الله فأعطاك شيئا لا يمكن شراؤه بالمال.

اقرأ المزيد

alsharq جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!

تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد

336

| 21 نوفمبر 2025

alsharq «ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»

عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد

414

| 21 نوفمبر 2025

alsharq ظلّي يسبقني

في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد

165

| 21 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية