رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خلال تجوالي في جوبا عاصمة الجنوب السوداني على مدى ثمانية أيام لرصد التداعيات التي ستنتج عن استفتاء تقرير المصير صليت من أجل الوحدة كنت آمل أن أعثر على بقاياها لدى المواطن الجنوبي لكنني فوجئت بحجم معاداتها والسعي بقوة إلى التخلص منها عبر الاستفتاء الذي اختتمت وقائعه مساء أمس السبت بعد حوالي أسبوع من عمليات التصويت التي جرت في أكثر من 2600 مركز اقتراع بالولايات الجنوبية العشر فضلا عن أكثر من 165 مركزا بولايات الشمال بالإضافة إلى المراكز الخارجية في دول المهجر لم أكتف بالصلاة من أجل الوحدة وإنما سعيت إلى محاولة معرفة مكانتها في ذهنية النخب السياسية والشارع الجنوبي والمدهش أن الإجابات جاءت جميعا متقاربة باتجاه رفض الاستمرار فيها على الأقل في المدى المنظور وهو ما بدا لي واحدا من رابع المستحيلات بعد أن شاهدت الملايين من سكان الجنوب يتدفقون على مراكز الاقتراع مستخدمين كل وسائل النقل وأغلبها عربات الربع الرباعي التي تتناسب مع الوضع الطبوغرافي لجوبا ولغيرها من ولايات الجنوب التي ما زالت تخاصم الطرقات الحديثة المرصوفة إلا شارعا رئيسيا يربط منتصف العاصمة وبعض أطرافها خاصة الأحياء التي يقع فيها مقر حكومة الجنوب والوزارات كان المشهد خلال أيام الاستفتاء التي قضيتها في جوبا ينبئ بحالة حماسة بالغة باتجاه الانفصال فالصفوف كانت تمتد على نحو حلزوني داخل مراكز الاقتراع التي تابعتها عن كثب وخارجها ومحتوية أصنافا من البشر مختلفي
الملابس بين الزاهي والفاقع والهادئ ومرتدي علم الجنوب وأغلبهم من
الشباب والفتيات تصاحبهم ضحكاتهم وابتساماتهم وتسكن الحيوية قلوبهم قبل أجسادهم جاءوا إلى مراكز الاقتراع ليوجهوا رسالة واحدة للعالم مؤداها أنه " إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر" وهي العبارة التي رددتها شعوب كثيرة في المنطقة في رحلة كفاحها الطويل من أجل الاستقلال الوطني خلال الحقبة الإمبريالية ولكن هل ينطبق هذا البيت للشاعر العربي التونسي أبو القاسم الشابي على حالة جنوب السودان وهل ما جرى هو مسعى لتحقيق استقلال وطن كان محتلا من قوى خارجية أم فصل جزء مهم عن الوطن الكبير؟ وعندما تيقنت من حقيقة الانفصال الذي بدا مرسوما على الوجوه والملامح بكيت فها أنا المنتمي لتيار وحدة الأمة ووحدة أقطارها أتحول إلى شاهد حي على واقعة انفصال الجنوب عن دولة الوحدة فاضت الدموع بمآقينا وأنا وزميلتي الصحافية المصرية بالأهرام أسماء الحسيني العاشقة للسودان - كل السودان - ونحن نتابع آخر تجليات الحملة السياسية التي نظمتها الحركة الشعبية – الحزب الحاكم – في الجنوب بحضور أكثر من عشرة آلاف مواطن تجمعوا من كافة قبائل الولايات العشر المكونة للجنوب ومارسوا أمامنا نوعا من الرفض الجماعي لخيار الوحدة بل أعلن أحدهم بصريح العبارة: نعم للانفصال ولا للتعريب وللأسلمة وللطغيان والتهميش في إشارة إلى ممارسات سلطة الحكومة المركزية في الخرطوم والتي كتبوا عبارات وداعية لهم أخذوا يلوحون بها على مدى الساعات الخمس التي استغرقها اللقاء الجماهيري الذي حضره الرجل القوي في الحركة الشعبية باجان أموم أمينها العام ووزير السلام بحكومة الجنوب والذي ترجل خطابا سياسيا استغرق وحده ساعتين بدا لنا وكأنه ينتقم من ممارسات حكومة الخرطوم ضده شخصيا والتي وصلت ذروتها العام الماضي عندما اعتقلته قوات الأمن على خلفية خروجه ضمن قيادات أخرى للضغط عيها للإسراع بتطبيق اتفاقية السلام وإلغاء القوانين المقيدة للحريات حيث شن حملة ضارية على ما وصفه بدولة السودان الفاشلة والتي رأى أنه من المستحيل
الاستمرار في وحدة معها وقال "حتى لو هبط يوم التاسع من يناير- أول
أيام الاستفتاء - من النار وليس من السماء فإننا سنخترق هذه النار للتصويت على تقرير مصيرنا "وهو ما فجر الساحة الواسعة التي كانت تحتضن اللقاء بجامعة جوبا التي يتم ترميمها في الوقت الراهن بالهتاف ضد الوحدة والدعوة إلى الانفصال الفوري خاصة بعد أن ذكر أن ضحايا الحروب التي خاضها الجنوبيون يتراوحون بين 4 و5 ملايين شخص ما شاهدناه في هذا اللقاء جسد حالة من الهستيريا التي تمددت في أجساد الجميع وتنوعت تجلياتها بين هتافات ورقصات تقليدية قدمتها فرق عدد من قبائل الجنوب بأزيائها الفاقعة الألوان وإلقاء قصائد الشعر والأغاني وكلها تؤدي رقصة الانفصال الأولى وليس الأخيرة.
خلال الأيام التي أمضيتها بجوبا تجولت في أحيائها سواء الراقية التي يسكنها كبار القوم من قيادات الحركة الشعبية والجيش الشعبي وكبار مسؤولي الحكومة والمكونة من فيلل وبيوت بطابق واحد بدت لنا نظيفة ومهندمة معماريا فضلا عن احتوائها على مكيفات الهواء والمناطق الشعبية التي ما زالت تستخدم المنزل الإفريقي التقليدي المكون من البوص والمغطى بجذوع الأشجار فبدت لي مسكونة بهاجس واحد هو التأهب للرحيل عن الوطن وتركه بلا عودة كانت الجدران والطرقات والسيارات والميادين العامة المحدودة في المدينة زاخرة بمختلف ألوان التحريض على الانفصال كان هناك حشد وتعبئة واسعة ضد الوحدة مارسه قادة الحركة الشعبية على مدى الشهور الست الأخيرة عبر كل وسائط الإعلام المحدودة والتي ما زالت غير واسعة الانتشار وكذلك عبر الوسائل البدائية التي تتناسب مع طبيعة حياة القبائل التي ما زالت أعداد هائلة من المنتمين إليها غير مؤهلين تعليميا حيث تتجاوز الأمية نسبة ال80 في المائة وأسهم الأمين العام للحركة الشعبية باجان أموم بالنصيب الأكبر فيها حيث تجول في أغلب ولايات الجنوب العشر خلال الأسبوع الذي إجراء عملية الاستفتاء وعرض علي وعلى زميلتي أسماء الحسيني مصاحبته خلال إحدى هذه الجولات لكن ما حال دون المشاركة فيها هو وصولنا إلى جوبا بعد أن غادرها والرجل يتمتع بالكاريزما ويصفونه بأنه الأكثر قدرة على التعبير عن فكر الزعيم الراحل للحركة الشعبية جون قرنق حيث كان واحدا من أهم المقربين إليه بدرجة تفوق قرب سلفاكير ميارديت الذي تولى قيادة الحركة بعد رحيله المفاجئ في أعقاب توقيعه على اتفاقية السلام بنيفاشا في عام 2005 وثمة من يتوقع المزيد من الصعود السياسي لأموم في مرحلة بناء الدولة الوليدة إذا استمر الانسجام الراهن بينه وبين سلفاكير ويمكن القول إن هذه التعبئة الجماهيرية والتي يبدو أنها كانت ممنهجة ومخطط لها على نحو جيد لعبت الدور الأساسي في دفع سكان الجنوب إلى الانحياز للتصويت لخيار الانفصال حتى قبل أن يبدأ الاقتراع في سابقة تكاد تكون هي الأولى من نوعها حيث بات الجميع يعلمون نتيجة الاستفتاء وهو ما أفقده طعم المفاجأة وسمة التنافس والصراع بين موقفين ورؤيتين لكن بالتأكيد هناك عوامل أخرى دفعت إلى هذا الانفصال الذي سيمزق وطنا بحجم السودان قبل إرسال المقال: بيت الشعر الذي قاله الشاعر أبو القاسم الشابي قبل أكثر من سبعة عقود: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر"تجسد بقوة في شعبه العربي التونسي الذي انتفض طالبا الحرية فصنع معادلة جديدة تنهض على أن الخبز وحده لا يصنع الأوطان وإنما الحرية والخبز معا.
السطر الأخير:
مرسومة قصيدتك بعيني أيتها المغزولة بوجودي السابحة ببحاري الناضجة بثماري يرتدي قلبي عشقك نبضا يدق أوتاري فتفاجئني شمس صباحاتك ترسل عطرها بنهاري تمنح الكون سر بهائها فترقص العصافير تبث فرحها المقيم بأعالي الأشجار
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة كأس العرب، حيث ستتحول الدوحة إلى قلب نابض بالإثارة والتشويق.... اقرأ المزيد
972
| 01 ديسمبر 2025
جنون في الشوارع
مع تزايد أعداد السائقين الجدد وتسارع الحركة المرورية يومًا بعد يوم، لم تعد القيادة مجرد مهارة فنية فحسب،... اقرأ المزيد
336
| 01 ديسمبر 2025
التزام ثابت بدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات الإنسانية
جاءت إشادة منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، الذي أجرى جولة في أحد مراكز توزيع المساعدات... اقرأ المزيد
90
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
1935
| 30 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1740
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1590
| 25 نوفمبر 2025