رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة العصيمي

مساحة إعلانية

مقالات

213

فاطمة العصيمي

حين يتحول الصف إلى حضنٍ آمن.. التربية قبل التعليم

16 مايو 2025 , 12:07ص

في زحمة التركيز على تطوير المناهج، وتكثيف المحتوى المعرفي، وتوظيف أحدث الوسائل التكنولوجية في التعليم، تبرز اليوم حاجة ملحّة لإعادة الاعتبار لوظيفة المدرسة الأساسية، وهي احتضان الطالب نفسيًا وتربويًا قبل تلقينه الدروس.  فالتعليم الحقيقي لا يبدأ من الكتب، بل من القلب؛ من ذلك الإحساس الدافئ الذي يجعل الطفل يشعر أن الصف ليس مجرد مقعد وسبورة، بل مساحة آمنة يشعر فيها بالاحترام والانتماء. وإن التعليم لا يكون فعالًا ما لم يسبق بالحب، وما لم يجد الطالب في مدرسته المكان الذي يُنصت إليه، ويُقدّره كإنسان قبل أن يُحاسبه كمتعلم. وهذا البعد الإنساني هو ما تصبو له الأنظمة التعليمية المتقدمة اليوم، ودولة قَطر تسير بثقة في هذا الاتجاه.

- الصف… بيتٌ تربوي قبل أن يكون فصلًا دراسيًا

في مدارس دولة قطر، حيث تسعى الدولة جاهدة لتطوير التعليم ضمن رؤية شاملة تُراعي الإنسان قبل المنهاج، تظهر أهمية إعادة النظر في العلاقة بين الطالب والمدرسة، وتحديدًا داخل الصفوف الدراسية. فليست كل بيئة تعليمية ناجحة بالضرورة بيئةً حاضنة، والعكس صحيح. الصف الذي يخلو من التقدير والاحتواء، مهما بلغ تطور وسائله، قد يُنتج طلابًا متعلمين من حيث المعلومات، ولكنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس، والقدرة على التعبير، والشعور بالأمان. وإن الصف هو العالم الأول للطالب خارج نطاق أسرته، ومن خلاله تتشكل رؤيته للعالم، لذا فإن تحويل الصف إلى مساحة عاطفية آمنة، يعني الاستثمار في بناء مواطن متوازن ومستقر نفسيًا، قادر على التفاعل الصحي مع مجتمعه. وبالتالي، فالطالب الذي يجد في معلمه القدوة، وفي مدرسته الأمان، سيعود كل صباح بشغف لا بمجرد التزام.

- المعلمون سفراء العاطفة والتربية

المعلم ليس فقط ناقل معرفة، بل هو أول من يزرع في الطفل بذور الشعور بالقيمة؛ نظرة احترام، كلمة دعم، اِلتفاتة إنسانية في لحظة ضعف…كل تلك التفاصيل الصغيرة قادرة على أن تبني شخصية متزنة ومتحمسة للتعلم. من هنا، فإن المعلم في قطر اليوم يُنتظر منه أن يكون قائدًا تربويًا، وصاحب رسالة وجدانية، وأن يُعيد صياغة مفاهيم التفاعل داخل الصف بما يضمن أن يشعر الطالب بأنه مرئي ومسموع ومهم. ولذلك، لا بد من الاستثمار في بناء مهارات المعلمين العاطفية والاجتماعية إلى جانب مهاراتهم الأكاديمية. فالمعلم الذي يملك الحس التربوي العالي، قادر على التعامل مع المزاج المتقلب للطلبة، والتحديات السلوكية، وحتى المشاكل النفسية الخفية. ومع تزايد الضغوط المجتمعية على الجيل الجديد، تبرز أهمية أن يكون المعلم بمثابة صمام أمان نفسي، وأن يتمكن من دمج التربية بالتعليم بطريقة غير تقليدية، تحقق الهدفين في آنٍ معًا.

- الأمان النفسي شرط أساسي للتعلّم

تشير دراسات تربوية عديدة إلى أن الأمان النفسي هو البوابة الأولى لاستيعاب المعلومات وتحقيق التميز الدراسي. فالطالب الذي يشعر بالخوف أو التهميش أو الإهانة داخل الصف، سيظل عقله مشغولًا بالنجاة لا بالإنجاز. ولهذا فإن من واجب كل مدرسة أن تُكرّس البيئة الصفية كحاضنة تربوية شاملة، تقوم على احترام الفروق الفردية، وتعزيز الحوار، واحتواء الأزمات النفسية الصغيرة التي قد يمر بها الطالب. وقد أظهرت التجارب التربوية العالمية أن الطلاب الذين يشعرون بالأمان العاطفي أكثر قدرة على المشاركة، والابتكار، والتفوق. وفي دولة قطر، بدأت العديد من المدارس في تطبيق نماذج حديثة للصفوف التفاعلية، التي تدمج بين التعليم العاطفي والتعليم الأكاديمي، وتمنح الطالب فرصًا ليُعبّر عن ذاته، ويشعر بقيمته داخل الصف، دون خوف من التنمر أو التمييز أو العقاب القاسي. وإن هذا التوجه يعزز ثقة الطالب بنفسه، ويُنمّي لديه مهارات القيادة والتعاطف والتعاون، وهي مهارات لا تقل أهمية عن أي معادلة رياضية.

ولذلك حين يتحول الصف إلى حضنٍ آمن، يتحول التعليم إلى حياة. وتلك هي المهمة الأسمى لكل مؤسسة تربوية: أن تُخرج إلى المجتمع جيلًا متعلّمًا، لكنه أيضًا سويٌ عاطفيًا، واثق من نفسه، مؤمن بأهميته، وقادر على بناء مستقبل وطنه بإرادة وشغف. فليس كل تعليم يصنع إنسانًا، ولكن كل تربية صحيحة تقود إلى تعليم ناجح. والمدرسة التي تُعلّم طلابها كيف يحبون أنفسهم ويحترمون الآخر، تضع أساسًا لا يُمحى لمجتمع أكثر وعيًا وسلامًا. ومن هذا المنطلق، فإن دعم الدولة في قطر لهذه الرؤية، من خلال برامج الصحة النفسية، ومبادرات الدعم التربوي، وتدريب المعلمين، هو تأكيد على أن التربية لا تسبق التعليم فقط، بل ترفعه وتُباركه وتجعل ثماره أكثر نضجًا وإنسانية.

اقرأ المزيد

alsharq الصين..

أثناء القمة العربية الإسلامية الطارئة التي أقيمت في الدوحة يوم 15 من الشهر الجاري والتي ناقشت العدوان الصهيوني... اقرأ المزيد

180

| 30 سبتمبر 2025

alsharq الحكومة المارقة

تعرف كلمة مارق في اللغة العربية بأنه الشخص الماكر أو المنحرف والذي لا قيمة له، وهي تعنى الشخص... اقرأ المزيد

153

| 30 سبتمبر 2025

alsharq هل قررت أن تُشرق؟

ما السعادة إلا قرارٌ تتخذه الروح بوعيٍ كامل لتتصل بنبع حقيقتها، قرارٌ يهمس به المرء لذاته بأن يسمح... اقرأ المزيد

240

| 30 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية