رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الثراء اللغوي.. عودة تحمل الإبداع والتميز

في مشهد تربوي يؤكد حضور اللغة العربية كهوية وانتماء، دشّنت مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات يوم الخميس 25 سبتمبر 2025 النسخة الثانية من برنامج الثراء اللغوي، بعد أن حقق في عامه الأول نجاحًا لافتًا جذب الأنظار وأبرز مواهب أدبية واعدة بين الطالبات. المبادرة التي وُلدت العام الماضي لتكون منصّة للإبداع وصقل المهارات، تعود هذا العام بروح أكثر ثراءً وتجديداً، لتجعل من الكلمة مساحة للتعبير، ومن القلم أداة لبناء شخصية متوازنة تعتز بلغتها الوطنية وتواكب العصر بثقة واقتدار. -المبادرة وأصحاب الفكرة انبثق برنامج الثراء اللغوي من رؤية تربوية ثاقبة حملتها الأستاذة صيتة الدحابيب، التي أطلقت الفكرة لتكون منارة تعليمية جديدة، وجدت في الأستاذة فاطمة العتيبي شريكةً في تطويرها وتحويلها إلى مشروع واقعي نابض بالحياة. إن هذا التلاقي بين الفكر والإدارة أنتج مبادرة تُعيد الاعتبار للغة العربية في المدارس القطرية، ليس كمنهج دراسي تقليدي فحسب، وإنما كأداة إبداعية تعكس هوية الطالبات وتُعزز انتماءهن الوطني. ومع دعم المديرة الفاضلة أ. سارة الأنصاري، ومساندة النائبة الأكاديمية الأستاذة عبير الجابر، وإشراف المنسقة الأستاذة عفراء النعيمي، أصبح البرنامج أكثر رسوخًا واستمرارية. وتؤكد هذه الشراكة التربوية أن المبادرات التعليمية الناجحة تنشأ من التلاقي بين الحلم والالتزام، وأن العمل الجماعي هو سر نجاح أي مشروع تربوي. فالمعلم حين يزرع في طلابه محبة لغتهم، إنما يضع لبنة قوية في بناء أجيال تنطق بالفصاحة وتفكر بوعي وتنتمي بثقة إلى ثقافتها وجذورها. يقوم برنامج الثراء اللغوي على أهداف استراتيجية واضحة، تعكس التوجه الوطني لدولة قطر في تعزيز التعليم والهوية. ومن هذه الأهداف إبراز جيل من الكاتبات بأقلام قطرية شابة، قادر على التعبير عن ذاته وهويته بثقة. كما يسعى البرنامج إلى تنمية الحصيلة اللغوية عبر استخدام قاموس خاص وملفات إنجاز ترافق كل طالبة في مسيرتها التعليمية، لتوثق خطوات التطور والتقدم. والأهم هو أن البرنامج يسهم بفاعلية في تحقيق رؤية وزارة التربية والتعليم التي تقوم على شعار؛ متعلم ريادي لتنمية مستدامة. فالمتعلم الريادي يحتاج إلى لغة متينة تحمله على التعبير والتفكير والإبداع. ومن خلال هذه الأهداف، يفتح البرنامج أمام الطالبات آفاقًا واسعة، تجعل من العربية ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية، وجسرًا للتواصل مع الماضي والمستقبل، في آن واحد. يؤكد برنامج الثراء اللغوي أن المدرسة ليست مجرد مكان لتلقي العلوم، بل فضاء حيّ قادر على إنتاج الإبداع وتعزيز الهوية الوطنية. وإن نجاحه في نسخته الأولى، وعودته في نسخته الثانية بروح أكثر قوة وتجديدًا، يعكس أن اللغة العربية لا تزال نابضة بالحياة إذا وُجدت المبادرات التي تزرع فيها الجاذبية وتمنحها الحضور في يوميات الطالبات. وما قدمته مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات من تجربة ملهمة هو رسالة إلى كل المؤسسات التعليمية بأن الاستثمار في اللغة العربية هو استثمار في المستقبل، وأن غرس حب العربية في قلوب الناشئة هو غرس لجذور الانتماء والوعي والاعتزاز بالوطن. وهكذا، يغدو برنامج الثراء اللغوي علامة مضيئة في مسيرة التعليم القطري، وخطوة عملية نحو تحقيق رؤية شاملة توازن بين بناء الإنسان وتعزيز الهوية وتخريج أجيال قادرة على الكتابة والإبداع والتجديد.

285

| 03 أكتوبر 2025

حين يتحول الصف إلى حضنٍ آمن.. التربية قبل التعليم

في زحمة التركيز على تطوير المناهج، وتكثيف المحتوى المعرفي، وتوظيف أحدث الوسائل التكنولوجية في التعليم، تبرز اليوم حاجة ملحّة لإعادة الاعتبار لوظيفة المدرسة الأساسية، وهي احتضان الطالب نفسيًا وتربويًا قبل تلقينه الدروس. فالتعليم الحقيقي لا يبدأ من الكتب، بل من القلب؛ من ذلك الإحساس الدافئ الذي يجعل الطفل يشعر أن الصف ليس مجرد مقعد وسبورة، بل مساحة آمنة يشعر فيها بالاحترام والانتماء. وإن التعليم لا يكون فعالًا ما لم يسبق بالحب، وما لم يجد الطالب في مدرسته المكان الذي يُنصت إليه، ويُقدّره كإنسان قبل أن يُحاسبه كمتعلم. وهذا البعد الإنساني هو ما تصبو له الأنظمة التعليمية المتقدمة اليوم، ودولة قَطر تسير بثقة في هذا الاتجاه. - الصف… بيتٌ تربوي قبل أن يكون فصلًا دراسيًا في مدارس دولة قطر، حيث تسعى الدولة جاهدة لتطوير التعليم ضمن رؤية شاملة تُراعي الإنسان قبل المنهاج، تظهر أهمية إعادة النظر في العلاقة بين الطالب والمدرسة، وتحديدًا داخل الصفوف الدراسية. فليست كل بيئة تعليمية ناجحة بالضرورة بيئةً حاضنة، والعكس صحيح. الصف الذي يخلو من التقدير والاحتواء، مهما بلغ تطور وسائله، قد يُنتج طلابًا متعلمين من حيث المعلومات، ولكنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس، والقدرة على التعبير، والشعور بالأمان. وإن الصف هو العالم الأول للطالب خارج نطاق أسرته، ومن خلاله تتشكل رؤيته للعالم، لذا فإن تحويل الصف إلى مساحة عاطفية آمنة، يعني الاستثمار في بناء مواطن متوازن ومستقر نفسيًا، قادر على التفاعل الصحي مع مجتمعه. وبالتالي، فالطالب الذي يجد في معلمه القدوة، وفي مدرسته الأمان، سيعود كل صباح بشغف لا بمجرد التزام. - المعلمون سفراء العاطفة والتربية المعلم ليس فقط ناقل معرفة، بل هو أول من يزرع في الطفل بذور الشعور بالقيمة؛ نظرة احترام، كلمة دعم، اِلتفاتة إنسانية في لحظة ضعف…كل تلك التفاصيل الصغيرة قادرة على أن تبني شخصية متزنة ومتحمسة للتعلم. من هنا، فإن المعلم في قطر اليوم يُنتظر منه أن يكون قائدًا تربويًا، وصاحب رسالة وجدانية، وأن يُعيد صياغة مفاهيم التفاعل داخل الصف بما يضمن أن يشعر الطالب بأنه مرئي ومسموع ومهم. ولذلك، لا بد من الاستثمار في بناء مهارات المعلمين العاطفية والاجتماعية إلى جانب مهاراتهم الأكاديمية. فالمعلم الذي يملك الحس التربوي العالي، قادر على التعامل مع المزاج المتقلب للطلبة، والتحديات السلوكية، وحتى المشاكل النفسية الخفية. ومع تزايد الضغوط المجتمعية على الجيل الجديد، تبرز أهمية أن يكون المعلم بمثابة صمام أمان نفسي، وأن يتمكن من دمج التربية بالتعليم بطريقة غير تقليدية، تحقق الهدفين في آنٍ معًا. - الأمان النفسي شرط أساسي للتعلّم تشير دراسات تربوية عديدة إلى أن الأمان النفسي هو البوابة الأولى لاستيعاب المعلومات وتحقيق التميز الدراسي. فالطالب الذي يشعر بالخوف أو التهميش أو الإهانة داخل الصف، سيظل عقله مشغولًا بالنجاة لا بالإنجاز. ولهذا فإن من واجب كل مدرسة أن تُكرّس البيئة الصفية كحاضنة تربوية شاملة، تقوم على احترام الفروق الفردية، وتعزيز الحوار، واحتواء الأزمات النفسية الصغيرة التي قد يمر بها الطالب. وقد أظهرت التجارب التربوية العالمية أن الطلاب الذين يشعرون بالأمان العاطفي أكثر قدرة على المشاركة، والابتكار، والتفوق. وفي دولة قطر، بدأت العديد من المدارس في تطبيق نماذج حديثة للصفوف التفاعلية، التي تدمج بين التعليم العاطفي والتعليم الأكاديمي، وتمنح الطالب فرصًا ليُعبّر عن ذاته، ويشعر بقيمته داخل الصف، دون خوف من التنمر أو التمييز أو العقاب القاسي. وإن هذا التوجه يعزز ثقة الطالب بنفسه، ويُنمّي لديه مهارات القيادة والتعاطف والتعاون، وهي مهارات لا تقل أهمية عن أي معادلة رياضية. ولذلك حين يتحول الصف إلى حضنٍ آمن، يتحول التعليم إلى حياة. وتلك هي المهمة الأسمى لكل مؤسسة تربوية: أن تُخرج إلى المجتمع جيلًا متعلّمًا، لكنه أيضًا سويٌ عاطفيًا، واثق من نفسه، مؤمن بأهميته، وقادر على بناء مستقبل وطنه بإرادة وشغف. فليس كل تعليم يصنع إنسانًا، ولكن كل تربية صحيحة تقود إلى تعليم ناجح. والمدرسة التي تُعلّم طلابها كيف يحبون أنفسهم ويحترمون الآخر، تضع أساسًا لا يُمحى لمجتمع أكثر وعيًا وسلامًا. ومن هذا المنطلق، فإن دعم الدولة في قطر لهذه الرؤية، من خلال برامج الصحة النفسية، ومبادرات الدعم التربوي، وتدريب المعلمين، هو تأكيد على أن التربية لا تسبق التعليم فقط، بل ترفعه وتُباركه وتجعل ثماره أكثر نضجًا وإنسانية.

234

| 16 مايو 2025

المدرسة بيتُنا الثاني.. كيف نبني بيئة تعليمية آمنة

في كل مرة نُطلق على المدرسة وصف «البيت الثاني»، نتعامل مع هذا التعبير كما لو كان شعارًا مألوفًا لا يستوقف التأمل. ولكن الواقع يؤكد أن هذا المفهوم، إذا طُبّق بعمق، يمكن أن يكون مفتاحًا لصياغة بيئة تعليمية متكاملة، تحتضن الطالب نفسيًا ومعرفيًا، وتصنع منه إنسانًا منتميًا، واثقًا، مبدعًا. وفي دولة قطر، حيث يُمثّل التعليم حجر الزاوية في رؤية 2030، تزداد الحاجة إلى أن تتجلى هذه الرؤية في تفاصيل الحياة اليومية داخل المدرسة، بكل مكوناتها: الإدارة، والمعلمين، والمرافق، والأنشطة، والقيم. - الإدارة والمعلم أساس الثقة والانتماء تبدأ البيئة المدرسية من القائد التربوي. فالإدارة المدرسية الواعية هي التي ترى في كل معلم شريكًا، وفي كل طالب مشروع إنسان، وليس مجرد رقم في سجل الحضور. والإدارة الناجحة تبني مناخًا من الثقة والتشاور، وتستمع بصدق لنبض المدرسة، وتعمل على تهيئة مناخ نفسي إيجابي يتجاوز حدود الجدران. وأما المعلم، فهو حجر الأساس في هذه المنظومة؛ لأنه من خلال شخصيته، وطريقة تواصله، ونظرته للطلاب، يستطيع أن يحوّل الصف من بيئة جامدة إلى حاضنة تربوية حيّة. المعلم الذي يحترم طلابه، يثق بهم، ويحتويهم في لحظات ضعفهم قبل قوتهم، يصنع في وجدانهم علاقة وجدانية تربطهم بالمدرسة، وتجعلهم يأتون إليها بشغف لا بواجب. ولذا، فإن دعم المعلم وتمكينه وتدريبه المستمر في مجال المهارات النفسية والتربوية، ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لبناء بيئة تعليمية آمنة. - المرافق والأنشطة.. الجدران التي تتنفس المكان له لغة يتحدث بها. والمرافق المدرسية ليست مجرد أبنية أو فصول، بل هي عناصر نفسية وتربوية تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل تجربة الطالب. وفي حين تكون جدران المدرسة مبهجة، والساحات خضراء، والفصول مزودة بمساحات تفاعلية، فإن الطالب يشعر بالراحة والانتماء. المرافق الذكية والمصممة بطريقة إنسانية تسهم في تخفيف القلق، وتحفّز الإبداع، وتساعد على التفاعل الطبيعي بين الطالب والمكان. كما أن الأنشطة اللاصفية - من الرياضة إلى المسرح، ومن الفنون إلى الأندية العلمية - توفّر متنفسًا نفسيًا، وتمنح الطالب فرصة لاكتشاف ذاته خارج حدود المناهج. وعندما يشعر الطالب أنه يملك مساحة للتعبير والحضور، تتحول المدرسة فعلًا إلى بيتٍ ثانٍ. - القيم والمشاركة.. صناعة الإنسان قبل المواطن لا يكتمل بناء المدرسة الآمنة دون أن تكون القيم الإنسانية والوطنية جزءًا من نسيجها اليومي. القيم ليست موضوعًا في حصة التربية فقط، بل يجب أن تكون حاضرة في سلوك الإدارة، وفي طريقة تعامل المعلمين، وفي آليات حل المشكلات بين الطلاب. والاحترام، والتسامح، والعمل الجماعي، والانتماء، كلها مفاهيم تُكتسب عبر التجربة والمعايشة لا التلقين. وإشراك الطلاب في صنع القرارات المدرسية، عبر المجالس الطلابية أو لجان الحوار، يُعزز من شعورهم بأنهم فاعلون، وأن المدرسة ملك لهم، لا عليهم. هذا الإحساس بالملكية، والقدرة على التأثير، هو ما يربط الطالب بالمدرسة بوصفها امتدادًا لبيته الأول. إن بناء بيئة مدرسية آمنة ومحفّزة في دولة قطر، يتطلب مقاربة شاملة، تؤمن أن المدرسة ليست مركز تحصيل دراسي فحسب، بل مركزًا لصناعة الإنسان، وتكوين الشخصية. وعندما ننجح في جعل الطالب يقول من قلبه: «أحب مدرستي كما أحب بيتي»، نكون قد أنجزنا نصف طريق النهضة.

348

| 02 مايو 2025

ولي الأمر.. صانع المستقبل الأول

«كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، بهذا المنهج التربوي والقيادي المسؤول، لخص النبي الكريم ﷺ جوهر المسؤولية الأسرية، موضحًا أن كل فرد في المجتمع يحمل أمانة يجب أن يؤديها على أكمل وجه. ومن بين أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الأهل، تأتي رعاية الأبناء وتوجيههم ليكونوا أفرادًا صالحين في المجتمع. فالأسرة ليست مجرد مكان للنوم والطعام، بل هي المؤسسة الأولى التي تبني شخصية الطفل، وتزرع فيه القيم والمبادئ، وتؤهله لمواجهة تحديات الحياة الأكاديمية والمجتمعية. غير أن الواقع في العديد من المدارس يكشف عن غياب واضح لدور أولياء الأمور، حيث يقتصر تفاعل بعضهم على تسجيل أبنائهم في المدرسة في بداية العام الدراسي، ثم ينشغلون عنهم بمشاغل الحياة اليومية. هذا الإهمال لا يضر فقط بمستوى الطالب الأكاديمي، بل قد يمتد ليؤثر على استقراره النفسي وسلوكياته داخل المجتمع. وهنا تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في العلاقة بين البيت والمدرسة، وتعزيز دور الأهل كشركاء أساسيين في العملية التعليمية. الأسرة والمدرسة.. شراكة ضرورية لا يمكن للمدرسة وحدها أن تصنع طالبًا ناجحًا، كما لا تستطيع الأسرة بمفردها تحقيق ذلك دون تكامل الأدوار. التعليم لم يعد مجرد وسيلة للحصول على درجات جيدة، بل هو منظومة متكاملة تهدف إلى إعداد الطالب للحياة، وتنمية مهاراته الفكرية والاجتماعية. وفي هذا السياق، تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في تعزيز الانضباط السلوكي، ومتابعة التحصيل الدراسي، وغرس القيم الأخلاقية. فالتواصل المستمر بين البيت والمدرسة هو العمود الفقري لهذه الشراكة، وهو ما يؤكده عدد من التربويين الذين يلاحظون أن الطلاب الذين يحظون بمتابعة دائمة من أسرهم يكونون أكثر تفوقًا واستقرارًا مقارنة بغيرهم. ومع ذلك، لا تزال العديد من المدارس تعاني من ضعف حضور أولياء الأمور في الاجتماعات المدرسية، وانخفاض مستوى المتابعة اليومية لأداء الطلاب. وإن هذه الفجوة بين البيت والمدرسة تجعل المعلمين يواجهون صعوبة في التعامل مع المشكلات السلوكية والتعليمية، إذ يحتاج الطالب إلى دعم متكامل من الجهتين ليصل إلى أقصى إمكانياته. كيف يساهم ولي الأمر في دعم الطالب؟ يبدأ تأثير ولي الأمر في حياة الطالب منذ اللحظة الأولى التي يبدأ فيها رحلته التعليمية. وعندما يعود الطفل من يوم دراسي طويل، يحمل في حقيبته همومه الصغيرة، وتساؤلاته، وأحلامه التي تحتاج إلى من يستمع إليها. وهنا يأتي دور الأب أو الأم في فتح حوار دافئ، في سؤال بسيط مثل: «كيف كان يومك؟»، أو في جلوس صادق لمراجعة ما تعلمه، ليس فقط كواجب أكاديمي، بل كفرصة لتعزيز الثقة، وتنمية الفضول، وخلق بيئة مشجعة على الاستكشاف والتفكير. لا شيء يعوض اهتمام ولي الأمر بابنه. الحب، المتابعة، والتوجيه هي الركائز التي تبني جيلاً واعيًا ومسؤولًا، ولن يتحقق ذلك إلا إذا أدرك كل ولي أمر أن دوره لا ينتهي عند تسجيل ابنه في المدرسة، بل يبدأ من هناك ويستمر ليكون الداعم الأول له في مسيرته التعليمية والتربوية. وإن أطفال اليوم هم رجال الغد، ونجاحهم مرهون بمدى التزام أسرهم بمسؤوليتهم تجاههم. فليكن كل أبٍ وأمٍّ نموذجًا حيًّا للمسؤولية، حتى نرى جيلًا أكثر وعيًا، وانتماءً، ونجاحًا. المجتمع لا يمكن أن ينهض إلا بأبنائه، وأبناؤنا لا يمكن أن ينجحوا إلا إذا وجدوا في أسرهم الداعم الأول والمحفز الأكبر. فلا بد أن نبدأ بتحمل مسؤولياتنا.

918

| 21 مارس 2025

تحديات العربية في قطر بين اللغات الأجنبية واللهجات المحلية

اللغة العربية في دولة قَطر، كما في العديد من الدول العربية، تواجه تحديات متزايدة نتيجة المدّ اللغوي الأجنبي، وانتشار اللهجات المحلية على حساب الفصحى. وبينما تسعى القيادة الرشيدة للحفاظ على الهوية الوطنية اللغوية، تفرض العولمة واقعًا جديدًا يعزز هيمنة اللغات الأجنبية، لا سيما الإنجليزية، في التعليم والاقتصاد ووسائل الإعلام. ولطالما كانت اللغة العربية عنصرًا أساسيًا في تكوين الهوية الثقافية والوطنية، إلا أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها دولة قَطر خلال العقود الأخيرة فرضت واقعًا جديدًا أثر على استخدام الفصحى في الحياة اليومية، وعدا عن شيوع اللهجات العامية، فهناك انفتاح عصري كبير، إذ توسعت الأعمال التجارية، وزاد عدد الوافدين من مختلف الجنسيات، وبات الاعتماد على اللغات الأجنبية في مجالات متعددة، كلها عوامل جعلت العربية تواجه منافسة شرسة. ولكن التحدي لا يقتصر على اللغات الأجنبية فقط، بل إن انتشار اللهجات المحلية بين الأجيال الشابة، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، جعلا الفصحى في موضع خطر حقيقي. الإنجليزية ومزاحمة العربية أصبحت اللغة الإنجليزية لغة أساسية في دولة قطر، خصوصًا في مجالات التعليم والأعمال. فالجامعات الكبرى، مثل جامعة قطر، وجامعة حمد بن خليفة، والجامعات التابعة لمؤسسة قَطر، تعتمد الإنجليزية كلغة تدريس رئيسية في معظم التخصصات العلمية والتكنولوجية. وهذا الوضع يجعل الطلاب أكثر ارتياحًا لاستخدام الإنجليزية في التفكير والكتابة والمحادثات الرسمية، بينما تتراجع قدرتهم على التعبير بالفصحى. على سبيل المثال، في بيئة العمل، تفرض الشركات الكبرى والبنوك والمؤسسات الاستثمارية استخدام الإنجليزية كلغة رسمية، مما يدفع الموظفين إلى استخدامها حتى في حياتهم اليومية. وهذا التحول انعكس بشكل مباشر على الجيل الجديد، حيث أصبح العديد من الأطفال يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، بينما يجدون صعوبة في التعبير عن أفكارهم بالفصحى. ورغم إصدار قانون حماية اللغة العربية في 2019، الذي يلزم الجهات الحكومية والشركات باستخدام العربية في معاملاتها، فإن التطبيق لا يزال محدودًا، حيث تعتمد الشركات الكبرى على الإنجليزية باعتبارها اللغة العالمية للأعمال، مما يقلل من فرص تعزيز استخدام العربية في السوق القطري. اللهجات المحلية وتأثيرها على الفصحى إلى جانب تأثير اللغات الأجنبية، تشكل اللهجات المحلية تحديًا آخر أمام الفصحى. فاللهجة القَطرية، التي تتأثر بالموروث البدوي والعربي والخليجي، هي اللغة الأكثر تداولًا في الحياة اليومية، مما يجعل الأطفال يواجهون صعوبة في إتقان الفصحى عند دخولهم المدارس. ويبدو هذا التأثير واضحًا في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، حيث تعتمد العديد من القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية على اللهجات العامية لجذب الجمهور. فمثلًا، البرامج الحوارية والترفيهية في بعض القنوات الخليجية تستخدم مزيجًا من اللهجة المحلية والإنجليزية، مما يرسّخ هذا الأسلوب في أذهان الشباب. بالإضافة إلى ذلك، تنتشر الكتابة باللهجات المحلية على منصات مثل تويتر وإنستغرام وسناب شات، ما يجعل الفصحى تبدو لغة رسمية غير مألوفة لدى بعض الفئات العمرية. حتى في المدارس، يعاني الطلاب من ضعف في استخدام الفصحى في المحادثات اليومية، حيث يفضلون الحديث بالعامية أو الإنجليزية، وهو ما ينعكس على ضعف مهاراتهم اللغوية في التعبير الكتابي والشفهي. هذا الأمر دفع بعض المعلمين إلى إطلاق مبادرات لتشجيع الطلاب على استخدام الفصحى في الصفوف الدراسية، لكن هذه الجهود لا تزال فردية وتحتاج إلى دعم مؤسسي أوسع. محاولات التصدي والتعزيز رغم هذه التحديات، هناك جهود وطنية لتعزيز مكانة العربية، منها إدراجها كمادة أساسية في المناهج الدراسية، وتنظيم مسابقات أدبية وشعرية، وتشجيع الإعلام المحلي على تبنّي الفصحى في برامجه. ومن أبرز المبادرات، برنامج "الضاد" التابع لمؤسسة قطر، الذي يهدف إلى تعزيز حب اللغة العربية لدى الأطفال من خلال أنشطة تفاعلية، و"جائزة كتارا للرواية العربية"، التي تشجع الإنتاج الأدبي العربي وتروّج لاستخدام الفصحى في الكتابة الإبداعية. كما تسعى وزارة الثقافة والرياضة إلى دعم المؤلفين القطريين وتحفيزهم على كتابة محتوى عربي ثري يعزز استخدام الفصحى. ** اللغة العربية في قطر تعيش بين مطرقة اللغات الأجنبية وسندان اللهجات المحلية، في معركة للحفاظ على هويتها وسط التحديات المتسارعة. ورغم الجهود المبذولة، فإن مستقبل الفصحى مرهون بقدرة المجتمع على إيجاد توازن بين الانفتاح على العالم والتمسك بالجذور الثقافية. ولمواجهة هذه التحديات، من الممكن تعزيز استخدام العربية في التعليم، وتوسيع نطاق تدريس التخصصات العلمية والهندسية باللغة العربية إلى جانب الإنجليزية، وفرض تطبيق قانون حماية اللغة العربية، من خلال إلزام المؤسسات والشركات باستخدام العربية في تعاملاتها، وتشجيع الإعلام على استخدام الفصحى؛ عبر دعم البرامج التي تعزز حضور العربية الفصحى في القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية. وتعزيز الوعي المجتمعي، بإطلاق حملات توعوية تستهدف الأسر والطلاب لتعزيز الفصحى في الحياة اليومية. وإن حماية اللغة العربية ليست مسؤولية المؤسسات التعليمية فحسب، بل هي مسؤولية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود بين الأسرة والمدرسة والإعلام، والقطاع الحكومي والخاص، لضمان بقاء اللغة العربية لغة حية ومتجددة في جميع المجالات.

1302

| 10 فبراير 2025

من الكتاتيب إلى العالمية: تطور التعليم في دولة قطر

يمثل التعليم في دولة قطر الركيزة الأساسية التي قامت عليها نهضة الدولة الحديثة، وواحدًا من أهم محاور رؤية القيادة القطرية لبناء مجتمع مستدام يواكب المتغيرات العالمية. ومنذ بداياته المتواضعة وحتى تحوله إلى نموذج عالمي، يبقى التعليم القصة الأكثر إلهامًا في مسيرة التطور الوطني في دولة قطر. وعلى مدى العقود الماضية، انتقل التعليم القَطري من الكتاتيب في المساجد والدور الأهلية، التي شكّلت نواة التعليم المبكر، إلى منظومة حديثة تعتمد على مناهج متطورة وأطر تنظيمية مبتكرة. إذ كانت البداية بسيطة، حيث تركز التعليم على تلقين القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية، في وقت كان المجتمع القطري يعتمد على البحر والصيد كمصادر رزق رئيسية. ولكن مع اكتشاف النفط في منتصف القرن العشرين، حدثت نقلة نوعية، حيث بدأت الدولة بالاستثمار المكثف في إنشاء المدارس ومراكز الثقافة، وتطوير المناهج. ومع ازدهار الاقتصاد، تحولت دولة قّطر إلى نموذج فريد يجمع بين جودة التعليم والتركيز على تنمية الإنسان، إدراكًا بأن العقول هي الثروة الحقيقية. وقد جاءت رؤية قطر الوطنية 2030 لتؤكد أهمية التعليم كأداة لتحقيق التنمية الشاملة، حيث عززت الدولة سياسات تعليمية تستهدف بناء جيل مثقف قادر على مواجهة التحديات العالمية. وشهد التعليم تطورًا لافتًا مع تأسيس جامعة قطر التي أصبحت منارة علمية وأكاديمية تسهم في تأهيل الكوادر الوطنية. وإلى جانب ذلك، نجحت الدولة في استقطاب جامعات عالمية كبرى، مثل جامعة جورجتاون وكارنيجي ميلون وتكساس، عبر مؤسسة قّطر، مما جعل المدينة التعليمية مركزًا عالميًا للابتكار. ولم يقتصر التعليم في دولة قَطر على الجوانب الأكاديمية، بل أولت القيادة الحكيمة اهتمامًا كبيرًا بالتعليم المهني والتقني لتلبية احتياجات سوق العمل. ومن خلال برامج تدريبية وشراكات مع مؤسسات دولية، أصبح الشباب القطري مؤهلًا لدخول مجالات العمل المتقدمة، مما أسهم في تعزيز ريادة قطر في الاقتصاد القائم على المعرفة. إضافة إلى ذلك، مثّلت التكنولوجيا رافدًا أساسيًا لتطوير التعليم. خلال جائحة كورونا، أظهرت قطر مرونة استثنائية في الانتقال إلى التعليم عن بُعد، مما ضمن استمرارية العملية التعليمية بكفاءة. كما تم إطلاق مبادرات لتعزيز التعليم الرقمي، مثل توزيع الأجهزة الذكية للطلاب وتطوير منصات تعليمية متقدمة. ورغم انفتاح قطر على التعليم العالمي، لم تغفل الدولة عن تعزيز الهوية الوطنية والقيم الثقافية. فقد تم إدراج مواد التربية الوطنية والتاريخ القطري ضمن المناهج الدراسية، تأكيدًا على ضرورة التوازن بين الانفتاح والاعتزاز بالهوية. كما أسهمت المناهج القطرية في تعزيز روح المواطنة لدى الأجيال الناشئة من خلال التركيز على القيم الإسلامية والتراث العربي. ** إن قصة التعليم في قَطر تعكس رؤية استشرافية تجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل. فهي ليست مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل مشروع وطني شامل يسهم في بناء أمة مستدامة. وبينما تمضي قطر قدمًا في تحقيق أهدافها الطموحة، يظل التعليم هو المحرك الرئيسي الذي يضمن استمرار النجاح والابتكار. فالتعليم في دولة قطر ليس مجرد نموذج محلي، بل رسالة عالمية تؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو أساس بناء المجتمعات الناجحة. وبين إرث الماضي وزخم الحاضر وآفاق المستقبل، تبقى دولة قَطر منارة تعليمية مضيئة في المنطقة العربية والعالم بأسره.

2814

| 24 يناير 2025

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

13368

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

7170

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الطوفان يحطم الأحلام

العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...

3657

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

2895

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الوأد المهني

على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...

1899

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

1869

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
كلمة من القلب.. تزرع الأمل في زمن الاضطراب

تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...

1467

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1113

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
رسائل استضافة قطر للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية

شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...

963

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
من مشروع عقاري إلى رؤية عربية

يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...

930

| 12 نوفمبر 2025

alsharq
عمدة نيويورك

ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...

885

| 06 نوفمبر 2025

alsharq
الذكاء الاصطناعي وحماية المال العام

يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...

861

| 10 نوفمبر 2025

أخبار محلية