رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبدالعزيز الحمادي

كاتب وصحفي

مساحة إعلانية

مقالات

756

عبدالعزيز الحمادي

إعداد الموظفين يحتاج إلى تقييم

16 فبراير 2025 , 02:00ص

أصبح تدريب الموظفين وإعدادهم للقيام بالمهام الوظيفية الملقاة على عاتقهم من الأولويات لدى جميع الجهات التي تسعى الى الارتقاء بما تقدمه من خدمات وأعمال مختلفة تسهم في رقي وتقدم الخدمات والاداء العام لمختلف القطاعات على حد سواء، وهذا أمر جيد لأن التدريب والدورات التدريبية يساهمان في رفع كفاءة الموظفين وإعطائهم معلومات وطرقا حديثة لم يكونوا يعرفونها من قبل، لكن الملاحظ أن كثيرا من البرامج التدريبية التي تقدمها بعض الجهات ليست بالمستوى المطلوب من حيث النوعية والتخصص، حيث يتم إخضاع الموظفين من مختلف التخصصات لدورات عامة قد تنفع البعض لكنها لا تقدم أي شيء يعود بالفائدة على البعض الآخر، لذلك فإنه -على سبيل المثل- يجب التفريق بين أنواع الادارات التي يعمل فيها المنتسبون لهذه الدورات، فالشؤون الادارية تختلف عن الشؤون القانونية وغيرها من الادارات الفنية والتقنية والادارات التخصصية البحتة، فمثلا هناك جهات مهنية تتطلب العمل الميداني والممارسة الفعلية حتى يتم اكتساب الخبرات ومهما أعطي الموظف من دورات تدريبية فإنها لا تغير من الواقع شيئا، وسيظل الموظف مهما حصل على دورات تدريبية غير قادر على أداء المهام بالشكل المطلوب طالما لا يزال يسير في برامج في غالبها تعد برامج نظرية لا تلامس الواقع المهني والوظيفي للموظف الا من خلال نصائح عامة لا يمكن الاستفادة منها أحيانا على أرض الواقع الذي يختلف تماما عن النظريات والتصورات الذهنية غير الواقعية في أحيان كثيرة، وهنا نرى أن بعض القائمين على بعض الادارات لا يعلمون كثيرا في تفاصيل العمل التخصصي الذي يديرونه وهذا يؤدي الى الكثير من الاشكالات التي تعد أساس كل الاخفاقات وتراجع الاداء في بعض الادارات والجهات المختلفة.

لذلك فالأعمال خاصة التخصصية منها تحتاج الى تدريب عملي ميداني كاف قبل الالتحاق بالوظيفة ويمكن أن يخضع الموظف لهذا التدريب في جهة عمله من خلال الاحتكاك بأصحاب الخبرات في إدارته حتى يصبح قادرا على أداء المهام بكل اقتدار، وهذه الطريقة هي الافضل والاقدر على توصيل المعلومات والخبرات للموظفين الجدد على الاطلاق، حيث تنتقل الخبرات من خلال الممارسات اليومية والتواصل المباشر مع الموظفين القدامى وأصحاب الخبرات ومعرفة كل أسرار العمل المهنية وتفرعاتها والوقوف على تجارب وممارسات لا يمكن الوصول اليها عبر الدورات مهما كانت تخصصية لأن مثل هذه الدورات تعطي روؤس أقلام ومفاتيح فقط يمكن الاسترشاد بها لكنها لا تعطي أجوبة عن كل الأسئلة ولذلك يبقى الاتصال بالخبرات في مواقع العمل هي المصدر الاساسي لمنح الخبرات واكتساب المهارات المهنية لكل موظف يبحث عن الإتقان في العمل الذي يؤديه، ثم بعد ذلك لا إشكال في أن يتدرج الموظف في السلم الوظيفي حسب إمكانياته ولا شك أن الموظف في مثل هذه الحالة سوف يكون منتجا وكلما تقدم في عمله زادت خبرته وأصبح مؤهلا للمزيد من المهام الوظيفية في المستقبل وحين يصل الى قيادة الادارة أو الجهة التي يعمل فيها فإنه سيكون مؤثرا ومنتجا بشكل كبير لأنه عرف كيف تسير الأمور بكل تفاصيلها وسيعلم كيف يتعامل مع مختلف التغيرات التي تواجهه وكذلك سيكون مصدر إلهام وتشجيع للطاقم الذي يعمل معه، لكن بالمقابل حين يأتي قائد الى أي إدارة عبر «البراشوت» كما يقال فإن النتائج غالبا تكون عكسية، وهذا مشاهد على أرض الواقع، فالمدير الذي يعين دون خبرات كافية يصبح المقياس لديه في الادارة مختلا ولا يراعي الاولويات الوظيفية التي تفيد العمل بل تصبح أولويات هذه العينة بعيدة كل البعد عن المهنية والمصلحة العامة وتدخل الادارة التي يديرها مدير دون خبرات كافية في متاهات لها أول وليس لها آخر، وكل ذلك لأنه لم يخضع للتجارب العملية الكافية التي تؤهله للقيادة وتمنحه أفقا واسعا ليكون قادرا على اتخاذ القرارات المناسبة بما يتوافق ومصلحة الادارة أو الجهة التي يديرها، وبالتالي فإن العمل على تعزيز العمل الميداني للموظفين من خلال الممارسات اليومية الفعلية في أماكن العمل وتبادل الخبرات مع الموظفين والمختصين من أصحاب الخبرات هو الاسلوب الافضل للارتقاء المهني للموظفين خاصة الجدد منهم وممن ليس لديهم خبرات مهنية كافية بغض النظر عن سنوات العمل الطويلة للبعض، حيث تبين ان طول السنوات في العمل ليست معيارا صحيحا لقياس الخبرة لأن بعض الموظفين يمارسون أعمالهم بطرق تقليدية على مدار سنوات ولا يقومون بتطوير أدائهم رغم خضوعهم لدورات تدريبية تكون مطلوبة لحصولهم على الترقيات، وهو ما يرجعنا الى نقطة الانطلاق لكل تطور وظيفي وهو اكتساب الخبرات من أصحاب الخبرات في العمل والبناء عليها والتركيز عليها حتى تعم الفائدة على جميع الموظفين ويصبحوا قادرين على أداء مهامهم بكل مهنية واقتدار وبما يعود بالنفع عليهم وعلى الجهات التي يعملون فيها وعلى العمل المؤسسي السليم والصالح العام في آن واحد.

 

مساحة إعلانية