رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خالد الحروب

خالد الحروب

مساحة إعلانية

مقالات

727

خالد الحروب

لماذا يقف العرب ضد انفصال إسكتلندا عن بريطانيا؟

15 سبتمبر 2014 , 02:09ص

سألت أصدقاء وزملاء وطلبة في الجامعات أيضاً وفي أكثر من بلد عربي خلال الأشهر الماضية عن رأيهم في مسألة انفصال أسكتلندا عن بريطانيا. وهي التي سيحسمها الاستفتاء التاريخي يوم الخميس 18 سبتمبر القادم. المثير واللافت للانتباه أن الغالبية الكاسحة لمن سألتهم حتى هذه اللحظة يؤيدون بقاء أسكتلندا مع المملكة المتحدة. وعندما استفسر عن الأسباب التي تبرر هذا التأييد لا تُطرح حجج تفصيلية أو تشي بأن صاحب الرأي على اطلاع ولو معقول بالجوانب المختلفة سواء للرأي الداعم للانفصال أم المؤيد له. لا أزعم هنا بأن سؤالي العابر هنا وهناك كان مسحاً علميا ولا حتى قريبا من ذلك. ولم استطع تفسير ذلك إلا بتأكيد الانطباع الذي اعتقده وهو وجود مزاج عربي واسع وعميق ضد فكرة الانفصال ومُنحاز لفكرة الوحدة بشكل شبه غريزي. وهو الأمر الجدير بالتأمل. فرغم الانهيارات المتتالية للمشروع القومي العربي على المستوى السياسي والإحباطات التي تعرض له. والاستغلال الأديولوجي للشعارات القومية من قبل أنظمة دكتاتورية شوهته. إلا أن فكرة الوحدة العربية. وفكرة الانتماء إلى فضاء ثقافي واحد لا تزال متجذرة في الوجدان العربي. لن يُعجب هذا الكلام كثيرون نعوا الفكرة العربية وأعلنوا موتها مراراً. لكنها في ضوء التذري والتفسخ الطائفي والديني والإثني والسياسي الذي تواجهه المنطقة تثبت بأنها الفكرة الأكثر صلابة وديمومة. صحيح أن الايديولوجيا القومية عانت من أمراض عديدة. كالتوحيد القسري. وغياب الديمقراطية. وإقصاء الأقليات. لكن ذلك لم يؤثر في جوهر التأييد العميق للفكرة. وصحيح أن ليس ثمة تصور مطروح لترجمتها سياسيا وعملياتياً على الأرض في الوقت الحاضر. لكن ذلك يؤدي إلى شطبها من جدول الخيارات المستقبلية بدليل تمظهراتها القوية في فضاءات الثقافة والإعلام والتواصل واللغة.

في تلك الحوارات العابرة مع زملاء وأصدقاء وطلبة حول المسألة الأسكتلندية كنت أورد حجج مؤيدي الانفصال سواء تلك الاقتصادية أو الهوياتية وذات العلاقة بالشعور الوطني الأسكتلندي المتأصل ضد الملكية. وضد سيطرة إنجلترا التاريخية وبطشها بمن جاورها. كما كنت أسحب الحجج إلى مساحة أخرى حيث موقف "بريطانيا العظمى" السلبي والمدمر في أحيان كثيرة إزاء القضايا العربية. وأن انسلاخ أسكتلندا عن التاج البريطاني يحررها سياسيا من المواقف البريطانية. وذلك في الغالب الأعم سيخدم القضايا العربية. فالمزاج الأسكتلندي قريب من الأيرلندي في تأييده لقضية فلسطين وفي نزعته المعادية للسياسة الأميركية التوسعية هنا وهناك. وأن تقلص بريطانيا جغرافيا وديموغرافيا سوف يؤدي إلى تقلص دورها ونفوذها العالمي الذي كان في الغالب الأعم على الضد من المصلحة العربية. ومع ذلك بالكاد كانت هذه الحجج تؤثر في الموقف الأعرض وهو غير المؤيد للانفصال. والمائل بوضوح لفكرة الوحدة.

ثمة تقديرات ربما تكون غير دقيقة بوجود حوالي 700 الف عربي يعيشون في أسكتلندا ويحملون الجنسية البريطانية ويحق لهم التصويت يوم الخميس القادم. والبعض يرى أن هذا العدد كفيل بأن يرجح كفة النتيجة إن مالت أغلبيته الكاسحة إلى رأي معين وصوتت باتجاه الانفصال أو استمرار الوحدة. ربما كان في هذه التقديرات بعض المبالغات لكن سيكون من المثير فعلا. بحثيا ومعرفياً. استكناه رأي "عرب أسكتلندا" في مسألة الانفصال ومعرفة لمن صوتت أكثريتهم. ولماذا. وفي الوقت نفسه سيكون من المُعلم والمفيد لو اجريت بعض الاستطلاعات المسحية العلمية لاستكشاف المزاج العربي حول فكرة هذا الانفصال. بل وربما توسيع ذلك إلى قضايا "انفصالية" وخلافية أخرى مثل مطالبات إقليم الباسك وانفصاليو كرواتيا.

الانطباع الأولي والتخميني. لدى كاتب هذه السطور على الأقل. أن نتائج مثل تلك المسوحات في ما لو أجريت ستؤثر إلى تفضيل واضح لفكرة الوحدة. حتى من دون الانخراط في التفاصيل وفي الأسباب التي تجعل كثيرين من سكان تلك المناطق يطالبون بالاستقلال والانفصال. وهذا يحيلنا مرة أخرى على معاودة فتح ملف فكرة الوحدة العربية التي رغم طوباويتها السياسية وعدم طرحها كبرنامج سياسي من قبل أي دولة أو حزب ذي جماهيرية حقيقية. إلا أنها ما تزال تعيش في الوجدان العربي العميق. وهي تعيش أيضاً ويؤيدها بقوة. وبما يلفت الانتباه أكثر. بعض الشرائح الشبابية العربية التي ولدت في المهجر والتي لا تتقن في مجملها اللغة العربية أصلا. وهذا يفتح باب نقاش آخر حول "الهوية العربية" وتعريفها. ويذكر بنقاش معمق اداره عبد الإله بلقزيز في كتابه عن "نقد الخطاب القومي". وفيه يرفض بلقزيز، وعلى خلاف مع كثير من المقاربات القومية الكلاسيكية، أيَّ تعريف يجذر الهوية بأطر جوهرانية وثقافوية تاريخية، تركز مثلاً على العرق، أو اللغة، أو الدين، أو التاريخ، فـ «عرب اليوم» يتجاوزون تلك التعريفات الحصرية والمقيدة، فأين يقع -مثلاً- أبناء العرب في المهاجر ممن لا يتكلمون العربية؟ وأين يقع غير العرب من المواطنين الذين ربما لا يتقنون العربية ولا ينتمون عرقياً لأي جنس «عربي»؟ وأين تقع الهوية الدينية في كل هذا اللبس؟ وأين يقع المسيحيون العرب إذا ما أدمجنا الإسلام في تعريف الهوية العربية؟ الجواب الحاسم عند بلقزيز هو أن الهوية الحديثة تتعرف فقط ضمن إطار سياسي ومواطني: الدولة الوطنية الديمقراطية هي مناط تعريف الهوية، وهذه الهوية تصبح ماهيتها سياسية قانونية في المقام الأول، وتتراجع أي مكونات ثقافوية أو تاريخية لتأخذ المقعد الخلفي. ومن هنا أيضاً، فإن أطروحات التجانس الثقافي المفتعلة والقسرية لا تخلق هوية بل تعمق أزمات، إذ تريد قولبة المختلف في إطار ثقافوي توحيدي فوقي مفترض. ويأتي الالتباس الكبير في تعريف الهوية القومية وحتى هوية الفرد في الفكر القومي من خلل أكبر وأهم، وهو احتقار فكرة «الدولة» أمام فكرة «الأمة»، فالأمة هي الأصل والدولة هي نتوء قد يبرز في هذه الحقبة أو تلك، ومن هنا، فإن تعريف الهوية بقي قلقاً من ناحية وثقافوياً من ناحية أخرى، لكنه في الحالتين اغترب عن حاضر عرب اليوم وعن دولهم القائمة، لأنه لم ينبع من هوية قانونية وسياسية تنطلق من تكريس مفهوم الدولة وإطارها. وعندما نعيد تدوير هذا النقاش النظري في ضوء مثال وحالة عملية وواقعية تقوم حول تأييد حالة وحدة معنية لا علاقة للعرب بها على حالة الانفصال. فإن ذلك يدلل على أن الفكرة والنقاش حولها لم يموتا بل ما زالا على قيد حياة متحدية.

اقرأ المزيد

alsharq هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد

153

| 13 أكتوبر 2025

alsharq مـــن يتحمــــــل مثــــل أهــــل غـــــزة؟

عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد

141

| 13 أكتوبر 2025

alsharq تفاصيل صغيرة

ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد

90

| 13 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية