رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد العزيز عبدالهادي حسن الأحبابي

مساحة إعلانية

مقالات

279

عبد العزيز عبدالهادي حسن الأحبابي

الإصلاح الحضاري عند الداعية الغزالي.. قراءة في منهجه وفكره

15 أغسطس 2025 , 02:50ص

يعد الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – واحدًا من أبرز الدعاة والمفكرين في القرن العشرين، ممن جمعوا بين عمق الفهم الشرعي، وسعة الاطلاع على واقع الأمة، وجرأة النقد البناء. لم يكن الغزالي داعية تقليدياً يكتفي بالوعظ والإرشاد، بل كان مشروعه قائماً على ما يمكن تسميته بـ «الإصلاح الحضاري»، الذي يستهدف الإنسان المسلم في فكره وسلوكه، والمجتمع المسلم في قيمه ومؤسساته، مستلهمًا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد:11).

الرؤية الإصلاحية

انطلق الغزالي من إيمان راسخ بأن الإسلام دين حضارة ورسالة نهضة، وأن تخلف المسلمين ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة انحراف عن المنهج الرباني، لذلك ركز في كتاباته على إعادة الأمة إلى روح الإسلام الأولى، حيث تتكامل العبادة مع العمل، والعقيدة مع السلوك، والروح مع العمران. وكان يردد حديث النبي ﷺ:» إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ليؤكد أن النهضة تبدأ من الأخلاق والقيم قبل الشعارات والمظاهر. 

أدوات الإصلاح

جمع الغزالي بين التربية الإيمانية التي تزكي النفوس، والوعي الفكري الذي يحصن العقول، والنقد الاجتماعي الذي يكشف الخلل، ففي كتابه «جدد حياتك» دعا إلى التحرر من الكسل والركون إلى الماضي، مستشهداً بسيرة النبي ﷺ في غزوة بدر حين جمع بين الإيمان العميق والتخطيط الدقيق. وفي مواجهة الغزو الثقافي الغربي، استدل بحديث:» لتتبعن سنن من كان قبلكم...» للتحذير من التقليد الأعمى، مع التأكيد على أن الأخذ من الحضارة الحديثة يجب أن يكون بميزان الشريعة.

الوسطية والاعتدال

امتاز الغزالي بالوسطية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، فكان يدعو إلى الاستفادة من الحضارة الحديثة بما لا يتعارض مع الشريعة، ورفض التقليد الأعمى سواء للغرب أو للتراث غير المنقح. وكان يقول:» إننا لا نريد إسلامًا غربياً ولا شرقيًا، بل نريد الإسلام كما جاء به محمد ﷺ». وضرب المثل بالخلفاء الراشدين الذين استفادوا من خبرات الأمم مع الحفاظ على نقاء العقيدة.

الإصلاح الفردي والمجتمعي

آمن الغزالي أن الإصلاح الحضاري يبدأ من إصلاح الفرد، مستشهداً بحديث النبي ﷺ:» ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله...»، لكنه حذر من الاقتصار عليه دون إصلاح الأنظمة والمؤسسات، مؤكدًا أن العدالة وحسن الإدارة ومحاربة الفساد ركائز النهضة. وأشار إلى أن حضارة الأندلس بلغت ذروتها حين اجتمع صفاء العقيدة مع قوة الإدارة، وتراجعت حين فقد هذا التوازن. 

إرث فكري باقٍ

ترك الشيخ الغزالي إرثًا فكريًا غنيًا في عشرات المؤلفات مثل «فقه السيرة» و»معالم الحق»، وما زالت تلهم الدعاة والمفكرين. إن قراءة فكره تكشف أن الإصلاح الحضاري ليس شعارات ترفع، بل رؤية متكاملة تبدأ من بناء الإنسان وتستمر في بناء الأمة، حتى تستعيد دورها الريادي. ومن هنا، فإن منهجه يمثل دعوة لكل من يحمل هم النهضة أن يسير على خطاه: فكرًا ناضجًا، وقلبًا حيًا، وهمة لا تلين. رحم الله الشيخ محمد الغزالي رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأخلف للأمة فيه خيرًا وجعل فكره وعمله صدقة جارية في ميزان حسناته.

اقرأ المزيد

alsharq الاجتباء الحصيف

لبعض الاختيارات ثمنُها الباهظ الذي يجب أن يُدفَع، وتكلفتُها الغالية التي لا بدّ أن تُسدّد، إذ لا يمضي... اقرأ المزيد

243

| 14 أكتوبر 2025

alsharq بعد خمسين سنة

انتهيت من مشاهدة الحلقة الأخيرة من المسلسل الأمريكي Six Feet Under، وقصته تدور حول عائلة تملك دار جنائز،... اقرأ المزيد

228

| 14 أكتوبر 2025

alsharq العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في العناية بالمساجد وصيانتها وتوفير سبل... اقرأ المزيد

561

| 14 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية