رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد العزيز آل محمود

عبد العزيز آل محمود

مساحة إعلانية

مقالات

7542

عبد العزيز آل محمود

حتى لا يكفروا بدين الملك

15 أغسطس 2013 , 12:00ص

مازال صوت الداعية المصري الذي خرج من سجون عبد الناصر يرن في أذني، فقد تحدث عن التحول الفكري لدى بعض الشباب المتدين، كان يحلل ذلك التحول العنيف غير المسيطر عليه الذي يتشكل تحت سياط الجلادين وآلات تعذيبهم، فهؤلاء الجلادين الذين ينفذون تعليمات أسيادهم صنعوا من بعض الشباب آلات انتقام عنيفة ردت الكيل بمكيالين وأعلنت عن تشكيلات تحت مسميات عدة كلها تحمل اسم الجهاد كواجهة لعملياتها وتنظيماتها.

يقول الداعية، لقد وجدنا صعوبة ونحن في السجن في إقناع هؤلاء الشباب بعدم تكفير المجتمع، وكان النقاش دائما ما يدور حول أن من يعذبنا بهذه الطريقة البشعة لا يمكن أن يكونوا مسلما، وان من يأمره لا يمكن أن يكون مسلما أيضا، فالمسلم لا يفعل بأخيه هكذا، ويستطرد، وقد كنا نحن الأكبر سنا نحاول جهدنا أن نمحي هذه الفكرة من رؤوسهم ولكن من دون نتيجة، ففي المعتقلات دائما ما تتغلب الفكرة المتطرفة على غيرها، فبدأت الشعارات والأناشيد بالظهور من مثل..

هل بات يجدي أن يقال لك اسلمي

إن صح ذلك فاسلمي ثم اسلمي

يا مصر إن الله جل جلاله لا يستجيب إلى دعاء النوم

فاليوم السنة المدافع وحدها مقبولة الدعوات طاهرة الفم.

 وشكل هؤلاء الشباب خلايا تنظيم الجهاد التي كانت تنتظر الخروج من سجنها لتنفذ عملياتها الانتقامية، وقد حدث.

كان من الصعوبة خلال الثمانيات والتسعينات من القرن الماضي اختراق مثل هذه التنظيمات الجهادية أو الحصول على معلومات عنها فلم يكن أمامها سوى خياران إما أن تقتل أو تقتل ولم يكن يهمها الوصول إلى منابر إعلامية لشرح وجهة نظرها، فهي بالتأكيد لن تحصل عليها حتى وإن حاولت.

وفي عام 1999 بدأت الجماعة في مراجعة فكرها الجهادي وحاولت الحكومة المصرية استثمار هذه المراجعات لصالحها وسوقت أسلوب التعامل مع الجماعات الإسلامية على انه اختراع مصري للبيع لبقية الدول المصابة بمرض التطرف، ولكن الأمر كان أسهل من ذلك بكثير ولم يكن يحتاج لكل هذه الضجة، ففكرة التصادم مع المجتمع لم تكن لتعيش فترة طويلة بأي حال.

انتظر الجميع حدوث تغيير ما، حتى جاء الربيع العربي وأحيا الآمال من جديد وشعر الناس أن فكرة التظاهر السلمي قد تحقق ما لم يحققه السلاح، فقد تكون أفواه المدافع ليست بالطهارة التي كان البعض يظنها.

جاء الدكتور مرسي إلى الكرسي بالصندوق، وأصبح يؤم المصلين في قصر الحكم، ويخطب في الناس مستشهدا بالآيات من القرآن، ودخل قلوبهم بلهجته الريفية القريبة من قلوب المصريين، فلم يكن يأنف من الاختلاط بفقراء الناس وضعفائهم، وكانت كلماته متناغمة مع نظرته الأبوية الصادقة، فهاهو قيادي في جماعة الإخوان يحكم مصر بعد أن كان في السجن منذ عدة أشهر فقط، وبدأت فكرة الإخوان في سلمية التغيير التي كانوا يسوقونها للجماعات الجهادية بالرواج، ودخل الناس في دين الملك، ولم يكن الملك هذه المرة سوى مرسي الذي آمن بسلمية التغيير، واقتنعوا بصندوق الانتخابات كوسيلة للوصول إلى السلطة دون غيره، ولكن من ابوا الدخول في دين الملك لم تكن الجماعات الجهادية هذه المرة، بل كانوا عصبة لا ترى في أن يكون الملك مسلما مسالما إخوانيا، فبدأت المؤامرات وقام الإعلام الممول جيدا بمهمته، اقتلوه، بل القوه في غياهب الجب يخل لكم وجه الشعب المصري، ووزعت الأدوار ووضعت العوائق في دولاب الدولة ثم حدث الانقلاب الذي جاء بالسيسي وحاشيته، فنظر الشباب إلى جنود فرعون فوجدوهم من أركان النظام السابق، فبدأوا يفكرون في العودة إلى أفكارهم التي انتعشت في معتقلات العهد الناصري، فلم يفي دين الملك بالغرض وليس هو الوسيلة الوحيدة للوصول للحكم، فجنود فرعون يرعبهم الصندوق ولن يقبلوا بنتائجه أيا كانت، وكأن لسان حالهم مع الصندوق يا بني لاتقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا.

والآن، هل إلى مرد من سبيل؟ أم أن الأمور ستخرج عن السيطرة وتجد حكومة الانقلابيين نفسها في صراع مع جماعات الجهاد اليائسة من كل إصلاح سلمي؟

حين تصل الأمور إلى مرحلة الدم، فسيصعب السيطرة عليها، ولن تكون حينئذ الأزمة مصرية بامتياز بل ستكون عربية هذه المرة، وستضطر الحكومات إلى التعامل مع تنظيمات كفرت بدين الملك وصندوقه.

مساحة إعلانية