رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في حوار الوليد بن يزيد بن معاوية والحسين بن علي بن أبي طالب، طلب الوليد من الحسين أن يبايع أباه يزيد للخلافة، فقال له: نحن لا نطلب إلا كلمة فلتقل: "بايعت " واذهب بسلام لجموع الفقراء، فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقناً للدماء فلتقلها.. آه ما أيسرها.. إن هي إلا كلمة، رد عليه الحسين: (منتفضا) كبرت كلمة! وهل البيعة إلا كلمة ؟ ما دين المرء سوى كلمة ما شرف الرجل سوى كلمة ما شرف الله سوى كلمة، فرد عليه ابن مروان الذي كان حاضرا اللقاء: (بغلظة) فقل الكلمة واذهب عنا، فجاء رد الحسين: أتعرف ما معنى الكلمة...؟ مفتاح الجنة في كلمة دخول النار على كلمة وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زاد مذخور، الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى، الكلمة فرقان بين نبي وبغى، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين فساروا يهدون العالم، ! الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسؤولية، إن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، شرف الله هو الكلمة وختم الحسين قائلاً: لا رد لدي لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة.
الكلمة مسؤولية وأمانة
واجبٌ علينا أن نجاهدَ في الكلمَة وأن نجعلها أحَدّْ من نِصال السيوف، أن تكون في خدمة صوت الحق الصادح من صنعاء إلى غَزَّة، بكلمتنا التي نجمعها من كل فكرٍ عربيٍ وطنيٍ شريف نصنع وعياً وثقافَة مقاومة ونصنع جيلاً من الشرفاء بدل العملاء، نحن مسؤولون أمام الله عن كل كلمة نتفوَه بها أو نكتبها لأنها فعلاً مسؤولية وفعلاً هي الشرف وفعلاً هي الخط الفاصل بين الحق والباطل وبين الموت والحياة وبين الجنة والنار، لكي تنهض أمتنا يجب أن نحرص على مخارج كلماتنا متى وأين وكيف تخرج من أفواهنا الكلمة، ونتأسى بقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا وأمرنا في حديثه الصحيح (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت...)، فالكلمة ضدها الصمت، ومن صمت فقد نجا من كل شر، لذلك كانت الكلمة هي المسؤولية والأمانة، وقد روى الطبراني من حديث أسود بن أصرم المحاربي، قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: (هل تملك لسانك ؟ " قلت: ما أملك إذا لم أملك لساني؟ قال: "فهل تملك يدك؟ " قلت: فما أملك إذا لم أملك يدي؟ قال: " فلا تقل بلسانك إلا معروفا، ولا تبسط يدك إلا إلى خير)، وفي حديث سليمان بن سحيم، عن أمه، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل ليدنو من الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيتكلم بالكلمة، فيتباعد بها أبعد من صنعاء ")، وقول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ماندمت على سكوتي مرة، لكنني ندمت على الكلام مراراً).
لسانك حصانك.. إن صنته صانك وإن خنته خانك
هذا المثل متداول بين العرب منذ ازمان بعيدة ويقال أنه ورد عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، والمعنى أنه يحث الناس على الانتباه على الأقوال والكلام الصادر منهم، وذلك لأن الكلمات والأقوال غير المدروسة قد تسبب الكثير من المشاكل للإنسان بالإضافة إلى ارتكاب الإثم في القول غير المشروع، الآن... فلنتأمل معا هذه الكلمات.. هذه المعانى.. فليتدبر كل إنسان منا، كل قاضٍ، كل رجل دين، كل إعلامى، كل رجل قانون، كل مسؤول، كل أديب، كل شاعر، كل معلم، كل عالم، كل فنان كل إعلامى هذه المعانى ليستشعروا أهمية الكلمة المنطوقة والمكتوبة «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم»....
القرآن ما هو إلا كلام الله.. دعوة الانبياء والرسل بكلمة... دخولك الاسلام بكلمة.. خروجك من إسلامك بكلمة.... الزواج بكلمة.. الطلاق بكلمة... الندم على كلمة، الاعتذار بكلمة عن كلمة.. الاستغفار بكلمة... الحمد والشكر بكلمة... التسبيح بكلمة.. النصيحة كلمة.. الذم كلمة.. جرح اللسان بكلمة... قال النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضى الله عنه «وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم»...
الحرب تبدأ بكلمة..السلام يعم بكلمة.. فرح الفؤاد بكلمة... العقود والمعاهدات كلمة.. البغضاء والكره من كلمة...النفاق كلمة.... الصدق كلمة... الكذب كلمة.. الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بكلمة... كل أفعالنا وأعمالنا هي عبارة عن كلمة.
قدسية الكلمة
فهل نعي وندرك حقاً معنى وقيمة الكلمة، إن قدسية الكلمة هى مقياس تقدم الحضارة الإنسانية ورقيها، وعندما تستباح الكلمة تتوحش الإنسانية وتنهار الممالك.. أعظم قادة العالم نجحوا بالكلمة وسقطوا أيضًا بالكلمة، فالكلمة طوق نجاة لناطقها إن أدرك قوتها وأحسن استخدامها.. إن الكلمة مسؤولية.
لقد افتقدنا القدرة على الوفاء بالوعود نتيجة إهدارنا لمعنى وقيمة الكلمة، كلنا قصرنا فى تربية وتدريب وتأهيل جيل جديد يدرك معنى وقيمة الكلمة ومدى ضرورة الالتزام بالكلمة وتحمل المسؤولية المترتبة على كلمته، تربية وتعليم وإعلام وصحافة كلها ساعدت فى انهيار معنى وقيمة الكلمة.
إن إعادة تصويب المفهوم للكلمة وتعليم الأطفال من جديد لمعنى وقيمة الكلمة يعد بمثابة الفرض اليوم، فالكلمة هى مفتاح بناء الدولة الحديثة التي نحلم بها جميعا، فالكلمة تعني العهد والإلتزام والوفاء.. إن الكلمة مسؤولية.
علماء الاجتماع والقائمون على وزارات التربية والتعليم، الثقافة، الشباب والرياضة، وسائل الإعلام، المجالس القومية المتخصصة والفنانون مطالبون جميعاً باستعادة قيمة معنى وقيمة الكلمة فى المجتمع من جديد، وقد يكون ضربًا من الخيال ما نطالب به إلا أن بلادنا تحتاج اليوم وبشدة إلى الكلمة الرشيدة الواعية.
كسرة اخيرة
انتقوا كلماتكم بِدِقَّة واحذروا أَن تُلامس الكلمة مشاعر الحزن داخلنا. يكفينا حزناً وقهراً وتجبُراً.. اجعلوا من كلماتكم مصدر سعادة وإِلهام وتفاؤل وحب للحياة، اجعلوا كلماتكم مَنح سعادة للنفس والروح.
فاطمة بنت يوسف الغزال
الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2184
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2097
| 10 ديسمبر 2025