رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعتمد كل حاكم طاغية وكل حكومة ظالمة على عنصرين ووسيلتين رئيستين هما الإعلام الكاذب والقضاء الفاسد، فبهما يقوى الطغاة ومن خلالهما يبطشون وعن طريقهما يظلمون شعوبهم، وإن أردنا أن نشبههما بشكل آخر نقول بأنهما – أي الإعلام الكاذب والقضاء الفاسد – بمثابة رِجلين يقف بهما كل طاغية وكل حكومة ظالمة على الأرض ويمشي بهما بين الناس وبمثابة يدين تبطشان وتضربان بقوّة كل من يعترض الحاكم أو يأبى الانصياع لأوامره بل والخنوع والخضوع والركوع والإذلال بين يديه.
وقد بدى جليّاً أن هذين العنصرين أو هاتين الأداتين راسختين وضاربتين بجذورهما أعماق الأرض في كثير من دول العالم العربي والإسلامي تحديداً، بل أصبح العالم العربي على وجه الخصوص مضرب أمثال الأمم وحكاية تتندر بها شعوب العالم وتتسلّى من كثرة ما يحدث فيه من ظلم وطغيان على يد حكّام استولوا على خيرات بلادهم واستنزفوها بعد أن استولوا على الحكم في بلادهم.. كلٌ حسب طريقته ومغامراته البطولية التي تشابه مغامرات "الكاوبوي أو رعاة البقر" حين يسيطرون على "قطعان" البقر أو الأغنام وسط صرخات غوغائية همجية!
ولا أزعم هنا أن العالم لم يشهد حكّاماً طغاة أو ملوكاً جبابرة إلا في عالمنا العربي والإسلامي فقد كان هناك من الطغاة والظلمة الكثير في أنحاء العالم في أماكن متفرقة وأوقات متعددة ولكننا إذا نظرنا إلى وضع عالمنا العربي تحديداً – قبل وبعد ثورات الربيع العربي – نجد أن هناك كثافة في عدد الطغاة وفي مدة حكمهم كذلك حيث ابتليت الأمة العربية والإسلامية بحكّام جثموا على صدرها لعشرات السنين وهم يعيثون فساداً وظلماً وسرقة لخيرات بلادهم مستعينين بذلك كما أسلفنا بإعلام كاذب ومضلل للرأي العام ومزيّف للحقائق وبقضاء فاسد تضيع فيه الحقوق وتهان فيه الكرامة ويتلاشى فيه العدل.
إن الأمة العربية عانت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق وغيرها من الدول من سلسلة تعاقبت عليها من الطغاة والجبابرة الذين عاثوا فيها فساداً لا لقوّتهم الحقيقية ولا لعقولهم الذكيّة وإنما لهيمنتهم على الإعلام والقضاء فمن خلال الإعلام الكاذب ضلّلوا الشعوب وجعلوها تنشغل في توافه الأمور كالفن والرياضة وفي مستنقعات الرذيلة وأدران المنكرات ريثما يقوم الحاكم وبطانته وأسرته وحزبه بسرقة أكبر قدر ممكن من خيرات بلاده وبالتعاون مع أكبر قدر ممكن من الأعداء والمرتزقة الذين يتقاسمون معهم تلك الخيرات في مقابل دعم إعلامي أو سياسي دولي أو قوّة عسكرية وحماية دولية، ومن خلال الإعلام الكاذب أيضاً صنعوا للطغاة صورة مغايرة عن الواقع فمجّدوا أعمالهم الإنسانية "الشكلية" وأخفوا جرائمهم الوحشية "الفعلية" كما قاموا بتضخيم كل عملٍ صغير قاموا به وتهوين كل جرمٍ كبير ارتكبوه حتى أصبحت أخبارهم تستحوذ على أغلب نشرات الأخبار بل وصنعوا منهم طغاة قبل أن يصبحوا طغاة بالفعل عندما عظّموا في شخصية الحاكم أن الوطن يساوي الحاكم وأن الحاكم يساوي الوطن وأن الشعب يطيع ويسمع ولا رأي له ولا صوت في وجود أمر الحاكم وقراراته.
ومن خلال القضاء الفاسد وطّد الحكام الظلمة حكمهم عندما ضاعت حقوق الناس في شؤونهم الخاصّة فأصبح المواطن في تلك الدول يعرف أن طريق المحكمة لن يجلب له حقّه ممن ظلمه بل إنه سيجلب له المزيد من الذلّة والمهانة وهضم الحقوق إذ لاعجب أن ينصر القاضي الظالم على المظلوم بل وأن يحكم بسجن المظلوم أو جلده أو ربما يأمر بالاستيلاء على ما تبقّى من ممتلكاته ليحظى القاضي بنصيبه كذلك من تلك السرقات ناهيك عن الرشاوى التي تمكّنت من المحاكم والقضاة حتى أصبحت المحاكم ودور القضاء من أفظع الأماكن وأشدّها سلباً للحقوق وضياعاً للعدل.
وإذا كان حديثي السابق انشائياً فضفاضاً في الحديث عن ذلك الإعلام الكاذب والقضاء الفاسد فإنه يبدو جليّاً واضحاً في يومنا الحاضر عندما يستعرض أحدنا مايجري من أحداث مؤلمة ومحزنة بشكل يومي في مصر وما يحدث من خلال الإعلام والقضاء المصري الذي أصبح مثالاً للكذب والظلم من فرط تمجيده للسيسي وظلمه للشعب المصري وليس الإخوان المسلمين فحسب، فالإعلام المصري أصبح مثالاً مخزياً للكذب في عصر الحقائق الدامغة والأدلّة القاطعة والمعلومات الصحيحة ولهذا فإننا لا نستغرب أن يقوم السيسي بإغلاق كل القنوات الإسلامية الهادفة والقنوات الأخرى الصادقة لأن الطغاة يضيقون ذرعاً بسماع أصوات لا تمجّدهم ولا ترضي غرورهم وفي الوقت نفسه تفضحهم وتكشف حقيقتهم!
بقي أن نقول بأن الإعلام الكاذب قد يكون خطره أكثر من القضاء الفاسد ذلك لأن الإعلام المزيّف للحقائق هو العنصر الأول في صناعة الكذب وتشويه الحقائق ثم يأتي القضاء ليستكمل ما بدأه ذلك الإعلام من كذب وخداع، وبقي أن نقول كذلك بأن هناك دولاً قد لا تعاني الآن من وجود طغاة ولا من ظلمة وإنما قد تتأثر بنهج ذلك الإعلام الكاذب في تلك الدول فتبدأ في تمجيد الحاكم وتقديس شخصيّته حتى يصبح الحاكم ظالماً وتصبح الحكومة فاسدة نتيجة قيام الإعلام بتضخيم الإيجابيات وتهميش السلبيات وإظهار الصورة للحاكم أن بلاده وشعبه لا يعانون من شيء وأنهم يعيشون حياة مترفة بينما الواقع يقول عكس ذلك..وهكذا فإن الإعلام قد يصنع الطغاة في دول أخرى إذا ما انتهج نهج الكذب والتضليل للرأي العام..ونهج المدح والتمجيد المبالغ فيه للحاكم أوالحكومة.
الإعلام والرأي العام.. وكسب العقول والقلوب!!
صادف أمس الذكرى 29 لانطلاق شبكة الجزيرة بقنواتها ومنابرها المتعددة في عصر الإعلام لتشكل رقما صعبا ومؤثراً بإحداث... اقرأ المزيد
171
| 02 نوفمبر 2025
الســـودان القضيــة التي ماتت
عام 2025 يوشك على الانتهاء بعد شهرين من الآن وأزمة السودان التي تفجرت منذ 15 أبريل 2023 تتفاقم... اقرأ المزيد
198
| 02 نوفمبر 2025
الذكاء الاصطناعي.. من يقرر ملامح الحقيقة القادمة؟
لم يعد سؤال الهيمنة في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد منافسة تقنية على أدوات السيطرة، بل تحوّلًا بنيويًا في... اقرأ المزيد
147
| 02 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6693
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2754
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2418
| 30 أكتوبر 2025