رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
(1)
يسألني الشباب عن أمرٍ ما؛ يعتقدون أن في جعبتي إجابة جاهزة، علَّمتني إياها سنون العمر الطويلة.
في حين أن الدرس الذي تعلَّمته -فعلاً- هو أن لا حلول جاهزة، وإنك حتى تعرف الإجابة يجب أن تخوض في الأمر، يجب أن تختبره، وبحسب النتيجة يمكنك اتخاذ القرار، إما أن تمضي في طريقك، أو تتوقَّف عنه وتعود إلى نقطة الصفر؛ لتبدأ من جديد في اتجاه آخر، وهو ما يسمى بـ: (التجربة).
بالتأكيد تكلِّفك التجربة وقتًا، ومالاً، وأمورًا معنوية أخرى؛ خصوصا إذا باءت التجربة بنتائج سلبية، مما يصيبك بالإحباط، لاستنزاف التجربة منك جهدًا كبيرًا، لكن للأسف ما من حلٍّ آخر.
(2)
كنتُ أعتقد أن بصمات اليد هي التي تختلف من شخص لآخر، لذلك اُعتمدت في الأبحاث الجنائية طريقة يمكن التعرف بها على صاحبها، لكن ما تعلَّمته هو أن بصمات اليد ليست وحدها التي تختلف، وإنما كل إنسان منَّا له هويته الخاصة، وحالته المميزة، وكينونته التي لا تتشابه مع الآخرين.
أنت في حد ذاتك حالة مختلفة مهما بدا أنها تُشبه حالة أخرى، وما يصلح معك قد لا يصلح معي، والعكس صحيح، رغم أننا متشابهان في واقعنا، وفي عمرنا، وفي بلدينا، بل وربما متشابهان في نوع التجربة التي نخوضها، وفي النقطة التي سننطلق منها، والنقطة التي نريد الوصول إليها.
لذلك لا إجابات جاهزة في الحياة، وإنما عليك خوض التجربة بنفسك.
تعلَّمتُ هذا الدرس في عمر متأخر، عندما كنت -ذات مرة- في زيارة مريض عزيز، وفُتح نقاش طويل، أخبرنا الطبيب يومها أن المرضى بهذا النوع من المرض يتناولون دواءً ما، لكن نتائجه تختلف من شخص لآخر، هذا يتأثَّر به ويُشفى، وهذا لا يفعل فعله معه، نفس المرض، نفس العلاج، نفس العمر، لكن النتائج مختلفة.
تقضي عدة أيام تدرس موادَّ بعينها، وتخلص إلى أنك أحببتها، وتريد أن تلتحق بالكلية التي تدرِّسها، لكن بعد الخوض فيها قد تغيِّر رأيك!
بل قد تحسم أمورك في اختيار الإعلام -مثلاً- تخصصًا دراسيًّا، لكن من الصعب أن تحدِّد -من البداية- أي فرع منه ستدرس، وسيكون عليك أن تقرأ كثيرًا، وتفكِّر كثيرًا، ثم تختار، ثم تخوض التجربة، فإما أن تستمر في تخصصك، وإما أن تهرع إلى تخصص آخر.
(3)
نعم يبدو الأمر مكلِّفًا، لكن لا يجب أن تحسب خسائره فقط، وإنما احسب أيضًا فوائده؛ فأنت بعد التجربة شخص مختلف، وعندما تعود إلى نقطة الصفر لتبدأ من جديد لن تكون نفس الشخص الذي بدأ من الصفر مِن قبل.
لا تعود أبدا من أي تجربة وأنت خالي الوفاض؛ فكل خطوة تخطوها في حياتك سوف تستفيد منها بصورةٍ ما، التجربة هي المعلِّم، وأنت التلميذ، لذلك يجب عليك أن تصغي جيدًا إلى تجربتك.
وهذا هو الذي يختلف فيه الناس، بين تلميذ مُجدٍّ استفاد من دروسه، وبين تلميذ غير ذلك، خرج من التجربة كما دخل فيها، ثم هو يلعن الحظ والنصيب والدنيا والظروف، ولا يلوم نفسه أبدًا.
المهم في التجربة إدارتها، واستيعاب الرسائل التي تصلك وأنت تخوض فيها، وتحليلها، والاستفادة منها، بغض النظر أن تمضي في الأمر لاحقًا، أو أن تُنهي التجربة، وتعود من جديد.
(4)
لا تقارن نفسك بآخر أبدًا مهما تشابهت الظروف، أنت تُدرك التشابه الظاهري، لكنك لا تعلم الاختلافات الداخلية بينكما، وبالتالي من الغباء أن تتوقع نفس النتائج التي حصل عليها آخرون.
أسأل أحدًا مرَّ بالتجربة التي تنوي الخوض فيها، قد يمنحك عصارة تجربته، لكن لا تتوقع أبدًا أن تحصل على ذات النتائج أنت كذلك؛ هناك خصوصية في حالتك تختلف عن خصوصيته، ما يُخبرك به هو أشبه بعلامات على الطريق، قد تساعدك، وقد لا تجدها عندما تخوض بنفسك في الطريق، فثمة عواصف تطيح بالعلامات.
(5)
اقرأ ألف كتاب ، وتعلَّم ألف حكمة، لكن عندما تدس قدميك في التراب، وتخوض في الوحل، وتشق طريقك، فإنك ستجد الأمر مختلفًا، تجربتك لها المذاق الخاص بها.
نحن نكبر وننضج بالتجربة، عمرك الحقيقي ليس مقترنًا بسنوات عمرك، وإنما بعدد تجاربك، بل الأحرى أن نقول: بنوعية تجاربك واختلافها، لذلك لا تبخل على نفسك بخوض تجربة تلو تجربة في حياتك.
ستلحظ ذلك بوضوح عندما تعود إلى دارك بعد تجربةٍ ما، فتجد أن رفيقك الذي لم يبارح داره لم يتغير قيد أنملة، ستراه وكأن الغبار يعلوه، فقد لزم السكون، وأنت تحركت، وتحمَّلت عناء الطريق، وتعلَّمت الكثير، ونضجت حتى بتَّ بتجاربك أكبر من سنوات عمرك الحقيقية.
في الحقيقة عندما تهرم ستنظر إلى الوراء وتدرك أن الحياة نفسها بكل ما مرَّ بك من قسوة إنما هي تجربة لن تتكرر أبدًا، ستنظر إليها من عل، وتضحك كثيرًا على أوقات ضعفت فيها، وأصابك اليأس، وتمنيت الراحة، ولم تكن تدرك أن الراحة ليست في الدنيا أبدًا.
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع الفرح والتطوير والازدهار وذلك مع اعلان مشروع «مرسى علم الروم»... اقرأ المزيد
993
| 12 نوفمبر 2025
لماذا تفشل أنظمتنا؟ البحث عن «البركة» في أوراق الحوكمة
هل سبق لك أن جلست في اجتماع عمل، ونظرت إلى اللوائح المعقدة المعلقة على الحائط، أو التقارير الدورية... اقرأ المزيد
447
| 12 نوفمبر 2025
ثقافة إيجابية الأخطاء
في بيئتنا الإدارية العربية، ما زال الخطأ يُعامَل كجريمة مهنية لا كمحطة تعلّم. يخاف الموظف من المجازفة لأن... اقرأ المزيد
612
| 12 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية


مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
14220
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7224
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
3660
| 10 نوفمبر 2025